سقوط مدني أم سقوط الدعم السريع ؟ كتبه د. زاهد زيد

02:17 PM December, 26 2023

سودانيز اون لاين
زاهد زيد-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر

كل الأخبار المتواترة من مدينة مدني وقرى جنوب الجزيرة ، تفوق الخيال وصفا لفظاعة وبشاعة ما ارتكبته عصابات الجنجويد في حق المواطن البسيط وأسرته ، من قتل ونهب وسرقة ، واغتصاب .
فظاعات يندي لها جبين الإنسان الحر ويهتز لها ضميره إن كان حيا .
لم تكن رويات سياسين لكسب سياسي ولا تخرصات أصحاب مصلحة ، ولكن مصادرها قادة للجنجويد أنفسهم وقد صحت ضمائربعضهم من فظاعة ما رأوا وبشاعة ما أبصروه ، ومن أفواه الضحايا ممن سلبت أعراضهم وانتهكت حرماتهم ونهبت ممتلكاتهم .
كثيرون ممن نعرف العمى الذي أصابهم فأخرس ألسنتهم لم يفتح الله عليهم بكلمة عندما انتبه الناس لفعائل الجنجويد التي ظلوا يرتكبونها في دارفور ولم تكن أحداث الجنينة آخرها .
ظن الكثيرون من أصحاب الرؤية الضالة ، أن الدعامة لهم قضية ، وأنهم يحاربون من شعارات الثورة ، ولكن أين هي تلك الشعارات ؟ هل الديمقراطية في سلب الناس أعراضهم وممتلكاتهم ، هل تفكيك دولة 56 بتفكيك بنية المجتمع وتهجير أهله ؟ هل القضاء على الكيزان يتطلب دخول البيوت و ترويع أمنها ؟ هل الكيزان مختبئون في أدراج ودواليب وحقائب النساء ؟
ما حدث في حاضرة الجزيرة و قراها ما حدث قبله في الجنينة وغيرها يجب ألا يمر مرور الكرام ، لابد أن يجد من فعله المحاسبة و الشجب والإدانة والرفض التام .
كان المفروض على قحت ومن يجوب العالم بحثا عن السلام مع هؤلاء الأوباش أن يدينهم وأن يرفع الغطاء عن جرائمهم ويقر بأن بندقية هؤلاء ملوثة بدماء الأبرياء وبطونهم تطفح بأموال الحرام لا يمكن أن تكون العدالة والمدنية والديمقراطية هي هدفهم . فعل ذلك بعضهم أيضا كعرمان والآخر على استحياء ومنهم من طاله رأس السوط فقدم استقالته (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ). عجبي
إن ما حدث في الجنينة وفي نيالا والخرطوم ومدني والحصاحيصا ورفاعة والقطينة وكل قرى جنوب الجزيرة تتقاسم مسؤوليته مع الجنجويد قيادة الجيش ومن يقف خلفها في منافذ القرار أيا كان كوزا أم شيطانا أخرس ، فالبرهان وقادة الجيش هم المنوط بهم حفظ المواطن دمه وماله وعرضه ، وما داموا غير قادرين على حمايته ولا راغبين في السلام فهم غير جديرين بالقيادة .
لم ولن يدرك قادة الأوباش ولا من يساندهم أن المواطن الذي طعن في حرماته وفقد ممتلكاته فقد الثقة تماما فيهم كما فقدها في قادة الجيش ، لم يعد هناك ما يقال لهذا المواطن .
ماذا سيقول له قادة الدعم السريع ؟ كيف يبررون له أخذهم لماله واستباحتهم لحرماته ؟ ما الذي سبرئ جراحه النفسية والجسدية ؟ ما الذي يستطيعون فعله لتلك المرأة التي اهينت وأهين رجالها جلدا وضربا أمام عينها ، ما سيقولونه لتلك التي عبث العلج بها وهو يبحث زعما عن ذهب تدسه في صدرها ؟ كيف سيسكن روع الأطفال الصغار الذين يرون هذا كله وهم يصرخون ويبكون ولا من يرحمهم ؟
ما المبرر هل هو ضعف ( القائد ) كيكل وخوفه على نفسه كما قال أحد قادتهم ، حتى أنه فشل في حماية أهله ؟؟ أم هي سياستهم ونهج حياتهم ؟؟
كيف سيبرر لهم البرهان وقادة جيشه تركهم له ليلتهمهم الأوباش بلا رحمة .
ألف مقاتل من الجنجويد يدخلون مدني وخلفهم 10 ألف من اللصوص والنهابون (الشفشفة) يركوب ما غنموه من مواتر وسيارات نقل ليسهل لهم هؤلاء القادة النهب والسرقة ومن يعترض فالرصاص حاضر ، هذا ما قاله أحد قادتهم عندما صحي ضميره . وحكى كثيرا عن نساء وفتيات يكشف عن صدورهن ونحورهن ليشتكين ما وجدنه من ظلم وقهر وانتهاك لحرماتهن .
لا مجال للمزايدة ولا مهرب من القول الذي قيل على لسانهم أنهم اسقطوا (مدني) عسكريا لكنهم سقطوا أخلاقيا ، ونقول ليس أنتم فقط من سقط ولكن سقط معكم من أدعى حمايتهم .
واهتبلها الكيزان فرصة لن تعوض فإن كان الجيش لا يحميكم فالمقاومة الشعبية وتسليح الناس ، لأنكم إما تحمون عرضكم و ممتلكاتكم بأنفسكم أو سلموها للأوباش ، منطق مقبول في ظل غياب الدولة وجيشها ، ومن هو خائف لن تستطيع أن تقنعه بغير ذلك مهما تحججت بنذر حرب أهليه أو انفراط في الأمن ، كل ذلك لن يمنع أجدا من أن يدافع عن نفسه . دلهم عليها أبالسة الكيزان أم هدتهم إليها فطرتهم وغريزة حب البقاء بكرامة . لا فرق .
وبذلك نقولها وبالفم المليان أن الدعامة كما بدأوا هذه الحرب واستعدوا لها ، ويوسعون يوما بعد يوم دائرتها فهم الآن يخدمون خط الكيزان تماما ، يستعدون الناس عليهم ويصنعون بمنتهى السهولة عداوات واصغان لا لزوم لها ويدفعون الناس ليسلحوا انفسهم في اتجاه هم انفسهم لا يعرفون لجهلهم اين يقودون به البلاد .
البرهان الذي ضيع ثقة الناس في الجيش يخرج للناس لقول أنه ذاهب للقاء حميدتي . ما الذي سيقولانه لبعضهما ؟ أي حوار بينهم فوق جماجم الأبرياء ؟ كيف سيلتقيان وهما يخوضان في بحر من دماء العزل ؟ لا أحد يعلم ، ولا أحد يعرف ما وراءه ؟ وهل حميدتي حيا يرزق فيجتمع أم كل ذلك تخرصات وكلام إعلام ؟ هذا ما ستكشف عنه أيام السودان الحالكة .
قال تعالى :
 فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ