في مسألة الزي القومي بأولمبيات باريس!! كتبه حيدر الشيخ هلال

في مسألة الزي القومي بأولمبيات باريس!! كتبه حيدر الشيخ هلال


07-29-2024, 11:51 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1722250300&rn=0


Post: #1
Title: في مسألة الزي القومي بأولمبيات باريس!! كتبه حيدر الشيخ هلال
Author: حيدر الشيخ هلال
Date: 07-29-2024, 11:51 AM

11:51 AM July, 29 2024

سودانيز اون لاين
حيدر الشيخ هلال-قطر
مكتبتى
رابط مختصر





اتابع باهتمام اللغط الذي سببه ظهور ابطالنا المشاركين في اولمبياد باريس بالزي القومي السوداني ( المتعارف) عليه لدى جميع السودانيين كونه زيا مشتركا للسواد الاعظم منهم مما جعله يعتمد كزي رسمي لدى مؤسسات الدولة المختلفة دون ان يثير ذلك حفيظة أي من الاطراف!

يوم امس وانا اتسكع بين مواقع التواصل الاجتماعي قادتني اصابعي الى حجرة ( X space) تديرها الاعلامية النشطة الزميلة لبنى عصام. وبمجرد دخولي وقبل ان اعرف موضوع الاسبيس ولا طبيعة النقاش الدائر فيه قدمتني الاستاذة لبنى للحضور معرفة بي مشكورة. كسكرتير اعلامي وثقافي لرابطة كسلا في إشارة لإنتمائ الجهوي وسألتني مباشرة.. هل تم تمثيلكم وتمثيل تراثكم في اولمبياد باريس؟ والبحرف ( هل التوب ده بمثلكم)؟ صراحة لم استطع الرد عليها رغم انها اعطتني المايكرفون لاسباب تقنية وخرجت من الاسبيس بعد ان اعتذرت لها برسالة نصية.. رغم ان لدى الكثير لاقوله!!

أولاً! وقبل أن نخوض في تحليل او نقاش في هذا الموضوع واجب علينا ان نشكر ابناءنا الذين تكبدوا مشاق هذا العمل وشاركو ممثلين للوطن دافعهم حبه ووطنيتهم الصادقه ومنهم من كان لديه الفرصة بأن يشارك باسم بلاده التي ترعرع فيها وحمل اورقاها الثبوتية وقدمت له ما عجزت عنه حكوماتهم العاطلة في وطنهم الام ومع هذا وعلى صغر سنهم ويفاعة تجربتهم استشعروا حب الاوطان ولم ينسوا جذورهم واختارو طوعا ان يمثلوها مع فارق الامتيازات التي كان سيجدونها لو انهم شاركو باسم بلادهم الحالية! فلهم منا جزيل الشكر ولمثلهم ترفع القبعات ونسأل الله ان يوفقهم جميعا.

حقيقة اول ما جال بخاطري بعد سؤال الاستاذة لبنى الزوبعة التي افتعلتها مقدمة البرامج في التلفزيون القومي المتدربة (ايرا) التي وعن جهل منها وانانية لمشكلة صغيرة بينها وبين مديرها (البزعي) كادت ان تشعل فتنة الوطن في غنى عنها عندما اثارت قضية الزي الرسمي لتلفزيون السودان بسبب نقاش جانبي بينهما!!

كما اسلفنا سابقا فإن الزي القومي السوداني (الجلابية والعمة) للرجال و( التوب) للنساء ظل أمرا بديهيا متعارف عليه منذ عقود وطوال هذه الفترة لم ينظر إليه كأرث لجزء من السودان دون الاخر لجهة أن أي رجل سوداني مهما كانت خلفيته الاثنية (فالجلابية) المعروفة واحدة من ازياءه المعتمدة يرتديها بكل الحب والاريحية دون الاحساس بأنها مفروضة عليه أو انها لا تمثله،وكذلك (التوب) بالنسبة للمرأة، أي أنه كان أمر مسلما به لا يثير أي نوع من الحساسيات، مع إقرارنا بأن ثقافة الوسط هي التى سادت وهيمنت على الوعي العام باعتبارها ثقافة (محكى ومغنى) بها نتفاهم ونتقاصص ونغني!! ولكن لوهلة لم يعتقد أي منا أن الجلابية والتوب يميزها هي دون غيرها!!
وبطبيعة الحال إن الذي ساعد في تعميم ثقافة الوسط هو الالة الاعلامية الرسمية للبلد التي هيمن عليها المركز، لهذا كانت احتجاجات الهامش غالبا ما تركز على عدم عكس تراثها على القنوات الرسمية او عدم تمثيلها السياسي أو منحها الفرص الكافية لعكس ثقافتها بالشكل الكافي دون ان يتم التطرق لمسألة الزي القومي هذه بإعتباره أمر بديهي لا خلاف عليه أو بمعنى أنه يمثل الجميع بتباين ثقافتهم فهو قاسم مشترك لجل الثقافات!!

كنا في مامضى نحتفي ونحتفل بتنوعنا واختلافاتنا،، وكنا على وعي بالقدر الذي يتيح لنا ادارة هذا التنوع بشكل احتفائي يثري ترابطنا اكثر من تفتيتنا،، الذي جرى مؤخرا إن الحرب جرتنا لقاع بعيدا جدا،، فواحدة من اهداف هذه الحرب هي تكسير القواسم المشتركة وتدمير وتفتيت الوجدان الموحد و الثوابت التي تجمعنا!! وخلق التوتر الكافي الذي يتيح لنا عدم تفهم وجهة نظر مغايرة ناهيك عن تقبل ثقافة غيرنا من ابناء الوطن!!

فالان!! ودون وعي منك انت تبحث عن عوامل الفرقة والشتات وتغوص عميقا الى تلك النقطة المظلمة فيك لتخرج مايثبت انك لست ذلك الاخر.. بل انت لا تعرفه.. إنه لا يمثلني!! نحن نعيش حالة انكار.. ننكر فيها ماتعارفنا عليه.. ننكر فيه قواسمنا الجميلة وننبذ كل ما من شأنه يعرف بنا كوحدة قومية واحدة تشكلت هويتها الواحدة نتاج انصهار ثقافي ومجتمعي غائر في التاريخ!!

المسألة ليست مسألة زي، انما هو تفكك شامل للوجدان المشترك الذي كان يعظم فينا قيمة الوطن كوعاء يحتمل كل اختلافاتنا ويجمعنا بمشتركات عصية على التجريف، فالذي نحتاجه الان هو ايقاف هذا التجريف وهذا لن يتأتي وهذه الحرب على رؤوسنا فايقافها صار ضرورة ملحة لديمومة الشخصية السودانية بتمظهراتها النفسية والاخلاقية وتكويناتها الثقافية والمجتمعية التي شكلت في مجملها مميزات الشعب السوداني كشعب عرف التعاطي مع الاخر كسنة انسانية حميدة يحتفي بها ويمارسها بإعتيادية يحسد عليها!! نحتاج وبشدة لايقاف هذه الحرب.. نحتاجه، لان كل يوم يمر نتساقط نحن قبل الوطن.. فإن توقفت الحرب بعد انهيارنا الكامل، انهيار ثوابتنا، مشتركاتنا و تفهمنا لاختلافنا هذا، كيف سنتفق لنبنيه!؟

حيدر الشيخ هلال
28 يوليو 2024

#لا_للحرب
#لازم_تقيف
#وحدتنا_تصنع_السلام