Post: #1
Title: تصحيف وتحريف في تشكيل المصحف الشريف (١) كتبه محمد الصادق
Author: محمد الصادق
Date: 08-24-2024, 04:15 PM
04:15 PM August, 24 2024 سودانيز اون لاين محمد الصادق-السودان مكتبتى رابط مختصر
بسم الله وبحمده.
تشكيل المصحف قضية معروفة، ويكفنا هنا أن نذكر أن المصحف في صدر الإسلام كان من غير تنقيط ولا تشكيل، ويوجد الآن مصحف عثمان بدار الوثائق بالقاهرة غير منقوط ولا مشكول وقد تم نسخه عام ٢٥ هجري. ومعروف أن الناس كانوا يعتمدون في حفظ القرآن وتناقل العلم والأدب علي السماع.
القرآن يفسر بعضه بعضا، وبه آيات مكررة تارة باللفظ وتارة بالمعني، ولكن تشكيل القرآن الحالي لم يراع هذا في بعض الآيات، وأوضح مثال علي ذلك هو الآية ٢٠ الأعراف: {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَة ِ إِلَّاۤ أَن تَكُونَا مَلِكَیۡن ِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَـٰلِدِینَ} ففي مصاحفنا اليوم تشكيل اللام بالفتح وهو خطأ فادح ويؤدي إلي معني محرّف تماما. وكان ابن عباس ويحيى بن أبي كثير والضحاك يقرؤون : {إلا أن تكونا ملِكين} بكسر اللام. جاء في تفسير الطبري: "حدثني أحمد بن يوسف قال، حدثني القاسم بن سلام قال، حدثنا حجاج عن هارون قال، حدثنا يعلى بن حكيم عن يحيى بن أبي كثير أنه قرأها: {مَلِكَيْنِ} بكسر اللام".
وفي الطبري ايضا: "وكأنَّ ابن عباس ويحيى وجَّها تأويل الكلام إلى أن الشيطان قال لهما: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملِكين من الملوك، وأنهما تأوّلا في ذلك قول الله في موضع آخر: {قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى} [سورة طه: 120]."
وفي تفسير القرطبي: "قال ابن عباس : أتاهما الملعون من جهة المُلك، ولهذا قال : {هل أدلك على شجرة الخلد ومُلك لا يبلى}. وزعم أبو عبيد أن احتجاج يحيى بن أبي كثير بقوله : {وملك لا يبلى} حجة بينة"
> ونقول أن هذه فعلا حجة بينة، ولم نجد -من خلال بحثنا- رداً علي هذه الحجة، ولم نجد كذلك حجة أوضح منها لأنها تعتمد علي آية اخري تحمل نفس المعني، لأن الآيتين تحكيان قصة واحدة. فتشكيل كلمة (ملكين) بفتح اللام يناقض معني آية[طه] ولذلك تفسير آية الأعراف: أن الشيطان اغري النبي آدم بأن يكون ملَكا من الملائكة، هو تحريف للمعني لأن سورة طه تبين بوضوح أنه أغراه بالخلود، وبأن يكون ملِكا من الملوك. وهذا يؤدي إلي معاني اخري مختلفة عن المعاني الصحيحة، فإبن عباس والزجاج وكثير من العلماء يرون تفضيل المؤمنين على الملائكة، بعكس آخرين اوهمتهم القراءة الخاطئة لآية الأعراف. أيضا القراءة الخاطئة لا تؤدي إلي الفهم الصحيح لقصة آدم والتوهم بأن القصة بها متناقضات، فمثلا يدّعون أنه من غير المفهوم التقاء آدم بإبليس بعد طرده من الجنة حينما خدعه، لكن بإعتبار أن آدم خُدع بالمُلك نفهم أنه كان مع إبليس علي الأرض، لأن آدم جعله الله خليفة عليها، فأغراه إبليس بأن يكون ملكا علي الأرض، وهذا يبدو جليا حينما نقارن ورود العبارات: (هذه الشجرة) مرة في كلام الله تعالي ومرة بلسان ابليس، وعبارة (تلكما الشجرة) في كلام الله:
- {وَنَادَاٰهُمَا رَبُّهُمَاۤ أَلَمۡ أَنۡهَكُمَا عَن تِلۡكُمَا ٱلشَّجَرَةِ}
- {وَلَا تَقۡرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ} - {وَقَالَ مَا نَهَاٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ} والمسألة تتضح في سورة الأنبياء: {أَوَلَمۡ یَرَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقࣰا فَفَتَقۡنَـٰهُمَاۖ} حيث نفهم أنه حينما حدثت الخديعة كانت السموات والأرض ملتصقتين، وكان إبليس قد طرد من الجنان في السماوات لكن آدم كان يتنقل بين السماوات والأرض، والله حينما قال لآدم {وَلَا تَقۡرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ} كان آدم علي الأرض -بعد خلقه، والشجرة علي الأرض، ولذلك قيل له اسكن الجنة.. يعني اسكن فوق في الجنة، فلا يعقل أن يكون هو في الجنة ويقال له اسكن الجنة، وأما حينما قال {أَلَمۡ أَنۡهَكُمَا عَن تِلۡكُمَا} كانا في الجنة والشجرة في الأ رض ولذلك استخدم{تلكما} التي تشير إلى البعيد، وآية الأنبياء توضح ايضا أن آدم وحواء وإبليس لم يهبطوا إلي الأرض الحالية وإنما انفصلوا مع إنفصالها عن السماء.. وسنعرض لقصة آدم في موضوع منفصل -إن شاء الله. ¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤ نرجو من كل من فهم المعلومة أن يساهم بنشرها وبشرحها حتي تعم الفائدة، لا سيما وأن كل طبعات المصحف حاليا ترد فيها كلمة (ملكين) بفتح اللام، فهذه إذن نصيحة، والنصيحة كما في الحديث: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
|
|