معارك دبلوماسية وعسكرية متزامنة كتبه د. ياسر محجوب الحسين

معارك دبلوماسية وعسكرية متزامنة كتبه د. ياسر محجوب الحسين


09-15-2024, 02:34 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1726407254&rn=0


Post: #1
Title: معارك دبلوماسية وعسكرية متزامنة كتبه د. ياسر محجوب الحسين
Author: د. ياسر محجوب الحسين
Date: 09-15-2024, 02:34 PM

02:34 PM September, 15 2024

سودانيز اون لاين
د. ياسر محجوب الحسين-UK
مكتبتى
رابط مختصر



أمواج ناعمة





ما بين معارك الجيش السوداني على الأرض لتخليص البلاد من جرائم مليشيا الدعم السريع، ومعارك الدولة على الصعيد الدبلوماسي، وأروقة الأمم المتحدة تزامن، وتشابه كأنما هو عزف من نوتة موسيقية تنبئنا بنوع النغمة وزمنها؛ فبعد استيعاب الصدمة في بداية الانقلاب المباغت في أبريل 2023 الذي تورطت فيه المليشيا امتلك الجيش السوداني بعد فترة زمام المبادرة مستخدماً خططاً احترافية ذات نفس طويل جعلت المليشيا تتراجع بشكل مستمر رغم الدعم الخارجي بشرياً، وعسكرياً، ولوجستياً، فتحولت لعصابات تائهة لا تجيد سوى النهب، والسرقة، والاغتصاب، وترويع المواطنين، وفي أحسن الأحوال التدوين العشوائي الجبان نحو المدن، أما مواجهة الجيش وجها لوجه فهي لا تستطيع فعل ذلك، وقد غدا حال قادتها في الصفوف الأولى، والثانية، والثالثة ما بين قتيل، وهارب خائف يترقب يطلبون من داعميهم الخارجيين تنجيتهم من بطش الجيش السوداني.
هذا التقدم على الصعيد العملياتي العسكري فضلاً عن السند الجماهيري، والمقاومة الشعبية، وتحالف حركات دارفور المسلحة كل ذلك كان زاداً، ووقوداً لتحركات دبلوماسية شكلت مواقف قوية ممانعة لتقديم أي تنازلات سياسية تفسح المجال لعودة ما للمليشيا، أو منحها مشروعية سياسية فقدتها حتما قبل ذلك بسبب فقدانها المشروعية الأخلاقية من خلال جرائمها ضد الإنسانية التي سارت بها الرياح وعلمها القاصي، والداني، وعجزت عن مداراتها القوى الإقليمية، والدولية الداعمة لها. لقد كان موقف الحكومة السودانية الممانع لمفاوضات جنيف التي دعت لها واشنطن في 14 أغسطس الماضي قوياً تجسدت فيه الإرادة السياسية القوية المدعومة بسند شعبي قوي، وموقف عملياتي عسكري متقدم.
إن الاستجابة لمفاوضات جنيف كانت ستكون خصماً على تماسك الجبهة الداخلية، والانتصارات العسكرية للجيش التي تتحقق بوتيرة متزايدة، ولعل هذا هو الهدف من توريط البلاد في تلك المفاوضات تحت شعارات رنانة بوقف الحرب، وإرساء السلام، وتوصيل المساعدات الإنسانية التي لم تصل للمستحقين في معسكرات تشاد، وأفريقيا الوسطى إن كانت هناك جدية من المجتمع الدولي، أو من يتحدث باسم هذا المجتمع المثالي الذي لم يعد إلا كطائر العنقاء الخرافي.
في أروقة الأمم المتحدة، ومنظماتها، ومجلس الأمن دارت معارك دبلوماسية خرج منها السودان منتصراً، وبأقل الخسائر؛ فرغم ثبات جرائم مليشيا الدعم السريع إلا أن بعض التقارير تقحم الجيش السوداني إقحاماً، لتخفيف الضغط على المليشيا، وإرضاء داعميها الدوليين عبر الحديث عما يصفونه بأطراف النزاع، والإيحاء بأن الجيش طرف مقابل لمليشيا متمردة مجرمة. فكيف لجيش يقوم بواجبه الدستوري في حماية البلاد، ومواطنيها يعتبر طرفا مع مليشيا أكثر من نحو 80 % من عناصرها مرتزقة أجانب من خارج الحدود بل كيف لجيش عمره أكثر من مائة عام خاض حروباً عديدة، وشارك في استتباب الأمن في العراق، والكويت ولبنان، ومصر، والعديد من الدول الأفريقية أن يكون شريكاً في الجرائم التي ترتكبها المليشيا؟.
بيد أن تقارير الأمم المتحدة نفسها تكشف زيف مزاعمها ضد الجيش من خلال حديث معمم يشمله، لكن هذه التقارير لا تملك إلا الحديث بشكل واضح، ومحدد عن جرائم مليشيا الدعم السريع؛ فبحسب تقرير بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان، فقد أشار تقريرها إلى أن المليشيا ارتكبت اعتداءات مُرعبة ضد مجتمع المساليت في مدينة الجنينة وحولها بغرب دارفور تضمّنت القتل، والتعذيب، والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي، وتدمير الممتلكات والنهب. كما ذكر التقرير أنه وجد أن هناك «أسبابا معقولة للاعتقاد» بأن المليشيا ارتكبت جرائم حرب أخرى من بينها الاستعباد الجنسي وتجنيد الأطفال دون سن 15 عاما، وقامت بأفعال أخرى قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية بما في ذلك الاسترقاق، والاضطهاد على أسس عرقية، والتهجير القسري للسكان.
وعلى ضوء ذلك تم تمديد فني، وروتيني لحظر دخول الأسلحة إلى دارفور. وهو قرار يحمل الرقم 1591 كان قد فرض قبل عشرين عاما في 2004، وطالب السودان بإلغائه لأنه يحد من قدرة الجيش على بسط الأمن، وتأمين عودة المواطنين ودحر المليشيا المجرمة، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إليهم. ويغض طائر العنقاء الطرف عن أن حماية المدنيين تتطلب تحركًا وإمدادات للقوات النظامية، وهو غير مهتم بأن عدم إعادة توازن القوى في دارفور لصالح الجيش، والقوات النظامية سيؤثر سلبًا على جهود الدولة السودانية في حماية المدنيين.
وفيما تراوح جهود من سمته الولايات المتحدة الأمريكية مبعوثاً خاصا لها إلى السودان مكانها، يبقى يحوم حول الحمى، ولا يقربه؛ فالرجل يقوم بجولات مكوكية في جوار السودان وما أبعد، مثل أثيوبيا، والسعودية، ومصر، وكينيا زاعماً بحثه عن حل للأزمة السودانية لكنه لا يصل مدينة بورتسودان المقر الحالي للحكومة السودانية. وطالب مرة في محاولة لذر الرماد على العيون بزيارة بورتسودان مشترطاً أن يبقى في المطار برفقة قوة حماية أمريكية على أن يحجّ إليه المسؤولون وبينهم دستوريون في المطار، والرجل الذي ربما هو أقل من مستوى مدير إدارة بالخارجية الأمريكية لم يكن يريد زيارة السودان، ولذلك وضع تلك الشروط التعجيزية التي كشفت نواياه الحقيقية. وتحدث يوماً في العاصمة الكينية نيروبي باسم السودانيين، زاعما بأن وجود ما أسماهم بالإسلاميين، في المشهد الحالي، «يمثل مشكلة كبيرة لنا وللسودانيين»، مضيفاً بدون إثبات: «نعلم أن هناك مقاتلين منهم داخل الجيش، وهناك من جاءوا من خارج البلاد وانضموا للحرب». ولم يتحدث يوماً عن الأجانب الذين استجلبتهم المليشيا من نحو 17 دولة ليقاتلوا معها!. فالرجل جعل من نفسه طرفاً في التفاعلات السودانية الداخلية فكيف يكون نزيهاً، ويقدم حلولاً نزيهة للأزمة في البلاد؟!.