تخطيط المدن هو منتج ثقافى هوياتى فالمدن التى لم تملك ثقافة القرية او المدينة تبقى مسخ مشوه لا يقدم أثر حضارى !!!! فالمدن مجازا التى نبتت من البناء العشوائي و التى استخدمت الكريمات والمساحيق قدر ظروفها لاتعتبر منتج ثقافى بل هى فكر الفقر ودواعى الضرورة التى يطاردها بلدوزر البلدية الذى تطور لاحقا إلى دفار يطارد الباعة المتجولة وستات الشاى فى شوارع المدينة المدعاة إلى أن انتهت باحة المتحف القومى إلى سلطة الجنرالات !!!! هذه المدن المدعاة و التى هى ناتج هجرة حديثة لم تعرف التجانس فكانت فرقان من الاسبتالية التركية إلى السردارية الانجليزية فهى بلا هوية جامعة سوى لافتات الأحياء القبلية التى اندثرت وانطمرت إلى ان عادت فى زمن المشروع الاحتضارى فقادتنا إلى حرب العبث !!! ان المدينة هى تعبير ثقافى حضارى واحد او حقب واطرز متعددة فمدينة مثل الشارقة و التى بنيت على طراز واحد متوشحة بالبياض الذى مازج زرقة البحر فصار الجمال الذى تجلى فى الاذن التى تعشق قبل العين أحيان فى زمان قصور الميديا الا الإصدارات الورقية التى لم تكن فى المتناول للجميع !!! +'(ارسيت للعمران فلسفة فى كل نواحيها تمخر عباب البحر سارية بشرى تناديها للنحت والتمثيل نافذة كم من قوافى انت قافيها ربان من الافعال ليس تسبقه اقوال تجافيها العلم والاخلاق موعظة باتت كل العقول تغذيها الشمس شارقة والفكر اضواء من اعاليها) المدن هى عصير فلسفى وناتج ثقافى فالمستعمر والشمولى يهتم بتخليد نفسه فى أعمال لا تشكل مخيال ثقافى بل هى فى المدينة تشعرك كأنما هى فى غربة وهذا قد تجلى فى عهد المخلوع الذى أعاد المدينة المدعاة إلى تاريخ تاسيسها الأول بعد خروج الوطنيين بعد معركة كررى فعاد السوق الكبير إلى حضن ام سويقو وتمددت الرواكيب على مد الإسفلت تحكى جشع البلدية التى هدمت التخطيط إلى بيع الشوارع بالقدم و الياردة لأجل السرقة والنهب والتحلل!!! لا توجد كتابات او اثار عن النمط العمراني فى التاريخ القديم والحديث بل حتى الآثار أهملت وتحولت إلى مكب للاوساخ فما بالك عما فى باطن الأرض !!! وبحرب الفلول والمليشيات العبثية تم التعدى على المتاحف و التى هى سمة المدن وذاكرة ثقافية ملهمة للتفكير والبناء !!! كانت هناك سلسلة من الحلقات فى الإذاعة السودانية عن النمط العمرانى والتلوث البصرى والبناء الاقتصادى مع بعض البحوث المتفرقة فى معهد أبحاث البناء ولكن لم تتكامل الحلقة لطرح منتوج ينظر لفلسفة البناء القادم !! الحفاظ على هوية المدن من النمط الكوخى إلى المدورة ثم المربعة إلى إعادة استلهام نمط المدن الأجنبية بل التسمية بها فى الضواحي الجديدة أدى إلى لخمة راس فليس هناك اى علاقة بين بنايتين متجاورتين فى اى وحدة غير المواد كما أدى ذلك إلى تنافر لا يظهر حسن بل تشتت و تلوث بصرى!!! المزاج الوطنى يشكله تيار ثقافى هوياتى مستلهم للجذور معترف بالتنوع بعيدا عن المركزية التى لم تعرف قيم المدينة الحديثة او أخلاق القرية فكان المسخ !!!! فى ظل الأوضاع الشمولية والكبت يكون الاغتراب الخارجى والداخلى والذى هو موت اما فى العهود الديمقراطية يكون الانتماء والانخراط والانفعال الذى يؤدى إلى منتوج ويمكن مقارنة ذلك فى كل الفترات بل ان كم الانفعال والتفاعل الثقافى خلال الانتفاضة او ثورة ديسمبر يفوق كمية الإنتاج الثقافى فى مجموع الديكتاتوريات!!!! ان العقول التى ظلت ماضية فى قطيع بل بس و التى أدت ونادت بالتدمير تعبر عن خلل فى الأذهان التى لا تعرف حتى أخلاق وقيم الحرب فهى تقتل الأسير وتهدم البنية وتقطع اللينة تلوث المياه وتقطع الكهرباء توضح ان الحاجة الماسة هى لبناء الإنسان الذى دمرته عهود الانقلاب التى تعلى القبيلة والجهة والمدينة المركزية المسخ !!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة