Post: #1
Title: ذر الرماد في عيون السواد كتبه بهاء جميل
Author: بهاء جميل
Date: 06-11-2024, 12:27 PM
12:27 PM June, 11 2024 سودانيز اون لاين بهاء جميل-السودان مكتبتى رابط مختصر
–
مشكلتنا أن جموع البسطاء هي من تؤثر في المواقف السياسية ، وفي قرارات الدول التي تسمح ولو بهامش بسيط من ابداء الرأي ، ومن الممارسة السياسية ، ومشكلة الكثير من البسطاء هي تصديق ما يقوله الخبثاء ، وقبول ما يثيرونه من شكوك لتضليلهم ، دون تدبر، أو تساؤل ، أو تفكير ، ولذلك أصحاب الاهداف ، والغايات القذرة ، الذين يستخدمون الأكاذيب لتحقيق تلك الاهداف ، ينجحون دوما في صرف اولئك البسطاء عن الحقيقة ، رغم وضوحها ، وفي اقناعهم بما يخالفها ، ويناقضها ، فأصحاب المبادئ ينهزمون في ذلك الصراع لانهم لا يكذبون ، ولا يتامرون ، ولا يبيعون اوطانهم ، والشعوب عندنا اكثرها من البسطاء ، وجلها من الكسالى الذين لا يكلفون انفسهم بذل ابسط أنواع الجهد للتأكد ، أو للبحث ، أو حتى للتفكير ، فيتلقون ما يلقى اليهم من باطل ، وأكاذيب ، واشاعات على أنها الحقيقة الدامغة ، ثم يتبنون ما يلقى اليهم ، ويدافعون عنه دفاع المستميت عن عرضه ، ونفسه ، ويحاربون من أجله محاربة المناضل من أجل روحه وولده ومبادئه ، ولذلك تفشل كل جهود الاصلاح ، والتقدم ، والازدهار في تلك الدول .
والناس في زماننا هذا مولعون بالتخوين ، وبالتحقير، وبالإشاعات ، وبتشويه صور الآخرين ، أكثر من ولعهم بالحقيقة ، مستعدون نفسياً لتصديق أي أمر سيء عن أي انسان ، أو جهة ، أو جماعة ، ولا ذرة استعداد عند اكثرهم لتصديق أي خبر جيد ، عن أي انسان ، او أو جهة ، او تنظيم ، حتى وان كان لا يرقى اليه الشك ، والاسوأ من ذلك انهم إن عجزوا تماما عن اثبات بطلان الحق ، تجاهلوه عن عمد ، وانتقلوا لتبنى كذبة أخرى ، أو اشاعة جديدة ، يعملون ضد مصالحهم ، دون أن يدركوا ، ويقاتلون ضد اوطانهم دون ان يعرفوا ، وكما قلنا قبلا مرارا ، وتكرار يغرسون خناجرهم في صدورهم ، ويسددون سهامهم نحو قلوبهم ، وهم يظنون انهم يساندون الحق ويناصرون الفضيلة . وإن من أكثر الشبهات التي تثار منذ ان اندلعت الحرب في السودان لصد الناس عن رؤية الواقع ، وعن تمييز المجرم من البريء - عن طريق خلط الحقائق - هو السؤال العجيب الذي يسالك له البعض عندما تحدثه عن الدعم السريع ، فيسارع ليلطمك بما لقنوه له كما يلقن الببغاء مكرر الكلام ، ليقول لك في شيء من السطحية :- ومن الذي صنع الدعم السريع ؟ وعندما تحدثه عن جرائم عبد الرحيم الذي يسلب رجاله أمواله ، ويسكن مرتزقته داره ، ويغتصب عرب شتاته ابنة عمه ، ويتوعدونه بالشر المستطير ، أو عندما تحدثه عن جرائم حميدتي يسالك قائلاً : - ومن الذي صنع حميدتي ؟ الم يصنعه البشير ؟ الم يصنعه الكيزان ؟ الم يكوّنه الجيش ؟ ثم يسترسل مواصلا في سرد الديباجة التي يحفظها عن ظهر قلب ، مواصلا تسميعه لما يحفظ : اليس هم سبب خراب السودان ؟ اليس هم .. اليس هم ..
ثم يكيل لهم من السباب ، واللّعنات ، والشتائم ما يكفي لأسقاط السماء من مكانها ، و لزلزلة الجبال الرواسخ ، دون أن يمس حميدتي ، او عبد الرحيم ، أو عملاء السفارات بكلمة ، ودون أن يشير الى الدعم السريع او أي منسوب اليه بحرف ، ودون حتى أن يعلق على اغتصابهم لابنة عمه ، او لسطوهم على داره ، ومركبته ، ودون حتى أن يلمح مجرد تلميح لأذلاهم لوالده ووالدته ، أو لشيوخ قبيلته وأسرته . يتجاهل الواقع الذي يعيشه اليوم عن عمد عجيب ، ويتجاهل كل الماسي التي يتجرعها الشعب السوداني كله ، ويتغافل عن الجرائم التي يراها بأم عينيه صباح مساء ، والتي لم يُرتكب مثلها لا في التاريخ القديم ، ولا الحديث ، ويتحدث عن جرائم في خياله واوهامه ، جرائم من صنع من يقودونه من أذنه مثل البعير . فهكذا يراد لهم ان يفكروا ، وهكذا يُساقون من مواقع التواصل الإجتماعي ، وقنوات العمالة كالأنعام ، وهم مع ذلك يتهمون الاخرين بالتبعية ، وبالسطحية ، وبعقلية القطيع ، ووالله اننا لنظلم القطيع ، أي قطيع حينما نشببهم به ، فقطعان البهائم ، والطير ، والنمل كلها تطيع قائدها ، وتصطف خلفه ، وتقاتل معه أي عدو مهن كان ، متى ما أحدق الخطر بها ، وبأمنها ، وبوجودها .
فبالله كيف يستقيم أن ننتزع الاشياء من سياقها التاريخي ، والواقعي لنحاكمها في سياق وواقع آخر أن كنا نفهم ، أو نفكر ، أو نتفكر ؟ فلو كانت مثل تلك الاسئلة - التي تلقي باللائمة على من صنع الدعم السريع و صنع حميدتي - مشروعة فسنسال بدورنا - عن من صنع الانسان نفسه ؟ سنسال هل الله مخطئ لأنه خلق قابيل الذي قتل هابيل ؟ هل عندما خلق الله قابيل خلقه ليقتل هابيل ؟ هل نعاتب الله على أنسان خلقه ليفعل خيراً ، ففعل ذلك الانسان شراً ؟
ثم وما هي الظروف ، والأحوال التي تمت فيها صناعة ، وإنشاء ما يسمى بالدعم السريع ؟ وما كانت غايات صنعه ، واهدافها ؟ هل صُنِع الدعم السريع ليشن غاراته على الخرطوم ، ومدني ، والجزيرة والأبيض ، والفاشر ، وكردفان ، ويقتل المدنيين المسالمين فيها ، ويسلب أموال اهلها ، ويغتصب نساءهم ؟
هل كانت تلك أهداف من انشأوا الدعم السريع ؟
ام انه صنع ، وكوّن ليساهم في حماية المواطن ، وفي نشر الامن والأمان ، وفي محاربة المؤامرات والمطامع والفتن ، وليحافظ على الوطن والتراب ؟ ثم اولم يكن الدعم السريع يفعل ذلك ويلتزم به ولا يحيد عنه قط حتى سقوط النظام السابق ؟ الم يساهم قبل سقوط الانقاذ في نشر السلام ، والامان ، وايقاف الهجرة غير الشرعية ودحر التمرد ؟ الم يقدم الكثير من الخدمات الجليلة للوطن ؟
ثم اولم ينشئ الذين أنشأوا الدعم السريع الدفاع الشعبي بتعداد يفوق الدعم السريع بعشرات المرات ؟ اولم ينشئوا كتيبة البراء ؟ اولم ينشئوا اللّجان الشعبية ؟ لماذا لم يقم أي جسم من تلك الاجسام بمحاربة الدولة ، أو بالاعتداء على المواطن ، أو بالسطو على البيوت ، والأموال ، والأعراض إن كان مجرد الانشاء هو مبرر الاعتداء ؟ البعض طبعا سيردون علينا قائلين ان الدعم السريع قد فعل ، وفعل ، وارتكب ضد المواطن في الماضي ما ارتكب ، وتلك مغالطات المكابرين طبعا التي كذبتها حتى الجهات التي وجهت التهم في السابق ، واعترفت بفبركة كل الملفات التي تحدثت عن الاتهامات التي نشرت وانتشرت ، ونحن لا نخاطب هؤلاء ولا نكتب لهم ، لانهم لا يريدون حقيقة ، ولا يسعون خلف حق ، أو سلام ، وانما يسعون للوصول الى اهدافهم الخبيثة بغض النظر عن السبل التي ستوصلهم اليها ، وانما نخاطب و نكتب للذين لا يعرفون أن المعركة الدائرة الان هي معركة بين الحق والباطل ، الباطل الذي مثله تجمع المهنيين ، والرباعية ، وقحط وحمدوك ، واعداء السودان من دول الجوار والعالم ، وتمثله الان تقزم وبقية الثلة الخبيثة التي لا ترفع شعار لا للحرب الا عندما يشعرون بضعف قواتهم على الارض ، ومن يدعمهم من دول المطامع ، ولوبي كارهي الاسلام ، وبين الحق الذي يمثله الجيش ، والمقاومة الشعبية ، وكل الانظمة العسكرية التي تحارب في ميدان القتال ، والغالبية الكاسحة من ابناء الشعب السوداني ، وكل الأصوات الوطنية التي تقاتل في الفضائيات ، والميديا ، نخاطب اولئك المخدوعين علهم يستيقظوا فهم أبرياء مثلهم مثل جنود الدعم السريع البسطاء الذين تم خداعهم بدولة ستة وخمسين ، وبالتهميش ، والديمقراطية ، والعدالة ، وظلم الشمالين والكيزان ، نخاطب هؤلاء لانهم رصيد الوطن ، وذخره ، ومستقبله ، نخاطبهم بان يعودوا لرشدهم ، وان يجعلوا الله والتراب غايتهم ، وان يطهروا قلوبهم ، ويتخلوا عن احقادهم ، فالحقد لا يولد الا الحقد ، وخاسرٌ غداً من انتصر اليوم لنفسه وللتنفيس عن احقاده ، وكاسب اليوم وغدا من تسامى ، وترفع عن الصغائر ، وقاتل من أجل الله أولا ، ثم من أجل العرض والشرف ، والوطن.
|
|