من أسباب فشل المجتمعات في التعامل الفعال مع أنشطة المليشيات فيها عدم إدراك الخطر الحقيقي لها ؛ فإذا كان الواجب الأهم للدول هي حفظ الصالح العام و رعايته ؛ فإن الواجب الأهم لفرد المليشيات هو تحويل الصالح العام لمنفعته الشخصية ! و بالتالي فالدولة و المليشيا في الحقيقة و الواقع هم أضداد ! مثل الحرب و السلام ، و الماء و النار ؛ و ذلك وفقاً لمصالح الطرفين المتضاربة.. من خلال تجربة البشرية في المجال السياسي في عهد ما بعد عصبة الأمم ؛ تبين أن ترك مهمة حفظ الأمن و السلم و الحكم الرشيد ، و مكافحة الهجرة غير الشرعية ، و مكافحة الإرهاب و التطرف على عاتق الحكومات و الدول لوحدها كانت من أسباب فشل الاداء الوظيفي لها ؛ و السبب أن البيئات المختلفة الاجتماعية و الثقافية ، تسفر عن أنواع تفاعلات مختلفة ، فنجحت حكومات ، و فشلت أخرى في المهمة الموكلة إليها بحكم مفهوم : سيادة الدول . و قد ضم حزام الفشل جزء مقدر من دول قارتي إفريقيا و أميركا اللاتينية ، و نتج عن ذلك موجات من النزوح الداخلي و اللجوء ، و إرتفعت وتيرة الإرهاب و التطرف في هذه الدول ؛ الخطف و الاغتصاب ، و تعاني الدول المتقدمة من الهجرة غير الشرعية.. فالجميع حصد فشل سياسات الأمم المتحدة ما بعد عصبة الأمم في التعامل مع نشاط المليشيات المتزايدة في بلدان عديدة آخرها السودان . مقترح قوات صنع السلام الأممية:- يقوم هذا المقترح على إستحداث بنود في القانون الدولي العام ؛ تتيح للأمم المتحدة أخذ تمويل من المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي ، و صندوق النقد الدولي في شكل قروض طويلة الأجل تسددها الحكومات المستقبلية الرشيدة في الدول المستفيدة ، تحت بنود : حفظ الأمن و الحكم الرشيد في الدولة ، و بند مكافحة الهجرة غير الشرعية في الدولة ، و أخيراً بند مكافحة الارهاب و التطرف الناتج من أنشطة المليشيات في الدولة .. تشكل الأمم المتحدة قوات صنع السلام الأممية هذه من النخبة ؛ من كافة الفرق القتالية ؛ تكون مهمتها الأساسية مساعدة الحكومات على هزيمة المليشيات ، تأسيس البنية التحتية الأمنية للدولة في المناطق المحررة من قبضة المليشيات من المكونات المحلية و ذلك بالتنسيق التام مع الدولة المتضررة من نشاط المليشيات ، و العمل على عودة المواطنين لمناطقهم ، و مساعدتهم على الاستقرار فيها عبر بعثة أممية مدنية متخصصة في ذلك و مصاحبة لقوات صنع السلام الأممية ، و بعد تأكد مجلس الأمن الدولي من نجاح قوات صنع السلام الأممية في مهمتها المتمثلة في القضاء على المليشيات ، و إنجاز البنى التحتية الأمنية في المحافظات المتضررة من نشاط المليشيات في الدولة ، و نجاح البعثة المدنية الأممية المصاحبة لها في توفير مقومات الإستقرار للمجتمعات التي عادت لمناطقها المختلفة ، فيمكن للمجلس الموقر إنهاء مهام البعثتين الأممتين .. و بدخول فكر قوات صنع السلام الأممية في عصر ما بعد عصبة الأمم ، يكون مجلس الأمن الدولي قد سد ما كان ناقصا من أركان هيبته ، من ناحية ، و يكون قد عالج نشاط المليشيات المتزايدة في الدول ، و ضخ دماء جديدة في شريان حياة الحكومات ، و مهد للحكم الرشيد و حفظ الصالح العام .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أحمد نورين دينق
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست