الجيش السوداني يجنح للسلم...!!! كتبه إسماعيل عبدالله

الجيش السوداني يجنح للسلم...!!! كتبه إسماعيل عبدالله


07-25-2024, 02:19 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1721870397&rn=0


Post: #1
Title: الجيش السوداني يجنح للسلم...!!! كتبه إسماعيل عبدالله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 07-25-2024, 02:19 AM

02:19 AM July, 24 2024

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر




لابد من صنعاء السلام وإن طال السفر، لقد تضافرت الجهود الدولية والإقليمية فولدت منبر جنيف، لوقف إطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع، إنّ تعنت قيادة الجيش المرتهنة لأوامر حزب المؤتمر الوطني – الاخوان المسلمون، أوصلت المؤسسة العسكرية إلى حال يرثى له إثر حرب شاملة، لم يتخذ قرارها غير الاخوانيون المسيطرون على رقبة المؤسسة العريقة، التي يفاخر السودانيون بطول عمرها المديد الذي ناهز القرن، وأخيراً، وبعد أن تساقطت الحاميات والفرق العسكرية واحدة تلو الأخرى، مثل حبات السبحة التي انقطع خيطها، في أيدي أشاوس يسعون للموت سعياً، أذعنت قيادة الحزب الذي كان حاكماً للأمر الواقع، وخرجت قيادته على لسان أحدى كوادره النسائية، بقول أن هلموا إلينا جميعاً لنجنح للسلم، السلم الذي رفضوه عبر آلياته الديمقراطية والمدنية، إبّان الشراكة الانتقالية بين المكونات المدنية والعسكرية، إنّها عقلية الأحزاب الدينية الصفوية، لا ترعوي إلّا إذا واجهت ترسانة عسكرية أكفأ منها، والمتتبع لمسيرة الحركات الأصولية في العالم، يجدها تقدس القوة وتتماهى معها وتتصالح مع القادة الذين يعتلون قمة هرمها الأعلى، فتتربص هذه الحركات المتطرفة بالقوات الأمنية والعسكرية في البلدان التي تنشط فيها، إلى أن تنقض عليها فتحيلها لفريسة مهيضة الجناح تحت ركبتها، مثلما فعلت الجبهة الإسلامية بالحكومة الديمقراطية المنتخبة قبل ثلاثة عقود وبضعة سنين، فذهنية الاخونجي لا تعترف إلّا بسطوة السلطة، ولا تستجيب إلّا لمن بيده الآلة الباطشة، ولنا في تجربتهم مع حكومة الرئيس الأسبق جعفر نميري خير مثال، فحينما دخلوا في شراكة الحكم عبر المصالحة الوطنية، التي أعقبت المحاولة الفاشلة لدخول قوات الجبهة الوطنية بقيادة محمد نور سعد للعاصمة القومية، تغلغلوا في مؤسسات الحكم ومن هنالك انطلقت استراتيجيتهم في التمكين، التي وصلت شأواً عظيماً بعد انقلابهم على الشرعية، ففعلوا كما قعل أبو حنيفة، فمدوا أرجلهم وتفننوا في إهلاك الوطن وهلاك المواطن.
إنّ تجربة الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، أثبتت عدم جدوى استمرار المؤسسة العسكرية القديمة بشكلها القديم، واستنفاذها لأغراضها التي صممها نظام الحكم الثنائي – الإنجليزي / المصري، فوضحت مواضع ضعف عقيدتها القتالية المنطلقة منذ زمان تجاوز استقلال البلاد، حتى أصبح يتهكم المراقب الأجنبي على هذه العلاقة الغريبة، بين حداثة ميلاد الدولة الذي يقابله قدم تأسيس جيش نفس الدولة، فدخلت القوى السياسية والنخبوية في جدل الدجاجة والبيضة لأكثر من ستة عقود، وزجوا بأنفسهم في مغالطات الإجابة على سؤال: ما الذي جاء أولاً؟ بيضة الدولة أم دجاجة الجيش؟، ما أفرز فشلاً سياسياً وعسكرياً وصلت ذروته الحرب الدائرة الآن، ففي ظرف سنة وربع السنة أخفق جيش القرن في استرداد حامية واحدة، وقعت صيداً سهلاً في حلقوم قوات الدعم السريع، وحتى الداعمين لهذا الجيش توصلوا لقناعة مفادها أن الحفاظ على ثلث رأس المال خير من خسرانه – ( المال تلته ولا كتلته)، فخير لأصدقاء المؤسسة الهرمة المتعبة أن يسابقوا الخطى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإلّا ابتلعت القوات الجاهزة السريعة والحاسمة كل الفرق العسكرية، وحينها لا يجدي البكاء على اللبن المسكوب، ومن الدوافع الخطيرة التي تجعل أصدقاء الجيش يستعجلون نتائج مفاوضات جنيف التي لم تبدأ بعد، هي تمترس قيادة الجيش المهزوم على تخوم المعادلة الصفرية التي لا جدوى من الإصرار عليها، ألا وهي الرغبة في استمرار المواجهات العسكرية العائدة على المؤسسة بالهزائم، ومن هذا المنطلق لن يسمح عقلاء هذه الصداقة بأن يوصلهم القادة المكابرون للهلاك المبين، لذا جاءت جنيف كطوق نجاة لقادة عسكريين هربوا من مباني القيادة العامة للجيش، وعرّدوا من القصر الجمهوري ومن المصانع المنتجة للذخائر والصواريخ الكاتيوشا، فلم يكن المواطن السوداني يتصور أن جيشه الذي صرف عليه أكثر من ثمانين بالمائة من قوت يومه، يتدهور بهذا الشكل المخجل ويصل لهذا الحضيض والهوة السحيقة.
من حظ الشعب السوداني أن الغلبة لم تكن من حظ الجيش المختطف (بفتح الطاء)، وإلّا لنفثت قيادته المختطفة (بكسر الطاء) سمها الزعاف بطريقة أكثر ضراوة مما شاهدناه من قصف جوي استهدف الزرع والضرع والإنسان، في المويلح وسوق قندهار وأحياء مايو جنوب الخرطوم والخرطوم بحري، والحاج يوسف وأم بدة والديوم وأمدرمان القديمة والجديدة ونيالا والفاشر والجنينة والضعين، والمجلد وبابنوسة والفولة، من نعمة الله على السواد الأعظم من الشعب الكادح أن غيض الله له شباب لا يخشون الموت، مقاتلين من أجل صون الأرض والعرض، فخاب فأل القيادة الإرهابية المستحوذة على إدارة الجيش منذ الثلاثين من يونيو من ذلك العام المشؤوم، فحال القيادة المنهزمة يقول (مجبر أخاك لا بطل) وهي تشد الرحال من بورتسودان إلى جنيفا، وهكذا تكون رحمة الله بعباده عندما يحين موعد الاقتلاع الأكبر لدولة الظلم، فتتأتى أسباب انتعاش الحياة من حيث لا يعلم أحد، لقد كسرت شوكة الطغيان بعد هذه الحرب الضروس، التي لقنت الفلول والمتطرفين والإرهابيين الدرس تلو الدرس، إلى أن استسلم (جيش الحكم الثنائي الذي لا يقهر)، كما درج على قول ذلك قيادات هلامية صعدت على أكتاف الذين أعدموا طيلة سنوات بطش الحكومات الأيدلوجية، من جنود وضباط صف وضباط، فلولا موت الشجعان من قادة المؤسسة لما وجد الرويبضة مجالاً للإمساك بالمايك، ليشتم هذا ويلعن ذاك ويسيء إلى هؤلاء ويهين أولئك، فلتستعد الأمة السودانية لفأل حسن قادم – وقف لإطلاق النار دائم وشامل، ولترفرف أعلام الحرية والسلام والعدالة، ولا نامت أعين الجبناء.

إسماعيل عبدالله
[email protected]