قضية الإندماج الاجتماعي الثقافي في ثنايا قصتي يوسف و موسى عليهما السلام كتبه أحمد نورين دينق

قضية الإندماج الاجتماعي الثقافي في ثنايا قصتي يوسف و موسى عليهما السلام كتبه أحمد نورين دينق


11-07-2023, 12:55 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1699358150&rn=0


Post: #1
Title: قضية الإندماج الاجتماعي الثقافي في ثنايا قصتي يوسف و موسى عليهما السلام كتبه أحمد نورين دينق
Author: أحمد نورين دينق
Date: 11-07-2023, 12:55 PM

11:55 AM November, 07 2023

سودانيز اون لاين
أحمد نورين دينق-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



يعرف الإندماج الثقافي ، على أنه : ( قدرة الفرد على تحييد حواجز ؛ اللغة ، الدين ، العرق ، عن مسيرته في أن يكون صاحب تأثير قولي أو فعلي في محيطه الاجتماعي ) .. و هي قضية عامة ، و لكن في الغالب تحمل على كونها ؛ قدرة الوافدين على التأقلم على ثقافات المجتمعات المستضيفة ، لكن في الحقيقة ، توجد فئات أصيلة في المجتمع المستضيف تعاني نفس الإشكالية ، مما يجعلها ترتقي لمصاف القضايا الإنسانية العامة ؛ و التي تنتج في الغالب لاختلاف القدرات و الإمكانات لأفراد المجتمع الواحد .. واجه يوسف و موسى عليهما السلام قضية الإندماج الثقافي في ظروف مختلفة في نفس البيئة ، فمن ناحية سيدنا يوسف ، نجد أن إحترامه لقوانين الدولة المستضيفة قد تجلت في عدة مواقف ؛ منها على سبيل المثال موقفه عند غواية إمرأة العزيز له ، و رده لجميل عزيز مصر الذي قال لإمرأته عند تبنيه ليوسف :( و قال الذي إشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه ، عسى أن ينفعنا أو نأخذه ولدا ..) (٢١) يوسف .. فكان رد الجميل من يوسف أن قال ( قال معاذ الله ، إنه ربي ، أحسن مثواي ، إنه لا يفلح الظالمون ) (٢٣) يوسف .. موقف آخر ، عندما جاءه رسول الملك في السجن يدعوه لمقابلة الملك ، كان بإمكانه إستجابة دعوة الملك و التغاضي عن مسألة براءته ، و لكنه أراد أن يبرهن للملك سلامة موقفه ، مما زاد من مكانته و ثقة الملك فيه : ( و قال الملك إئتوني به ، فلما جاءه الرسول ، قال إرجع إلى ربك ، فسئله ما بال النسوة اللاتي قطعه إيديهن ، إن ربي بكيدهن عليم ) (٥٠) يوسف .. موقف ثالث يتمثل في كيد ربه سبحانه و تعالى له ، بأن ألهمه بأن يجعل السقاية في رحل أخيه ، حتى يتسنى له إبقاء أخيه في مصر تبعا للقوانين السائدة في مصر في تلك الفترة ، و لعل المجاعة التي ضربت منطقة الشرق الأوسط آنذاك ، جعلت الدولة المصرية تتشدد في قوانين الهجرة ، وهو إجراء طبيعي في وقته ( فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ، ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون ) (٧٠) يوسف .. و هكذا نجد أن يوسف عليه السلام ، لم يتجاهل قوانين الدولة المصرية التي إستضافته ، طوال فترة مكوثه فيها ، مع إختلاف المنطلقات الفكرية بين المستضيف و المستضاف ، و لا غرو في ذلك ؛ فقد آتاه الله كسائر الأنبياء و المرسلين الحكم و العلم ، و كذلك يجزى الله المحسنين ، فتعامل مع أمور الاختلاف بقمة الدبلوماسية ، فنجح ، ووطد لبني يعقوب أرضية طيبة من الاحترام في بلاط الدولة المصرية. و لكن في عهد فرعون مصر في زمن موسى عليه السلام إختلف الأمر ، فقد إتسمت سياساته بالظلم البين الذي لا لبس فيه ، فتبنى الطبقية في المجتمع المصري ( إن فرعون علا في الأرض و جعل أهلها شيعا ، يستضعف طائفة منهم ، يذبح أبناءهم و يستحي نساءهم ، إنه كان من المفسدين ) (٤) القصص . و في ظل هذه السياسة الهوجاء ، فقد وضع فرعون المجتمع أمام خيارين : إما الإنصهار في سياسته أو التقوقع في العقائد المخالفة ، فاختارت طائفة من الأقباط التقوقع في الحنيفية ، و ذلك بقيادة مؤمن آل فرعون و زوجة فرعون آسيا ، و كذلك إختارت آل موسى و هارون ، أما بقية بني يعقوب بقيادة الرأس مالي المعروف قارون فقد إختارت الإنصهار في عصبة فرعون و هامان ، فاختلف الوضع بين رسالتي يوسف عليه السلام و موسى ، فحاكم مصر في زمن يوسف عليه السلام كانت مباديء الإنسانية تجد حظها في دستور دولته ، فكان إندماج الفئة الحنيفية ممكنا لوجود هذه المشتركات ، أما حاكم مصر في زمن موسى عليه السلام فتنكر لهذه المباديء ، لذا صار أمر الإندماج مستحيلا لعدم وجود أرضية مشتركة من القيم ، لذا أرسل الله سبحانه و تعالى سيدنا موسى لإزالة ملكه ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا و حزنا ، إن فرعون و هامان ، و جنودهما كانوا خاطيين ) (٨) القصص . خلاصة القول ، في القصتين ، فيما يخص قضية إندماج أصحاب التوحيد في المجتمعات المستضيفة ، أن المعيار ، يكون في نوعية القيم المتوافرة في دساتير تلك الدول المستضيفة ، فكلما تقاربت مع قيم الحنيفية ، حق للمؤمن الإندماج في ذلك المجتمع ، أما إذا تباعدت ، فارض الله واسعة ، كما ترك موسى مصر تجاه مدين ، و ترك محمد بن عبد الله أرض مكة متجها نحو يثرب ، فالقيم هي الفيصل للمؤمن . البريد الالكتروني: [email protected] .