Post: #1
Title: الأزمة السودانية و المقاربات الدولية بقلم المهندس أحمد نورين دينق
Author: أحمد نورين دينق
Date: 08-17-2024, 01:58 PM
01:58 PM August, 17 2024 سودانيز اون لاين أحمد نورين دينق-السودان مكتبتى رابط مختصر
آلة الحرب تلعب أدوار مهمة في تطور المجتمعات البشرية منذ قديم الزمان ، و في أوقات أخرى ، تعكس الآية ، فتكون سببا في تخلفها عن الركب ، ففي البحر ، مد و جزر ، و في المجتمعات البشرية ، خمود و إزدهار ، و الحرب أحد المنعطفات الطبيعية ، نحو الخمود الحضاري ، أو الإزدهار . . فإذا أفضت الحرب إلى تغليب قيم الخير و الإصلاح ، فالنتيجة الحتمية هي تحقق الإزدهار و النماء و التطور في ذلك المجتمع ، أما إذا أفضت لغير ذلك ، فالنتيجة الحتمية هي نقيض الحالة الأولى . المتابع الحصيف لنشوء الأمم ، يجد أن آلة الحرب ، تلعب دوراً كبيراً في صهر المكونات ، تماماً كما لا تقبل المعادن الإنصهار إلاّ في درجات الحرارة العالية ، فإن مكونات الأمة تقبل في الغالب الانصهار بعد تجريب آلة الحرب فيما بينها ، و نادرا ما يحدث خلاف ذلك ، و ما يحدث حالياً في السودان هو جزء من صيرورة حتمية لبناء مجتمع سوداني حديث بقيم ومبادئ يتفق عليها الجميع ، و نبذ القيم التي كانت سائدة قبل الحرب لدى بعض المكونات و التي تهدم ، و لا تبني ، مثل قيم السلب و النهب و التي تعدها بعض المكونات من الفروسية ؟ ! فمنذ وصول سيل السلاح الناري لأقاليم كردفان و دارفور ، و توافقه ، مع هذه الثقافات السالبة لبعض المكونات البشرية ، و ترافق ذلك ، مع تواطؤ الحكومات السودانية العسكرية المتعاقبة ، نتيجة لغياب بعد النظر لديها عن خطورة تحالف إنتشار السلاح غير الشرعي مع ثقافة الهمبتة و النهب و السلب و الاغتصاب ، في هذه الأقاليم ، كل ذلك ، أفضت إلى خروج هذه الأقاليم عن سيطرة الدولة السودانية خلال العقود الأربعة الماضية ، و لعل هذه الحرب ، هي الفرصة الذهبية ، للدولة السودانية ، لتصحيح المسار ، فيما يخص ، نزع سلاح هذه المليشيات ، و كسر شوكتها في هذه الأقاليم ، و محاربة القيم و الثقافات السالبة المتأصلة في بعض المكونات ، و التي تشكل ، عقبة كؤودة في تطور المجتمعات و الدولة المدنية في السودان ، فالمجتمع الذي يساند فيه بعض أفراده الشباب على إرتكاب الجرائم المنظمة ، هو مجتمع غير مؤهل لركوب قطار الحكم المدني و الديمقراطي ، و من أجل تأهيل المجتمع السوداني ، فلا بد من الوقوف مع المؤسسة العسكرية من أجل كسب الحرب ، و نزع السلاح غير الشرعي في كافة ربوع الوطن الحبيب ، و كسر شوكة الثقافات السالبة ، و بعد إنتهاء الحرب ، إما بانتصار مريح للجيش أو إستسلام كامل لهذه المليشيات ، في كافة المناطق ، و تسليم السلاح غير الشرعي ، و قبول المكونات المشجعة للثقافات السالبة بالتغيير و التقيد بضوابط الحكم المدني ، هكذا ، يمكن للشعب السوداني ، التفرغ لحرب مدني أخير يعالج مسألة خروج مؤسسة الجيش من السلطة ، و تسليم أمانة السلطة للمدنيين ، فإذا أفلح في ذلك ، و سيفلح ، فستكون هذه الحرب ، هي البداية الحقيقية لبناء سودان التقدم و الإزدهار و النماء .. فعلى الأسرة الدولية التعامل مع هذه الملفات السودانية ، بفهم ، أن لهذه الحرب دوراً في التأسيس لقيم جديدة ، قيم مهمة كانت مهملة في السابق ، و ألا تعرقل جهود المؤسسة العسكرية المفضية للانتصار فيها ، فكما ، يلجأ الطب إلى الجراحة و البتر للأعضاء كخيار أخير ، تلجأ الدول الراغبة في التشكل لخيار الحرب ، من أجل التأسيس لبعض القيم ، و التخلص من أخرى ضارة مضرة ، فمنح الفرصة تلو الأخرى للحكومة ، يعتبر من باب الحق و الواجب .
|
|