السعادة كتبه د.أمل الكردفاني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-16-2025, 09:33 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-05-2024, 11:14 AM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السعادة كتبه د.أمل الكردفاني

    10:14 AM March, 05 2024

    سودانيز اون لاين
    أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر




    إن أسوأ ما يمر به الإنسان هو "العجز"، العجز عن السيطرة على نفسه أو جسده أو محيطه القريب، العجز ليس فقط تقييد حريتنا في الحركة والتنقل والتفكير، بل العجز عن الإفلات من الإجبار على فعل أشياء لا نرغبها. وكلما تعرض الإنسان للسيطرة عليه كلما قلت سعادته، لذلك يمكننا أن نفهم معاناة المرأة من الاحتجاز المجتمعي لها، ومعاناة الفقراء وأولئك الذين يتعرضون للقمع باستمرار. وعلى العكس من ذلك فإن السعادة كمفردة مبهمة يمكن أن تكون تنامي شعورنا بالسيطرة على محيطنا. الرسام يسعد عندما يبدع لتنامي شعوره بالسيطرة على الفرشاة، وكذلك العازف، والبناء والتلميذ، إن النجاح في الحياة هو خطوة من خطوات مناوراتنا ضد العجز. وهكذا تتكون عناصر السعادة من الشعور بالسيطرة عبر النجاح. ولكن النجاح نفسه يعني أن هناك قيوداً يجب مواجهتها وتحطيمها.
    لقد كانت القيود عند الإنسان الأول بسيطة، تتصل بالغرائز والمحفزات والبواعث الأولية، كغريزة البقاء ومن ثم إشباع الحاجات الأساسية كالطعام والشراب. غير أن التحولات السياسية أفرزت المؤسسات الإجتماعية والسياسية والاقتصادية بل والثقافية التي شكلت قيوداً فولاذية يصعب حتى مجرد نقدها ناهيك عن تحطيمها أو على الأقل الإنفلات منها. ثم ساهمت التكنولوجيا في تعزيز قوة المؤسسات في الوقت الذي سحبت فيه من الفرد كل الضمانات التي يمكن أن تحقق له أدنى شعور بالاستقرار عبر سيطرته الضعيفة على محيطه، لذلك فالإنسان الحديث ليس إنساناً سعيداً، بل هو في الواقع إنسان عاجز. فالعجزة هم الأغلبية، أما القوى المسيطرة فهي الأقلية، رغم أن هذا هو ما ظل قانوناً للبشر منذ القدم، حيث تسيطر أقلية ذكية على أغلبية أقل ذكاءً، لكن الأمر أصبح أكثر خطورة في عالم اليوم. فالأقلية اليوم باتت تستخدم كل العلوم والمعارف لتعزيز سيطرتها. فهي تجهز وتعزز من عمليات السيطرة بكل الأسلحة المتوقعة وغير المتوقعة، فالعلوم الإنسانية والاجتماعية مسخرة للعمليات النفسية الموجهة ضد الشعوب، والفلسفة التي كانت سابقاً تحاول بلوغ الحكمة لتحرير الإنسان، أصبحت أحد أسلحة السيطرة على الأغلبية. إن فلسفة النكتة أو الطرفة -على سبيل المثال- أستخدمت نتائجها للسيطرة على الشعوب عبر الفكاهة. المعارف الجغرافية سخرت بالكامل للسيطرة على البشر، علم الاجتماع بكل تنوعاته، القانون، وحتى ما يسمى بالعلوم الزائفة والروحانيات..الخ كلها تستخدم اليوم داخل سياجات المنظومة التي لا يمكن الإفلات منها.
    عندما انتصرت البرجوازية على الأرستقراطية وسلبت منها العبيد الذين كانوا يمثلون القوة الاقتصادية الأساسية لها، تم استبدال العبيد بالعمال المأجورين. كانت العبودية تحقق ضمانات للعبيد، فالعبد ضامن لطعامه وشرابه ومأواه لأن السيد سيحميه كما يحمي سيارته، وإذا أفلس السيد فإنه سيبيع عبده إلى سيد آخر وهذا السيد الآخر سيوفر له ضمانات ليحميه، أما العامل فلا يملك أي ضمانات، فالسيد الجديد لا يحتاج لإلزام نفسه بأي أعباء تجاه العامل، فإذا مرض العامل أو مات، فسيقوم السيد بتشغيل عامل جديد، ولا يحتاج السيد الجديد للإهتمام بأسرة العامل، بل على العكس، إن ضعف أسرة العامل سيؤدي إلى إنناج ذراري ضعفاء سيعملون يوماً كعمال لدى رب العمل. فسواء مات أبناء العامل من الجوع أو المرض فهذا لن يشغل رب العمل، في حين كان أبناء العبيد محميين بأسياد آبائهم لأنهم قوة عاملة مستقبلية ولكن تحت ضمانات الملكية.
    نحن اليوم كبشر -ضمن الأغلبية العاجزة- لا يمكن أن نكون سعداء، إذ نحن لو تأملنا في حياتنا ومحيطنا لن نجد سوى مؤسسات تفرض سيطرتها علينا وتعمل على تعزيز عجزنا حتى لا نتمكن من الإفلات منها. لا يختلف الموظف الحكومي عن عامل البناء في شيء، ولا المواطن عن الأجنبي، فالجميع غير مطمئنين لمصيرهم، وكل شيء قابل للإنقلاب المفاجئ بحسب ما تحدده المنظومة. أصبح الانتقال من مكان إلى مكان مقيداً، أصبح الانتقال من عمل إلى آخر مقيداً، حتى التداوي من الأمراض أصبح مقيداً، شراء سيارة، قيادة حمار، السكن، التعلم، العمل الحر نفسه لم يعد حراً، بل حتى مجرد التبول في قارعة الطريق لم يعد حراً.
    نحن اليوم -كعجزة- ننقسم إلى قسمين: عمال حكوميين، وعمال غير حكوميين. ويتم تكريس كل المناهج التعليمية لتفريخ عمال حكوميين وغير حكوميين. فالمؤسسات التعليمية هي نفسها أحد أخطر أدوات السيطرة على الشعوب. ولم تعد المنظومة بحاجة إلى تلك الوسائل البدائية للسيطرة، كالجيش والشرطة، فهنا اليوم وسائل أكثر نعومة: كالمدارس والجامعات والقنوات الفضائية وتطبيقات الانترنت، والتكنولوجيا التي تنتجها الشركات العابرة للقارات، والمعارف الزائفة كالبرجمة اللغوية العصبية، والطاقة الجسدية والروحية، وتقسيم العمل، وتعزيز الشعور بتوقعات الفشل من المخاطرة ولكن بأسلوب السيكولوجيا العكسية، حيث يتم ضخ إعلامي واسع يدعو الجميع لريادة الأعمال، ولكن في واقع لا يتيح أي نجاح لهذه المغامرة، وهذا ما يعزز الشعور بضرورة التوجه إلى اليقين في الوظيفة (كعامل حكومي أو عامل غير حكومي)، رغم أن الوظيفة مقننة على نزع الضمانات من الفرد وجعله يحيا دائماً في منطقة الأعراف (حيث لا جنة ولا نار) لكي يظل يتمسك بوظيفته. في الواقع فإن السياسات الإعلامية التي تحفز على ريادة الأعمال على نطاق واسع، إنما تخلق شعوراً طبقياً يعزز من النفور من الواقع الاقتصادي البائس للفرد، وهكذا يتشكل توجه نفسي عاطفي تجاه الطبقة البرجوازي. إذ أنني سأظل منبهراً ببيل جيتس وزوكرنبرج وبالتالي كارهاً لواقعي كراعي غنم. رغم أن راعي الغنم قد يكون أكثر حرية من بيل جيتس إذا انعزل بعيداً عن المؤسسات، وإذا لم يكن بيل جيتس أو آيلون ماسك أو غيرهما هما صنيعة المنظومة نفسها. وإذا كان أغلبية البشر لا يملكون المهارات اللازمة ليكونوا كالأغنياء وأيضاً لا يستطيعون اختراق المنظومة حتى لو كانوا يمتلكون تلك المهارات، فأي عائد سينتج عن تلك البروباغندا التي تثار حول ريادة الأعمال. إن العائد واضح وهو إثارة الفزع من الواقع ومن ثم اللجوء إلى القليل من اليقين عبر العمل كعامل حكومي أو غير حكومي. هناك بالغعل توجهاً دولياً نحو خلق الإحباط لدى الغالبية البائسة من البشر بأدوات مختلفة، ومن يعي هذا لن يشعر بالتناقض فيما أقوله هنا، ففلسفة العمل اليوم هي فلسفة العبودية الجديدة، أي العبودية بلا ضمانات.

    ____
    أمل الكردفاني























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de