توجهات العلوم السلطوية كتبه د.أمل الكردفاني

توجهات العلوم السلطوية كتبه د.أمل الكردفاني


04-13-2024, 04:24 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1712978658&rn=0


Post: #1
Title: توجهات العلوم السلطوية كتبه د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 04-13-2024, 04:24 AM

04:24 AM April, 12 2024

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر







بعد تدمير الارستقراطية القديمة وتوطيد دعائم الارستقراطية الجديدة المتمثلة في البرجوازية الصاعدة، وتدشين هذا العصر الرأسمالي، لم يعد هناك العلم من أجل العلم، بل أصبح العلم كأداة لتعزيز سيطرة المنظومة الرأسمالية الليبرتارية. أصبحت العلوم كلها اداة للرقابة والتحكم MONITORING AND CONTROL في الشعوب، ليس لتغييرها تغييراً جذرياً فهذا ما سلمت الأفكار الحديثة بأنه مستحيل، بل لتوجيهها سلوكياً بتأثيرات وقتية متقطعة. فحتى في الحالات التي يُعتقد فيها أنه قد تم تدجين شعب معين، يمكن أن تؤدي واقعة صغيرة إلى نفي ذلك. لقد طرح الليبرتاريون ذلك عبر الفنون أيضاً، ففي فيلم الموجة الألماني يتم التأكيد على أن الدموقراطية الغربية يمكن أن تنتكس فجأة وتعود الشعبوية والقومية النازية من جديد وبكل سهولة. وعلى مستوى العلوم الجنائية طور أوسكار نيومان أفكار جيفري لمنهج متعدد التخصصات لمكافحة الجريمة، وهو منع الجريمة من خلال التصميم البيئي CPTED، ولكن ما لا يتم ذكره بوضوح في الأبحاث التي تتناول أدبيات هذا النهج هو أن القوى الرأسمالية باتت لا تميل إلى المناهج القديمة لمكافحة الجريمة، تلك المناهج السوسيولوجية المثالية كمكافحة الجريمة عبر مكافحة الفقر ونشر التعليم وتقوية المؤسسات الإجتماعية التقليدية، إذ أن كل تلك المناهج ليس سوى تدخل غير محمود وغير منطقي لغيير الواقع الاجتماعي على حساب دافعي الضريبة، ومبدأ عدم التدخل هو مبدأ جوهري في الفكر الليبرتاري. هكذا تم توجيه كل العلوم أو أغلبها لتعزيز المنظومة السلطوية الرأسمالية عبر عمليات متنوعة تعتمد على تعدد التخصصات؛ بحيث يتم توجيه الشعوب والسيطرة عليها بوسائل ناعمة، أو كما قال ميشيل فوكو: تأديب العقل وليس الجسد. فهذه العلوم يجب أن تتحرك في كل الاتجاهات ولكن بشكل متزامن ونحو هدف واحد وبدون تناقضات. وإذا كان تشكيل العجين الشعبي على نحو دائم أمر شديد الصعوبة فإن هذه الشعوب يجب أن تخضع لعمليات توجيهية مستمرة ومتنوعة وعبر كل الوسائل الممكنة وباستمرار. فيجب على -سبيل المثال- أن يتضمن أي فيلم أمريكي مشاهد لتفريش الأسنان. فهذه لقطة يجب أن تكون ثابتة في كل فيلم ويؤجرون عليها. وفي التوجيهات الأخيرة يجب أن يتضمن أي فيلم مشاهد لقبلات بين المثليين وغير ذلك من مشاهد ثابتة؛ هذا على مستوى الفنون التي يتم اختيار فنانيها بدقة وإدراجهم في المنظومة والبدء في تأهيلهم كمؤلفين ومخرجين وممثلين، وذلك هو الحال في العلوم الإنسانية والاجتماعية التي تحظى اليوم باهتمام كبير لأنها الأكثر التصاقاً بالأفراد والمجتمعات والتي يتم عبرها دراسة سيكولوجيات الشعوب للاستفادة منها في عمليات التوجيه والتحكم أكثر من العلوم الطبيعية.

(يتبع)