Post: #1
Title: تايه بين القوم/ الشيخ الحسين/ الموت و الثورة و مخائيل نعيمة!
Author: الشيخ الحسين
Date: 06-21-2024, 11:13 AM
11:13 AM June, 21 2024 سودانيز اون لاين الشيخ الحسين-استراليا مكتبتى رابط مختصر
لمخائيل نعيمة الشاعر و العالم و الكاتب المتأمل المتفلسف و الترجمان متعدد الأرواح اللغوية القصيدة الثانية (النهر المتجمد) كان قد كتبها بالروسية وتنبأ فيها ابان دراسته هناك ايام القيصر بالثورة البلشفية ! و سر بها بعد الثورة واحتفى بالنهر المتجمد الشيوعيون ولكن نعيمة قرر الاقامة في امريكا و كان يعمل بها عملا بسيطا و لو كان قد اراد الاقامة بالاتحاد السوفيتي حينئذ لاستقبل في موسكو لينين استقبال الأبطال وكان من اصحاب المكانة و الجاه عند قياصرتها الجدد الرفاق
،،،،،،، القصيدة الاولى بين الجماجم: حدّثيني عن الحياة عسى أعطي فؤادي اللجوجَ عنها جوابا * حدّثيني عن القلوبِ التي كانت قلوباً واليوم صارت ترابا كيف كانت بالأمس ثملى ولا تحسب للموت في الحياة حسابا نابضات حُباً وبغضاً وإيماناً وشكّاً وراجياتٍ ثوابا ها أنا ألمسُ التراب فلا ألمسُ همّاً أو غبطةً أو عذابا وأُصيخ إلى التراب فلا أسمع شكوى أو لهفةً أو عتابا أترينَ الأشواق صارت بروقاً ودموع الأحزان أضحت سحابا وأنين القلوب أمسى رعوداً وأمانيّها استحالت ضبابا؟ أم ترينَ التراب عادَ تراباً وسراب الآمال عاد سرابا؟ * حدّثيني عن الخدود التي بالأمس كانت مذابحاً للجَمالِ تُنطِقُ المؤمنين بالكفر والكفَّار بالسبح للقوي المتعالي نتبارى بلا انقطاعٍ إليها ونضحّي لها بأغلى الغوالي كم سجدنا أمامها وابتهلنا وقرعنا صدورنا في الليالي وحرقنا القلوبَ منّا بخوراً ونظمنا العيونَ عقد لآلي ها أتينا لنُترع الروح ممّا كان فيها لطرْفنا من كمال وغريبٌ أن لا نرى حيث كانت غيرَ دودٍ يدبّ بين الرّمال ويح قلبٍ يرى الخيال جمالاً! ويح عقلٍ يمحو جمالَ الخيال ! * حدّثيني عن نسمةٍ جعلت آدمَ حيّاً وكان ترباً وماءَ يا لها نسمةً أرتنا بصيصاً في ظلام البقاء فزدنا عماء ما لبسنا الحياة حتى لبسنا في ثنايا ثوب الحياة الفناء فغدونا إذا رجونا عزاءً صار ذاك الرجاءُ فينا بلاء ونسينا أنّا ترابٌ فلا بالأرض نرضى ولا ننال السماء نسمة الله أين؟ أين استقرّت بعد أن عادت الجسوم هباء؟ أإلى صدر خالق الكون آبت تحمل الهمّ والأسى والشقاء؟ أم طوتها الأقدارُ لكن لحينٍ؟ أم هواءً كانت فعادت هواء؟ * حدثيني عن الحياة لكي أعطيَ عني أمام نفسي حسابا فعسى الخالق الذي ضمنَ صدري لا يزيد النيرانَ فيه التهابا ،،،،،،، القصيدة الثانية النهر المتجمد:
يا نهرُ، هل نضبتْ مياهُكَ فانقطعتَ عن الخريرْ؟ أم قد هَرِمْتَ وخار عزمُكَ فانثنيتَ عن المسير؟ بالأمسِ كنتَ مرنّماً بين الحدائقِ والزهورْ تتلو على الدنيا وما فيها أحاديثَ الدهور بالأمس كنتَ تسير لا تخشى الموانعَ في الطريقْ واليومَ قد هبطتْ عليك سكينةُ اللحدِ العميق بالأمس كنتَ إذا أتيتُكَ باكياً سلَّيْتَني واليومَ صرتَ إذا أتيتُكَ ضاحكاً أبكيتني بالأمسِ كنتَ إذا سمعتَ تنهُّدِي وتوجُّعِي تبكي ، وها أبكي أنا وحدي، ولا تبكي معي ! ما هذه الأكفانُ؟ أم هذي قيودٌ من جليدْ قد كبَّلَتْكَ وذَلَّلَتْكَ بها يدُ البرْدِ الشديد؟ ها حولكَ الصفصافُ لا ورقٌ عليه ولا جمالْ يجثو كئيباً كلما مرَّتْ بهِ ريحُ الشمال والحَوْرُ يندُبُ فوق رأسِكَ ناثراً أغصانَهُ لا يسرح الحسُّونُ فيهِ مردِّداً ألحانَهُ تأتيه أسرابٌ من الغربانِ تنعَقُ في الفضا فكأنها ترثي شباباً من حياتِكَ قد مضى وكأنها بنعيبها عندَ الصباحِ وفي المساءْ جوقٌ يُشَيِّعُ جسمَكَ الصافي إلى دارِ البقاء *** لكن سينصرف الشتا، وتعود أيامُ الربيعْ فتفكّ جسمكَ من عِقَالٍ مَكَّنَتْهُ يدُ الصقيع وتكرّ موجتُكَ النقيةُ حُرَّةً نحوَ البِحَارْ حُبلى بأسرارِ الدجى ، ثَملى بأنوارِ النهار وتعود تبسمُ إذ يلاطف وجهَكَ الصافي النسيمْ وتعود تسبحُ في مياهِكَ أنجمُ الليلِ البهيم والبدرُ يبسطُ من سماه عليكَ ستراً من لُجَيْنْ والشمسُ تسترُ بالأزاهرِ منكبَيْكَ العارِيَيْن والحَوْرُ ينسى ما اعتراهُ من المصائبِ والمِحَنْ ويعود يشمخ أنفُهُ ويميس مُخْضَرَّ الفَنَنْ وتعود للصفصافِ بعد الشَّيبِ أيامُ الشباب فيغرد الحسُّونُ فوق غصونهِ بدلَ الغراب *** قد كان لي، يا نهرُ، قلبٌ ضاحكٌ مثل المروجْ حُرٌّ كقلبِكَ فيه أهواءٌ وآمالٌ تموج قد كان يُضحي غير ما يُمسي ولا يشكو المَلَلْ واليوم قد جمدتْ كوجهِكَ فيه أمواجُ الأمل فتساوتِ الأيامُ فيه: صباحُها ومساؤها
|
|