Post: #1
Title: المعارضة.. ديماغوجية ودراهم معدودة كتبه د. ياسر محجوب الحسين
Author: د. ياسر محجوب الحسين
Date: 06-03-2024, 12:54 PM
12:54 PM June, 03 2024 سودانيز اون لاين د. ياسر محجوب الحسين-UK مكتبتى رابط مختصر
أمواج ناعمة
اختلاف الرأي لا يُفسد للوطن قضية بطبيعة الحال، إلا أن بعض عُصاة وطنهم ممن تأخذهم العِزةُ برأيهم المخالف لا يتوانون في بيع مواقفهم للخارج بيعا بخساً فاسداً كبيع الحصاة؛ فأينما وقعت الحصاة فللبائع بمدى وقعها دراهم معدودة. وبيع الحصاة: نوع من البيع الفاسد حيث يبيع البائع من أرضه قدر ما انتهت إليه رمية الحصاة. الأسبوع الماضي أنهت معارضة الحصاة السودانية مؤتمراً لها في عاصمة خارجية، وقالت إنها ناقشت في تلك العاصمة المغاضبة لوطنهم المكلوم بعقوقهم؛ قضايا وطنية «مصيرية» بينما كل الشعب السوداني في الداخل باختلاف آرائهم مخرطون لأجل هدف واحد جمعهم بجانب جيشهم لصد ميليشيا الدعم السريع مغول العصر الحديث ومكافحة جرائمها واعتداءاتها. ثم يهرفون يحدثونك عن قضايا الوطن على موائد اللئام ويزعمون أن تلكم محاولات بريئة مخلصة لجلب الديمقراطية للوطن. الغالبية الغالبة من ذات هذه المعارضة تطفلت بالأمس على حراك صنعه شباب في 2019 لم يدركوا مآلاته الكارثية، ودون إجابات في غمرة توثبهم عن أسئلة مثل: كيف سيكون إسقاط النظام؟ وما هو البديل الذي يريده الشعب؟. بل كان هناك سؤال جوهري ومهم، وهو ما هو الخطّ الفاصل بين إسقاط النظام وبين عدم إغراق الوطن في الدماء والفوضى وربما إزالته من خريطة العالم. بيد أن السارقين كانوا غارقين في ديماغوجية مستخدمين أساليب مضللة لكسب ود الشباب بهدف الاستئثار بالسلطة والقرار وحماية المصالح الشخصية والضيقة باسم السياسة. ومعارضة السودان التي غطت بصيرتها برسن سلمته للطامعين الخارجيين كانت مثلها مثل معظم المعارضات العربية من الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم، وظنوا عبثاً أنهم يحسنون صنعاً. لقد نقضت تلك المعارضات غزلها بيدها، وكانت سبب فشل مشاريعها السياسية البائسة بعد سقوط الأنظمة التي ناصبتها العداء؛ فقد صبت جل اهتمامها في نقد الحكومات القائمة والتشهير بها وفضح فسادها فضلاً عن إدمان الشعارات والخطب الديماغوجية، دون أن يكون لها مشروع بديل للحكم والإصلاح حال وصولها إلى سدة الحكم. إن تجربة المعارضات التي قدمت للسلطة إما عبر دبابة المحتل أو بدعمه عبر المال والرشا السياسية، كانت سبب تدهور الأوضاع المريع في العراق واليمن وليبيا والسودان بالضرورة. واتضح أن الديكتاتورية في العراق كانت أفضل من الديمقراطية الأمريكية التي جاءتهم على ظهور الدبابات. وقفت المعارضة العراقية بكل فصائلها الجهوية، والمذهبية مؤيدة وداعمة للاحتلال الأمريكي وتفكيك الجيش الوطني، ولم يفتح الله عليها بكلمة حق وأخذ عداؤها الشديد لنظام صدام حسين عقلها. إن أفضل المبادرات الخارجية تجاه السودان، تبنتها أطراف لم يخرج موقفها من الحرب المفروضة على السودان عن إطار الحياد السلبي الذي تحاول من خلاله تلك الأطراف أو ذلك الطرف، استيعاب أو تجنب مصادمة مواقف إقليمية ودولية داعمة بشدة لميليشيا الدعم السريع وضالعة بالكامل في مخطط تفكيك الدولة السودانية؛ بدءا باستهداف جيشها الوطني الذي يقاتل لأجل الحفاظ على كيان الدولة في ظروف بالغة التعقيد، ودون ظهير أو حتى اعتراف بالتشخيص الصحيح للأزمة في السودان؛ والقائم على أن ما يجري تمرد سافر على الجيش ومحاولة انقلابية على السلطة بدعم خارجي مفضوح. يجب ألا تتجاوز أي مبادرة مثمرة هذه الحقائق التي لا جدال حولها. إن جل استخبارات دول الجوار التي يهمها أمر السودان، تعلم تمام العلم خطورة انهيار الدولة السودانية على أمنها القومي الاستراتيجي، ولذا يأمل السودانيون أن يتم التعاطي مع الملف السوداني وفقا لهذا المنظور. وعليه فإن التفاوض القائم على حقيقة الأزمة والمؤدي لتراجع الميليشيا عما قامت به هو الموقف الصحيح، ولا حديث البتة عن مصالحة تتجاوز الجرائم المرتكبة أو تفضي إلى الإفلات من العقاب، مع العلم الجيش مؤسسة سياسية حتى يتم التفاوض على مسائل ذات طبيعة سياسية.
|
|