Post: #1
Title: لفهم ظاهرة دونالد ترامب رياز حق ترجمة د. مجتبي سعيد عرمان
Author: مجتبى سعيد عرمان
Date: 07-14-2024, 02:33 PM
02:33 PM July, 14 2024 سودانيز اون لاين مجتبى سعيد عرمان -السودان مكتبتى رابط مختصر
كٌتبت هذه المقالة في فترة ترشيح دونالد ترامب للمرة الأولى حيث توقع كاتب المقالة عدم قدرته على الفوز، لأسباب يجيء ذكرها في ثنايا المقالة. قرأت هذه المقالة في العام 2016 وما زلت محتفظا بها، وهأنذا أقوم اليوم بترجمتها لاهميتها لأنها تعين على فهم ما يمكن أن نطلق عليه الظاهرة "الترامبية" التي تلقي بظلالها علي هذا الكون المضطرب سياسيا، واقتصاديا، وبيئيا في ظل التوحش الرأسمالي ( المترجم).
أذهل دونالد ترامب - المبتدئي السياسي أو الغير متمرس سياسيا - العالم بسلسلة من النجاحات في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري ليصبح المرشح الرئيسي للترشح نيابة عن الحزب ( الحزب القديم الكبير، المعروف أيضا بالحزب الجمهوري) لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2016. مما لا جدال فيه أن هنالك خوفا ينتاب الجميع من استيلاء عدائي علي السلطة، لقد اوصل الحزب الجمهوري بقيادة ترامب مؤسسة الحزب إلى حالة من الذعر. دعونا نحاول الوصول إلي إجابات مقعنة عن ما هية العوامل التي تقف وراء هذه الظاهرة. سنحاول أن نجاوب على من هم أنصار ترامب؟ ما هو سبب غضبهم وازدراءهم لقيادة الحزب الجمهوري؟ دعونا نحاول الاجابه على هذه الأسئلة التي تبدو متشابكة
ومتداخلة.
عندما حللت مهاجرا على هذه البلاد أو الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة في أواخر السبعينات، كانت التركيبة الديمغرافية في ذاك الزمان مختلفة تماما علي ما عليه اليوم. كان حوالي 85٪ من جملة السكان من البيض حيث كان يتمتع معظم الأمريكيين الحاصلين علي شهادة الدراسة الثانوية بمستوى معيشي للطبقة الوسطي. فقد كان لهم وظائف جيدة في الصناعات التحويلية علي سبيل المثال لا الحصر، السيارات والصلب. كانت تلك الوظائف تدر عليهم رواتب جيدة بما يكفي لشراء منزل لائق وقيادة سيارات أمريكية الصنع من الطراز الحديث.
الناظر للتركيبة السكانية والاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية اليوم لابد له من أن يصل إلى الخلاصة التي تقول بأن هناك تغيرات مهولة قد حدثت في العقود الأربعة الماضية، حيث تشكل الأقليات الآن نحو 30% من جملة السكان. وقد ساهم انخفاض معدل المواليد بين البيض وزيادة الهجرة في هذه المعادلة الديمغرافية الجديدة. من ناحية أخرى، عملت قوي العولمة التي لا هوادة فيها والتدمير الخلاق المستمر علي استبدال القسم الأعظم من صناعات السيارات والصلب بصناعات جديدة عالية التقنية وذلك مرده إلي الأزدهار الفائق في قطاع التكنولوجيا في هذا البلد، الذي خلق بدوره الكثير من فرص العمل الجديدة التي تتطلب الحصول علي مهارات أعلى وشهادة جامعية. وبالطبع مثل هذه المهارات لا يتمتع بها العديد من الأمريكيين البيض الذين هم في منتصف العمر من غير الحاصلين علي تعليم جامعي.
أثر التغيرات الاجتماعية :
لقد احدثت التغيرات الاقتصادية و الديمغرافية تأثيرا عظيما ومهولا علي الأمريكيين البيض الذين هم في منتصف العمر ولم يتلقوا تعليما جامعيا، إنهم محبطون وغاضبون. كما إنهم يهاجمون السياسيين والمؤسسين علي طرفي الطيف السياسي ولكنهم يركزون على الحزب الجمهوري. من الواضح أن دونالد ترامب استطاع استغلال هذا الغضب من خلال إلغاء اللوم علي المهاجرين، و الأقليات الدينية ،والدول الأخرى عوضا عن البحث عن العطب الذي أصاب "المؤسسة". في بحث بعنوان: " ارتفاع معدلات الإصابة بالمرض والوفيات لمن هم في منتصف العمر بين الأمريكيين البيض غير اللاتينيين في القرن الحادي والعشرين" نشر العام الماضي، أظهر الاقتصاديان في جامعة برنيستون( آن كيس) (وأنجوس ريتون) الحائز علي جائزة نوبل أنه علي مدي السنوات الخمس عشرة الماضية، كان الأمريكيون البيض - من هم في منتصف العمر - يموتون بمعدلات عالية وبشكل غير عادي. تركزت معظم هذه الوفيات بين الأشخاص الحاصلين علي شهادة الدراسة الثانوية فقط أو ما دونها. تشير استطلاعات الرأي العام إلي أن هؤلاء البيض الأكبر سنا ولم ينالوا تعليما عاليا هم من الداعمين الاساسين لدونالد ترامب للفوز في الانتخابات.
لو نظرنا إلي أنماط التصويت على أساس العرق يمكننا التوصل إلى الخلاصة الآتية ولكن دعونا نجيب علي السؤال الآتي أولا : هل سيصبح ترامب الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية ؟ يبدو أن الأمر غير مرجح بالنظر إلى قاعدة دعمه، وإليكم السبب : فاز
جون ماكين وميت رومني، آخر مرشحين جمهوريين في 2008، باغلبية أصوات البيض لكن الفشل كان من نصيبهم في الفوز بالانتخابات العامة حيث حصل كل واحد منهما علي 60٪ من أصوات البيض البالغة 70% وهو ما يعادل 42% من إجمالي الناخبين. بالإضافة إلى ذلك حصل كل وأحد علي 6٪ فقط من أصوات السود وحوالي 26٪ من أصوات الاسيويين واللاتينيين مما شكل حاجزا في حصولهم علي الاغلبية العامة اللازمة للفوز. نجح خطاب دونالد ترامب- في حملته - في إثارة غضب الأقليات، وخاصة المكسيكين والمسلمين وسوف يحصل على أصوات اقل داخل تلك الأقليات، بل سوف يحصل على أصوات اقل حتي من تلك التي حصل عليها ماكين ورمني فى الانتخابات العامة الأخيرة.
( رياز حق أمريكي من أصول باكستانية يدير شبكة إجتماعية عالمية للباكستانيين وجنوب آسيا ومستثمر في الأسواق المالية العالمية. كما أنه مهتم بالكتابة عن التعليم، والصحة والقضايا الاجتماعية. يعمل مطور كبير في مجالي الهواتف المحمولة والكمبيوتر).
|
|