Post: #1
Title: بوادر الانقضاض على القيادة وملامح انقسامها (الجيش المختطف والتسريبات) كتبه د. أحمد عثمان عمر
Author: د.أحمد عثمان عمر
Date: 07-05-2024, 11:31 AM
11:31 AM July, 05 2024 سودانيز اون لاين د.أحمد عثمان عمر-الدوحة-قطر مكتبتى رابط مختصر
(١) بعيدا عن دعاية الحرب التضليلية وأكاذيب كادر الحركة الإسلامية ومن يشايعه في مواقع التواصل الإجتماعي، أصبح واضحا على الارض تفوق مليشيا الجنجويد المجرمة عسكريا على الجيش المختطف. المليشيا صباح كل يوم تتوسع ولا تواجه أي مقاومة تذكر من الجيش المختطف الذي يواجهها بالانسحابات المتكررة من مقراته وترك المدن لقمة سائغة لها، والمواطنين العزل غنيمة لها وضحايا لجرائمها المعروفة. وبالمواكبة للهزائم المتواصلة للجيش المختطف وكتائب الحركة الإسلامية التي تسانده، تتوسع دائرة تسريبات صوتية توضح مدى الطمع والتآمر في إدارة الدولة والضرر الذي تسبب به بعض منسوبي حركات اتفاق جوبا للمحاصصة واقتسام الغنائم، في تحالف مع عسكريي اللجنة الامنية للإنقاذ او بعضهم على الاقل. وهذه التسريبات ليست عفوية بكل تأكيد، لأنها صادرة عن جهة ذات قدرات تمكنها من المراقبة والتسجيل والاحتفاظ بالنص الصوتي وتحديد متى يجب ان ينشر ليحدث الأثر المطلوب سياسياً، ولأنها تتزامن مع حملة ضد رئيس مجلس السيادة غير الشرعي وتحميله مسؤولية الهزائم المتكررة، وهي تحمل في ثناياها محاولة لتبرئته من وذر التآمر على المدنيين واتفاقهم الإطاري المشئوم، ونسبة ذلك لنائبه "كباشي" الذي اصبحت مسألة إشراكه معه في المسؤولية في ازدياد بدلا عن تقديمه كبديل له كما في السابق، والتركيز على نائبه الثاني "العطا" صاحب الخطاب الأزمة كبديل ، ومن ثم العودة إلى إشراكه في المسئولية في بعض الخطاب! (٢) التسريبات أعلاه ليست معزولة ، بل تأتي في سياق شائعات عن انقلاب عسكري واعتقالات لضباط ، في اغلبها اكاذيب لشغل الرأي العام ، ولكنها تعتبر في نفس الوقت وسيلة لقياس الرأي العام وتهيئته لهذا النوع من التغيير حال حدوثه. والانقلاب على قيادة الجيش المختطف أمر ليس مستبعد في كلا الاحوال ، فالتاريخ يقول أن الجيش المهزوم ينقلب على قيادته، وطبيعة الصراع الماثل ترجح توظيف الانقلاب سياسيا من قبل الحركة الإسلامية لاجندتها بهدف إعادة التموضع. فالتسريبات التي تهدف إلى حرق النائب الاول" كباشي"وقطع الطريق أمامه لتسنم السلطة، ومحاولة غسل الرئيس غير الشرعي واعادة تأهيله - وهذه مهمة مستحيلة، تؤسس لفتح الطريق امام النائب المتهور الاخر "العطا" ، وتوضح في نفس الوقت أن هذه القيادة برمتها غير موحدة وفي حالة صراع وتنافس، يبرر لمن يحملونها تبعات هزيمة الانقلاب عليها.
ففضح تآمر النائب الأول على المدنيين وإغلاقه الطريق أمام مشاركتهم حتى كواجهة لسلطته العسكرية وضغطه مع الحركة الإسلامية على الرئيس غير الشرعي، يؤكد أنه كان صاحب السلطة الفعلية وقتها، ولكنه يحمله عمليا نتائج الانسداد السياسي الذي أدى إلى الحرب. وبالرغم من أنه يحاول تلميع الرئيس الانقلابي شكلا، لكنه موضوعا يوصمه بالضعف، ويفشل حتما في غسل أدرانه التي تواترت بعد ذلك وما زالت، وبالتالي يحطم صورة الشخصيتين ويسهل مهمة التخلص منهما معاً. (٣) أما النائب الثاني "العطا" الذي يرغب في مواصلة الحرب حتى وان افنت كل السودانيين، فالتسريبات لن تستطيع تغيير وضعه كثيرا ، لأنه ببساطة أسفر عن ضعف مريع في تقديراته العسكرية وفي خطابه السياسي وفي قدرته على القيادة، وهذا يجعله هدفا للمغامرين من ضباط الجيش المختطف والمهزوم، كما لا يجعله خيارا جيدا في حال رغبت الحركة الإسلامية في اعادة التموضع، خصوصا إذا قررت ان تفاوض الجنجويد للوصول معهم إلى تسوية يعزز حظوظها تغلغل الإسلاميين في صفوف المليشيا المجرمة. فدلالة التسريبات مع شائعات الانقلابات في ظل الهزائم والانسحابات المخزية وآخرها من مدينة سنجة الاستراتيجية، هي وجود ارادة للتحضير للتخلص من هذه القيادة عبر الانقلاب العسكري بعد فضحها وتوضيح مدى عمق الاختلاف بين اطرافها، مع الإيهام بأن هناك تباين بين اطرافها قائم على نظرة غير متوافقة للواقع السياسي ، وتأكيد فشلها مجتمعة في مواجهة واقع معقد وعصي على التبسيط.
ما تقدم يشي بأن هناك عمل منظم لتغيير قادم تعد له الجهة المنظمة، قد يأتي تمهيدا للذهاب إلى المفاوضات بوجوه جديدة، ربما تحقق مكاسباً للحركة الإسلامية ، مع تغييب للواجهات الحالية التي احترقت وشبعت احتراقًا وفشلاً. ومن الممكن بالطبع أن يكون هذا بالتنسيق مع هذه الواجهات، لإعفائها من المسؤولية والمحاسبة ، والسماح لها بالافلات من العقاب، إما بفتح الطريق أمامها للهروب اثناء الفوضى ، أو بإطلاق سراحها اثناء المفاوضات ، أو حتى بتهريبها إلى الخارج. فالخلاف الذي فضحته التسريبات الصوتية بين الرئيس غير الشرعي ونائبه، يوضح مدى هيمنة الحركة الاسلامية على السلطة واستعانتها بالفاسدين من عضوية حركات محاصصة جوبا، ويؤكد أن هؤلاء العسكريين الواجهات لا يديرون الدولة او ما تبقى منها ان تبقى شئ أصلا. وهو هو في كل الاحوال تمهيد لحدث قادم لا محالة، لأن هذه التسريبات قد تمت في اطار صراعات داخلية حتما وليس كما تحاول الأطراف الضالعة فيها نسبتها إلى المليشيا المجرمة ونشاطها الاستخباري. والمطلوب حتما هو عدم الوقوع في شراك هذه المسرحية، ورفض اي انقلاب عسكري سواء أكان من قبل مغامرين من داخل الجيش المهزوم ضد قيادتهم، أو كان من قبل منسوبي الحركة الأسلامية لاستبدال واجهتهم، فالانقلاب هو الانقلاب ويبقى مرفوضا في كل الاحوال. وقوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!! ٥/٧/٢٠٢٤
|
|