أكملت حرب الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣ سنتها الأولي في السُودان ، وفعلت ما فعلت في البلاد والشعب السُوداني والكُل شهد بذلك... إن الحرب في السُودان ليست بجديدة ولقد ظلت تشتعل فيه الحروب مُنذ تأسيسه ، بل وحتي ماقبل أن ينال إستقلاله ، وتمت به حروب للأبادة في الجنوب ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق ، و وُلدت و نشأت فيه أجيال كاملة في مُعسكرات النازحين والمنافي ، وظلت الحرب فيه مُشتعلة سنوات عديدة ، وحصدت الملايين من السُودانيين ، ومن المُهم جداً التذكير بهذا حتي نعلم جميعنا أن مُطالبتنا بوقف الحرب الحالية والعمل لذلك هو خطوة مُهمة حتي تتوقف وتنتهي كُل الحروب التي إشتعلت في هذه البلاد وتنتفي أسبابها تماماً... الفارق الرئيسي بيّن الحروب السابقة والحرب الحالية أن حرب الخامس عشر من أبريل قامت من أجل الصراع علي السُلطة داخلياً وعلي موارد السُودان من قبل قوي خارجية ، بينما كانت الحروب الأخري نتيجة لمظالم تاريخية وقامت ضد سياسة الحكومات المُتعاقبة وضد هيمنة المركز علي الأطراف والإفقار المُتعمّد حتي تحولت تلك الأطراف إلي التهميش وظهر الصراع والحرب فيما عُرف بيّن المركز "الحكومة المركزية في الخرطوم" والهامش "الأطراف" في الجنوب و في دارفور وجبال النوبة وجنوب كُردفان والشرق ، حرب ١٥ أبريل حرب الهدف منها التخلص من ثورة ديسمبر وكُل مطالبها العادلة والواقع الذي خلقته ، وللإرتداد بالسُودان إلي عهود الأستبداد والبطش والتفرقة بين السُودانيين وسيطرة أقليّة علي السُلطة والثروة ، وقامت لأجل نهب البلاد أو تقسيمها للتحكم بمواردها وثرواتها والإستفادة من موقعها لصالح قوي خارجية وإقليّمية ظلت داعمة للحرب ولطرفيها من أجل هذه الأهداف ، وقامت كذلك لأجل عودة الإسلاميين و "الكيزان" للسُلطة والتحكم فيها ، وأشتعلت كذلك في صراع مُباشر حول السُلطة مابيّن عسكر الجيش ومليشيات الإسلاميين فيه وجنرالاتهم وقيادات إسلاميّة وأخري "عميلة" ومابيّن مليشيا الدعم السريعة"صنيعة الكيزان" أنفسهم الذين تحولوا لأداة بايدي "الإمارات" و "أسرائيل وحلفاؤها وروسيا" لتخريب السُودان وتقسيمه وطرّد سكانه الأصليين لكي تسهُل السيطرة عليه وعلي موارده وثرواته وموقعه ، بينما ظلت بقية حروب السُودان الأخري التي كان الخصم فيها عدد من الحركات المُسلحة للجيش المركزي النظامي ثم لاحقاً أُضيفت له مليشيات الجنجويد والدعم السريع نفسه وكتايب الإسلاميين ومليشياتهم خاصة في عهد نظام المؤتمر الوطني والكيزان مابعد ١٩٨٩ ، في صراع مابين الدولة المركزية القابضة والمُهيمنة ضد مطالب وقضايا عادلة للأطراف والهامش الذي مثلته حركات الكفاح المُسلح في الجنوب ثم دارفور وجبال النوبة وجنوب كردفان والنيل الأزرق والشرق... إذاً المُحصلة كانت صراع طويل ، وسُودان غير مُستقر ، ومظالم تاريخية ، وعُنصرية وإقصاء وغُبن ، وسيطرة لأقلية علي كُل البلاد وعلي الحُكم فيه والتحكم في موارده مع نهب مُستمر لثرواته ونظام شمولي ديكتاتوري وعسكري في أغلب السنوات مابين الإستقلال وحتي قيام الثورة في ديسمبر ٢٠١٨ ، ثم التحولات مابعد الثروة والتغيرات في شكل الصراع حتي حدوث حرب الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣ والتي دخلت في عامها الثاني اليوم... العمل لوقف هذه الحرب الحالية عمل ضروري و يُمثل إختيار وهدف لابديل له في ظل صراع داخلي وخارجي يُعتبر مُهدد وخطر حقيقي لوجود السُودان نفسه كدولة ولجميع شعوبه ، ومن المُهم التيّقن أن المُستهدف الآن كُل السُودانيّين وكُل الدولة في جميّع أجزائها ، والمُستهدف بقاؤها وإستقرارها و وحدتها وحاضرها وثرواتها ومُستقبل أجيالها... إيقاف الحرب الحالية وعودة الأستقرار يُمهد لعملية سياسية يتم التوصل فيها لإتفاق لكيفية حُكم هذه البلاد وإدارتها بما يُنهي كُل الحروب السابقة التي ظلت تشتعل فيها ، ويفتح الطريق لعهد وعقد إجتماعي جديد يضمن الحقوق المُتساوية لجميع السُودانيّين والمواطنة الحقيقية وتتحقق فيه العدالة والتنمية المتساوية وتُقام فيه الحريات والُحكم المدني الديمُقراطي بما يضمن وحدة هذه البلاد وإستقرارها وتقدّمها... أي أصوات نشاز تُريد إستمرار الحرب وإستمرار الصراع فيه وتحكُم فئيات قليلة فيه والعودة بالبلاد لعهد ماقبل الثورة وللسُودان القديم بكل سؤاته من الضروري أن لاتتواجد في المرحلة القادمة وأن تكون هي الأدني صوتاً ، وأن يعلو صوت السلام وتوقف الحرب... العمل الجماعي المُخلِص والبُعد عن التحزب والتعصب للرأي والإقصاء والجمود والتطرف هو الطريق الذي يقود لوقف الحرب وللوحدة ، التنسيق في الجهود وتعلية المصالح الوطنية وتوحيد الصوت والصف الوطني و المدني والثوري هو طريقنا الذي لانكوص عنه في مُقابل الإبتعاد عن المصالح الذاتية والشخصية والحزبية الصغيرة والنزاعات التي أخرت بلادنا كثيراً وأوصلتنا لهذا المصيّر ، مع تعلُمنا من كُل أخطاء الماضي وعدم تكرارها أو الإصرار عليها... من حق بلادنا علينا و شعوبنا السُودانية فيه الإرتفاع لمستوي الظرف والمسؤلية ، والنصر لشعبنا وبلادنا في نهاية المطاف أكيّد... ١٥ أبريل ٢٠٢٤
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
نضال عبدالوهاب
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست