محكمة العدل الدولية خطوة نحو إنصاف فلسطين كتبه الدكتور: محمود أبكر دقدق

محكمة العدل الدولية خطوة نحو إنصاف فلسطين كتبه الدكتور: محمود أبكر دقدق


05-25-2024, 02:15 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1716642955&rn=0


Post: #1
Title: محكمة العدل الدولية خطوة نحو إنصاف فلسطين كتبه الدكتور: محمود أبكر دقدق
Author: محمود ابكر دقدق
Date: 05-25-2024, 02:15 PM

02:15 PM May, 25 2024

سودانيز اون لاين
محمود ابكر دقدق-الدوحه
مكتبتى
رابط مختصر




المستشار القانوني والباحث
[email protected]

‏توالت النوازل القانونية من أعلى الهيئات القانونية والعدلية في المعمورة، على دولة الكيان الصهيوني حيث تلقت أعنف الصدمات القانونية يُمْنَةً ويُسْرَة في ظرف أربعة أيام فقط، ‏الأمر الذي لم تشهده تلك الدولة اليهودية منذ الإنشاء، حيث تلقت قرارا لم يكن في الحسبان من المحكمة الجنائية الدولية وقبل أن تستفيق من ذلك جاءت أعلى منظومة قانونية تابعة للأمم المتحدة، ألا وهي محكمة العدل الدولية لتصدر حكما منصفاً، لكنه أقل مما هو مرتجي من قبل الشعوب والأمم التي أصابها اليأس وال################ من الظلم المؤطر على المستوى الدولي لسنوات خلت، حيث أمرت المحكمة إسرائيل "بالوقف الفوري لهجومها العسكري على مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، وفق أمر حظي بموافقة ثلاثة عشر قاضيا من جملة خمسة عشر، حيث اعترض قاضيان من كل من أوغندا وإسرائيل نفسها، وهما على التوالي القاضية الأوغندية، جوليا سيبوتيندي و رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية السابق أهارون باراك. وجاء الحكم بناءً على طلب تقدمت به دولة جنوب أفريقيا على هيئة التماس عاجلٍ في العاشر من من شهر مايو الجاري، لاتخاذ إجراءات إضافية ضد إسرائيل، عطفا على الدعوى القضائية الأصلية المقدمة مسبقاً، متهمة إياها باستخدام أوامر الإخلاء القسري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة "لتعريض حياة المدنيين للخطر بدلاً من حمايتها". ويأتي هذا الطلب في إطار القضية الأساسية التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا ضد إسرائيل متهمة الأخيرة بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين خلال الصراع المستمر منذ سبعة أشهر ونيف. وتفضل بتلاوة القرار رئيس المحكمة القاضي اللبناني/ نواف سلام، وجاء في القرار "يجب على إسرائيل أن توقف فوراً هجومها العسكري وأي عمل آخر في محافظة رفح" "وأن تسمح أيضًا بالوصول دون عوائق إلى غزة لأي هيئة تابعة للأمم المتحدة تحقق في مزاعم الإبادة الجماعية. و "توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية على نطاق واسع دون عوائق" لغزة. وجاء في الحكم أن "الوضع الإنساني في غزة يمكن وصفه الآن بأنه كارثي" ومنحت المحكمة إسرائيل شهرا واحدا لتنفيذ هذا القرار.
‏وحتى تكتمل الصورة لابد من الإشارة إلى أن محكمة العدل الدولية كانت قد أصدرت حكمها المؤقت في القضية التاريخية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، والمتعلقة باتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، نتيجة للهجوم على قطاع غزة. وقد جاء ذلك الحكم في سياق طلب تقدمت به جنوب أفريقيا في أواخر ديسمبر 2023، وفيه التمست تدخل المحكمة لتنفيذ تدابير مؤقتة محددة تهدف إلى "الحماية من أي ضرر إضافي جسيم وغير قابل للإصلاح لحقوق الشعب الفلسطيني بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية" و"ضمان التزام إسرائيل باتفاقية الإبادة الجماعية"، والتي تشمل الامتناع عن ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية، ومنع الإبادة الجماعية، ومعاقبة المسؤولين عن تلك الأفعال". وفرض القرار المؤقت لمحكمة العدل الدولية ستة تدابير مؤقتة، أبرزها توجيه إسرائيل إلى "اتخاذ جميع التدابير التي في وسعها" لمنع الموت والدمار وأي أعمال إبادة جماعية في غزة. ولاحقا تقدمت دول، بينها تركيا ونيكاراغوا وكولومبيا، بطلبات للانضمام إلى القضية. كما أبدت مصر رغبتها في الانضمام إلى الدعوى ويبدو أن هناك دول كثيرة تسير في هذا الاتجاه. ولكن تل أبيب لم تف بما طلبته المحكمة حينها بل صبت جام غضبها على الحكم، وصرحت بأنها تقوم بواجبها تجاه الفلسطينيين حتى دون حكم المحكمة. فيما قابلت الحكم الاخير بتصريح مفاده أن اسرائيل “لم تقم ولن تقوم بأي نشاط عسكري في منطقة رفح يخلق ظروفا معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدمير المدينة”

‏الأثر القانوني لهذا الحكم
في تقديرنا أن محكمة العدل الدولية قدمت أقصى ما جعبتها، وتجاوزت توقعات المراقبين الهلعين المتابعين للشأن الإنساني في فلسطين وليس في مقدور المحكمة تجاوز هذا السقف غير المسبوق، ولكن التحدي يكمُن في تنفيذ هذا الحكم، حيث أن المحكمة ليس بيدها أداة تنفيذ لأحكامها، فهي قدّ نطقت بما رأته صحيحاً وما أستقرّ في ضميرها ووجدانها. والأمر الآن جله بيد المجتمع الدولي الحر المتسلح بالضمير الإنساني والوجدان السليم، من أجل إظهار الدعم للقرار بإرادة سياسية وعزيمة قانونية لا تلين، وللمضي قدما في إيلاء قيم العدالة والكرامة الإنسانية ما تستحقه من مساندة، وذلك بدعم تنفيذ هذا القرار وكذلك قرار المحكمة الجنائية الدولية إذا ما اكتملت حلقاته. وعطفا على ذلك فإن أمام جنوب إفريقيا أن تسلك الطريق القانوني لإكمال هذا المشوار وذلك بالذهاب إلى مجلس الأمن بموجب هذا الحكم، ومعلوم أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة ونهائية للدول الأطراف في القضية وغير قابلة للاستئناف (المادة 94 (1) من ميثاق الأمم المتحدة، والمادة 60 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية). ويتمتع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بسلطة اتخاذ تدابير خاصة لإنفاذ الحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية (المادة 94 (2) من ميثاق الأمم المتحدة). وأن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة فقط للدول اطراف النزاع. ومثلما استبشر الكثيرون بهذا التقدم المحرز من قبل المحكمة، إلا أنه لا يخفى على أحد أن القرار سوف يصطدم لا محال بجدار الفيتو الأمريكي، كما تدل الشواهد والممارسات السابقة، حيث أظهرت الولايات المتحدة معارضتها الصريحة لقرار محكمة العدل الدولية المشار إليه وشمرت عن ساعدها لتقف إلى جانب دولة إسرائيل، و لتشد من أزرها لأكمال مشروع الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني الأعزل، وبقراءة التاريخ والأرقام الرسمية لاستخدام حق النقض "الفيتو" نجد أن هذا حق قد استخدم 260 مرة منذ تأسيس مجلس الأمن الدولي، كان نصيب أميركا منها 114 مرة، من ضمنها 80 مرة لمنع إدانة إسرائيل، و34 لإفشال قوانين تدعم حقوق الفلسطينيين. وهذه القراءة لحق النقض الذي يجد سنده في ميثاق الأمم المتحدة لهو أمر يجعل المرء يصاب بخيبة أمل ويأس ومتلازمة المشاعر النفسية المؤلمة لرؤية الباطل ينتصر على الحق عن طريق ما يعرف بالقانون الدولي. ومهما يكن من أمر فهذا هو الواقع المرير على المستوى الدولي، وعلى الشعب الفلسطيني الصامد والمتوثب نحو العدالة والمساواة ألا يصاب باليأس من بلوغ المراقي والغايات وأن طال الوقت وتشعبت الطرق، يبقى الأمل معقود في انبلاج ُصبح العدل والإنصاف.