العلاقات بين السودان ومصر تمتد لعقود، تحمل في طياتها جوانب إيجابية وأخرى سلبية. في ظل الأحداث الراهنة، تعيش الجالية السودانية في مصر حالة من التوتر، محاطة بمزيج من التحديات الاجتماعية والسياسية. هذا المقال يسلط الضوء على أوضاع السودانيين في مصر اليوم، وكيف تتعامل مصر الرسمية والشعبية معهم في ظل ظروفهم الحالية.
الخلفية التاريخية والمعوقات الرسمية
العلاقات السودانية المصرية تأثرت منذ استقلال السودان في عام 1956 بعدد من التحديات والمعوقات. على الرغم من الروابط العميقة التي خلقها نهر النيل، إلا أن السياسات الحالية تعاني من عدم الاستقرار والتعثر في التعاون الاستراتيجي المفترض أن يقوم على توازن المصالح.
منذ الاستقلال، شهدت العلاقات بين البلدين مراحل متعددة من التعاون والتوتر. في فترة الستينيات والسبعينيات، كانت العلاقات تتميز بالتعاون، حيث ساهمت مصر في دعم التنمية والبنية التحتية في السودان. ومع ذلك، تأثرت العلاقات في الفترات اللاحقة بسبب التغيرات السياسية في كلا البلدين، بما في ذلك الانقلابات العسكرية والصراعات الداخلية.
في العقد الأخير، تجددت التوترات بين البلدين نتيجة لقضايا سياسية وأمنية واقتصادية. على الرغم من ذلك، تظل الروابط الثقافية والاجتماعية بين الشعبين قوية، مما يعكس عمق العلاقات بينهما.
لا تُفصح الحكومة المصرية بشكل كافٍ عن حجم أعبائها الناتجة عن أن عشر سكانها هم من غير المصريين، بمن فيهم السودانيون. قرار رئيس الوزراء المصري في يونيو/حزيران 2023 بشأن إصدار تشريع لتنظيم اللجوء لم يتم تفعيله حتى الآن، مما يترك اللاجئين السودانيين في حالة من عدم الاستقرار. الحكومة تحاول دفع اللاجئين إلى التسجيل في مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وتواجه ظاهرة التهريب من السودان عبر الصحارى بحسم، مما أثار الرأي العام السوداني ضد مصر.
التفاعل الشعبي المصري مع السودانيين
على الصعيد الشعبي، يُظهر المصريون تحفظات تجاه الزيادة الكبيرة في أعداد السودانيين. النزوح السوداني المفاجئ نتيجة الحرب أدى إلى ضغوط على الأسعار والوحدات السكنية والسلع الغذائية. المدارس السودانية التي تم تأسيسها بدون ترخيص أو إعلان رسمي أثارت قلق المصريين، حيث يعتبرونها خطرًا على التعايش الثقافي التقليدي في مصر.
الإشكالية الماثلة تتطلب نقاشًا صريحًا حول كيفية التعامل مع السودانيين في مصر. بعض السودانيين يطرحون أفكارًا بشأن إقامة معسكرات في مصر، وهو أمر قد يكون خطرًا على السودانيين أنفسهم، بناءً على تجربة معسكرات دارفور. يجب النظر في حلول أخرى مثل إنشاء معسكرات داخل الأراضي السودانية تحت حماية أممية.
من المهم أن يتم خلق نقاش عام حول الحالة السودانية في مصر وكيفية التعامل معها. ينبغي على مصر تطوير آليات التعامل مع اللاجئين، كما تهتم بالإعلام والثقافة لدعم ورفع حالة القبول الشعبي بالوافدين. يجب ملاحقة المنتجين لفيديوهات تبث خطابات الكراهية ضد السودانيين قانونيًا، والسعي لإيجاد تمويل دولي لدعم الساكنة من غير المصريين.
بالنسبة للسودانيين، من المهم إدراك أن هذه الحرب للأسف مستمرة وممتدة، وأنه لا يجوز تأسيس موقف سوداني منفصل عن موقف القوى المدنية. النقاش الدائر الآن يتساءل: هل ضاقت مصر الرسمية بالسودانيين؟ لماذا أصبح الاهتمام منصبًا على ترحيل السودانيين بصمت في حين تدعو القوى السياسية المصرية السودانيين إلى القاهرة؟ يجب أن يتجه الساسة المصريون نحو تأسيس حالة ثقة سياسية متوافقة مع رؤية أهل السودان في العلاقة على ضفتي نهر النيل، وتقود إلى تطوير العلاقات الثنائية.
الشواهد على استغلال مصر لجماعات سياسية سودانية , من الشواهد على استغلال مصر لبعض الجماعات السياسية السودانية لتحقيق مصالحها:
دعم الفصائل المعارضة: قامت مصر بدعم بعض الفصائل المعارضة للحكومة السودانية لتعزيز نفوذها السياسي في السودان. هذا الدعم غالبًا ما يكون على حساب الاستقرار الداخلي في السودان، ويهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية لمصر.
التلاعب بالاستقرار السياسي: خلال فترات التوتر السياسي في السودان، استغلت مصر الفرصة لتعزيز علاقاتها مع بعض الفصائل السودانية لتحقيق مصالحها الاستراتيجية. هذا التلاعب أحيانًا يؤدي إلى زيادة التوتر بين البلدين ويؤثر سلبًا على الاستقرار في السودان.
التأثير في مفاوضات السلام: تدخلت مصر في مفاوضات السلام السودانية، محاولًا توجيهها بما يتماشى مع مصالحها الإقليمية. هذا التدخل قد يعرقل تحقيق سلام حقيقي ومستدام في السودان.
*الدعوة للقاهرة: بينما تدعو القوى السياسية المصرية السودانيين إلى القاهرة لإجراء محادثات، يتم ترحيل السودانيين بصمت من مصر. هذا التناقض يعكس عدم الثقة ويؤثر سلبًا على العلاقات بين الشعبين.
وأخيرا أقول العلاقة بين مصر والسودان تتطلب تعاملًا حكيمًا ومتوازنًا من الجانبين. لن يخدم مصر غير علاقتها الطيبة مع كافة السودانيين، والاعتماد على الأحزاب والعسكر لن يجدي نفعًا. الاستقرار السياسي والأوضاع الأمنية الحالية في مصر ليست مضمونة إلى الأبد، ولن يكون لمصر ذلك الأثر والحضور في ذهنية أهل السودان بعد مواقف غربية صبت ضد مصلحة العلاقات المصرية السودانية. على مصر أن تعزز علاقاتها مع السودانيين لضمان مستقبل أفضل لكلا البلدين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير ابو الزهراء
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست