Post: #1
Title: تنزيه النبي الخليفة عن تشويه المرويات الضعيفة كتبه محمد الصادق
Author: محمد الصادق
Date: 08-31-2024, 02:46 PM
02:46 PM August, 31 2024 سودانيز اون لاين محمد الصادق-السودان مكتبتى رابط مختصر
تنزيه النبي الخليفة عن تشويه المرويات الضعيفة
تعهُّد الله بحفظ القرآن أمر ثابت وواضح، والتواتر بالطبع احد وسائل ذلك الحفظ، ولكن طبيعة النص القرآني هي ما حفظت القرآن، فالبيان القرآني (معجز) بشكلٍ غير متناهٍ، ومن ذلك -مثلا- اسلوب التكرار، إذ تتكرر المعاني بألفاظ مختلفة، مثلما رأينا في آيتي الأعراف وطه: (إلا أن تكونا ملِكين) و (مُلك لا يبلي)، وهذا لا يساعد فقط علي ضبط الشكل، وإنما كذلك علي ضبط التفسير، حتي لا يتم التحريف من جهة المعني، بإلصاق معانٍ بعيدة عن دلالات الألفاظ.
لقد أخطأ آدم لمّا نسي إرشاد الله له: {فَلَا یُخۡرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلۡجَنَّةِ فَتَشۡقَى} وقد ذكر الله ذلك: {وَلَقَدۡ عَهِدۡنَاۤ إِلَىٰۤ ءَادَمَ مِن قَبۡلُ فَنَسِی َولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}، وقد فهم بعض المفسرين من قوله: {ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}: أي "ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا عَلى الذَّنْب"ِ.
وعلي حسب ما ذكرنا في موضوعنا السابق: (تصحيف وتحريف في تشكيل المصحف الشريف) فإن اهباط آدم للأرض وفصل الأرض بعيدا عن السماء، لم يكن عقوبة لآدم، وإنما كان هذا بسبب كفر إبليس كما جاء في الآية: {أَوَلَمۡ یَرَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡض َ كَانَتَا رَتۡقࣰا فَفَتَقۡنَـٰهُمَاۖ }، وذلك لأن آدم خُلق أصلا ليكون خليفة الله في الأرض، ولذلك لا يمكن أبدا القول أن وجودنا على الأرض كان عقوبة لأبينا آدم، وأن العقوبة أوخذت بها ذريته، كما تزعم الإسرائيليات والمرويات الضعيفة التي تعجّ بها كتب التفاسير، مثل تلك التي تدّعي أن النبي موسي القي باللائمة علي أبيه آدم لانسلاخه من الجنة !!
يكفي سيدنا آدم أنه من الأنبياء المصطفين: {إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰۤ ءَادَمَ وَنُوحࣰا وَءَالَ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَءَالَ عِمۡرَ ٰنَ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ} والأنبياء بشر لكنهم أقرب إلى الكمال. وبالطبع فقد لقي خطأ النبي آدم توبيخا من الخالق سبحانه، لأنه أفسد عيشه، ولقد رأينا توبيخات مماثلة للنبي محمد: {فَلَعَلَّكَ بَـٰخِعࣱ نَّفۡسَكَ عَلَىٰۤ ءَاثَـٰرِهِمۡ إِن لَّمۡ یُؤۡمِنُوا۟ بِهَـٰذَا ٱلۡحَدِیثِ أَسَفًا}، فالذي جلب العتاب هو فرط حرص محمد علي أمر الدعوة، وكأنه يريد أن يهدي الناس جميعا: {أنك لا تهدي من أحببت)، فالتوبيخ جاء من باب الحنو والرأفة: {فلعلك باخع نفسك}، {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقي}. لقد كان النبي محمد يصلي حتي تتورم قدماه وتتشقق، ولم يكلفه الله بما لا يطيق، فنبههه الله: {لِّیَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} فكان بعد هذا يقول للمتشددين: أنه يصلي وينام ويصوم ويفطر، ولكن حتي بعد هذا نجد رسولنا الكريم يختار عيشة الفقراء حتي مات ودرعه مرهون بحفنات من شعير، وهو ما يحاول الآن محبو الدنيا محوه من سيرة إمام الزاهدين !!
لماذا لا نحسن الظن بالنبي آدم ونقارنه بالأنبياء من باب قول الله: {إِنَّ عِبَادِی لَیۡسَ لَكَ عَلَیۡهِمۡ سُلۡطَـٰنٌ}، ومن أعبد من أنبياء الله؟! ولذلك ينبغي الحذر كل الحذر عند المرور علي مثل العبارات القرآنية: {فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ}، {وَعَصَىٰۤ ءَادَمُ رَبَّهُۥ فَغَوَىٰ}، {فَلَا یُخۡرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلۡجَنَّةِ فَتَشۡقَىٰۤ}، {فانسلخ منها}، {فَأَتۡبَعَهُ ٱلشَّیۡطَـٰن ُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡغَاوِینَ}، {كَمَثَلِ ٱلۡكَلۡب ِ إِن تَحۡمِلۡ عَلَیۡهِ یَلۡهَثۡ}، فهذه كلها إنما تعبر فقط عن إنفصال الأرض بعيدا عن السماء، وآثار ذلك على حياة آدم. فمن بيان القرآن أنه يستخدم تارة ألفاظ مجازية واحيانا حقيقية، فالظلم هنا يشير إلي فساد حياة آدم، واستبدال الأعلي بالأدني، والشقاء هنا دنيوي مؤقت وليس ذلك الأخروي الدائم الذي ورد في آيات أخري. أما الإغواء هنا فليس معناه الضلال، وأنما يتبين معناه من قراءة الآيات مع بعضها، ففي سورة طه: وَعَصَىٰۤ ءَادَمُ رَبَّهُۥ فَغَوَىٰ}، وفي الأعراف: {فَأَتۡبَعَهُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡغَاوِینَ} فالغواية في آية طه قصد بها الفساد والتخمة، التي منعت آدم من استئناف الصعود إلي الجنة، وأصلها في اللغة: (غوي الفصيل أي بشم من شرب اللبن)، وآية الأعراف تشير إلي ابتعاد الأرض وبها آدم وإبليس، فكلمة {أتبعه} فعل متعدي والمعني (ألحقه)، أي أن الله اهبط إبليس أولا إلي الأرض، ثم ألحق آدم بأبليس، ثم فصل الأرض بعيدا عن السماء. أما الإنسلاخ من الآيات فهو إشارة إلي مفارقة الجنان، وهذا معني (آيات) في قوله: {لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَایَـٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰۤ}.
إنه لمن غير المعقول أن يكون لهاث النبي آدم وإخلاده إلي الأرض، كلهاث كثير من ذريته الآن، الذين يتثاقلون إلي الأرض ويلهثون وراء متاع الدنيا وملذاتها، لا بد أن آدم بخع نفسه في طاعة الله، علي حساب راحته في الجنة، من أجل أداء مهام الخلافة علي أكمل وجه، مثلما كان يفعل خليفتا محمد، ٱلَّذَیۡنِ وصل بهما إقتداؤهما بصاحبهما، ان عدّا من أعباء الخلافة قيامهما بنفسيهما بتسخين الماء لعمليات توليد النساء، وكنس القمامة من مساكن الرعية !!
□■□■□■□■ >>> تذكرة متكررة
نذكّر بالدعاء علي الظالمين في كل الأوقات ..وفي الصلاة وخاصة في القنوت -قبل الركوع الثاني في الصبح علي الذين سفكوا الدماء واستحيوا النساء واخرجوا الناس من ديارهم وساموهم سوء العذاب وعلي كل من أعان علي ذلك بأدني فعل أو قول (اللهم اجعل ثأرنا علي من ظلمنا) فالله .. لا يهمل ادعوا عليهم ما حييتم ولا تيأسوا.. فدعاء المظلوم مستجاب ما في ذلك شك: {قُلۡ مَا یَعۡبَؤُا۟ بِكُمۡ رَبِّی لَوۡلَا دُعَاۤؤُكُم}.
|
|