Post: #1
Title: ميارم الفاشر تجدد المأساة كتبه درة وداعة /ناشطة و مدافعة عن حقوق الإنسان.
Author: درة وداعة
Date: 05-21-2024, 07:48 PM
07:48 PM May, 21 2024 سودانيز اون لاين درة وداعة-السودان مكتبتى رابط مختصر
رغم المآسي الإنسانية التي مرت بها المرأة في دارفور خلال سنوات الحروب الغاشمة من 2003م التي حصدت الكثير من الأرواح البريئة إلا أن ذلك لم يؤثر على طبيعة المياريم و أخلاقهن إذ يتميزن بالكرم الجواد و البشاشة و ظللن محافظات على إرثهن التراثي الذي يجسد عاداتهن و تقاليدهن التي تعبر عن أصالتهن و كرمهن الفياض (قدح الميرم) : و هو طبق من الطعام تقوم بإعداه المرأة الماهرة في الطبخ و الذي منه تأخذ لقب الميرم .
يعكس قدح الميرم العلاقة القوية للمرأة الدارفورية ببيئتها ، حيث لا يقتصر قدح الميرم على إكرام الضيوف فقط بل يمتد إلى أبعد من ذلك في كثير من جوانب الحياتية منذُ قديم الزمان يقدم لطلبة العلم و المحاربين و عابري السبيل حيث النساء يقدمن أقداحهن بشكل يومي لطلاب الخلاوي و المدارس دعماً للطلاب الذين يأتون من مناطق بعيدة مهاجرين للعلم و هذه مساهمة جليلة من المرأة الدارفورية لإستقرار و إستمرار التعليم و الحياة العامة تاريخياً و حاضراً. قدح الميرم ساهم في إغلاق أبواب العنصرية و الجهوية مساهمة فعالة في توحيد السودان و السودانيين و نجحن فيما فشل فيه العسكر و الساسة و تابعنا كلنا مشاركتهن في ثورة ديسمبر المجيدة و دخولهن باحة إعتصام (القيادة العامة) و هن يحملن أقداحهن كما شاركن في مفاوضات السلام الأخيرة بجوبا مشكلات بذلك لوحة فنية و تراثية أذابت جمود التفاوض .
و هكذا الميارم شُعلة من النشاط في كافة مجالات الحياة فهن أكثر نساء السودان إنتاجاً و عملاً إقتصادياً و إجتماعياً فالكثير منهن يتحملن مسؤوليات أُسرهن الإقتصادية بسبب الحروب التي أفقدت الكثير منهن العائل و يظهر ذلك جلياً في الأسواق حيث يركبن عربات (أم دورور ) يجبن الأسواق عاملات في سوق الخضار و سوق المحاصيل و سوق المرين (اللحم المشوي) ليعن أسرهن و كذا الحال، في المناطق الزراعية فهن من يقمن بفلاحة الأرض حتى الحصاد، و كذا في مناطق التعدين الأهلي نجدهن يكدحن من أجل الرزق الحلال و يعملن كذلك في مجال البناء يحملن الطوب و يعجن الطين و يقمن كذلك بالرعي و نسج البروش و الكثير من الأشغال اليدوية الشاقة كصناعة الجلود و الحبال و الشراقنة و غيرها حتى يوفرن القليل من الإحتياجات الأساسية لأسرهن كاسرات بذلك كل المجاديف و بكثرة نشاطها المتعدد أصبح وجودها مألوفاً في الساحة العامة .
معاناة الميرم لا تقف فقط على المسؤولية الإقتصادية إنما هي معاناة مستمرة يمكن وصفها بلا محدودة فهي تعيش معاناة النزوح و مأساة اللجوء منذُ العام 2003م و حتى الآن رغم هذا ظلت متماسكة صابرة قوية لم تهزمها الأهوال. تقوم جنب إلى جنب مع الرجل لإجل أُسرتها. تضاعفت هذه المعاناة اليوم في مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور معاناة فاقة حد المرونة، فالميرم اليوم لا تستطيع أن تطعم أطفالها و لا نفسها إلا بحد الكفاف دعك من إكرام ضيفها فالجوع ينهشها و العطش يحاصرها في ظل إنعدام الدواء الذي يداوي مرضها أو جرحها النازف فهي تحتاج اليوم الي الغذاء لتطعم أطفالها المهددين بالموت جوعاً فسوء التغذية ظهر و بكثافة في أرجاء المدينة و خاصةً المعسكرات. ففي معسكر زمزم وحده يموت طفل كل ساعتين، حسب تقارير بعض المنظمات و الجهات المدنية الفاعلة !!. تحتاج المرأة، الي ابسط مقومات الحياة من الدواء و الكساء وغيرها من الأشياء الضرورية. بسبب ظروف الحرب و الخوف من التعرض لإنتهاكات الجنسية أصبحت لا تستطيع أن تخرج لكي تعمل، أو ترعى مشيتها، أو تزرع لتسد رمقها و رمق أطفالها.
فهي محصاره خارجياً (من قوات الدعم السريع) في ظل وجود جيش لا يستطيع حمايتها و لا يستطيع أن يوفر لها أبسط مقومات الحياة و قد تفقد حياتها أو حياة أطفالها تحت أي لحظة بنيران المتقاتلين ، فميرم الفاشر اليوم بح صوتها المستغيث فبدلاً من أن تنتج و تعمل أصبحت تحفر خندقاً في منزلها لتحمي أسرتها من الرصاص الطائش الذي يتسور منزلها، لكن هناك قصف جوي للطيران يقلقها كثيراً فما هو الحل ؟؟ فالموت يحيط بها من كل مكان أرضاً و جواً و جوعاً؟!
كادت الميرم أن تفقد الأمل في الحياة لكنها تنتظر الفرج من الله أن يلين قلوب الطاغوت السلطوي المتقاتل على السلطة الذي لا يرحم المواطنين العزل. لذا نطلق نداء الإستغاثة لإغاثتها ، كما نناشد الدعم السريع و الحركات المسلحة و الجيش الإلتزام بمواثيق و العهود الدولية، و إتفاقية الجنيف الرابعة ١٩٤٩ التي تحمي المدنيين وقت الحرب. كما نناشد منظمات المجتمع المدني المحلية و الإقليمية الأمم المتحدة بصفة خاصة ، عبر اجهزتها الرسمية و وكالاتها المختصة بقضايا المرأة، و الضمير العالمي، القيام بمسؤولياته و السعي من أجل حماية المدنيين، خاصةً النساء و الأطفال و المسنين .
|
|