مع تصاعد الأحداث في دارفور بدأت المخاوف تزداد من أن تكون هذه الأحداث مجرد قمة جبل الجليد العائم ، فقد بدأت تلوح في الأفق رائحة الانفصال التي لا تخطئها أنف المواطن العادي ناهيك عن المتتبع والمحلل لها . فقد شهدنا ونحن نزحف نحو العام من هذه الحرب انحسار موجتها أو تكاد في الخرطوم ما عدا بؤر لازالت مشتعلة كما البركان الذي يوشك على الخمود . الآن تشهد ولاية دارفور في نيالا و الجنينة والفاشرتحشيدا وحربا ضروسا أشعلها الدعامة بعد أن يئسوا من الخرطوم . لم تكن في خطة الدعامة الأولى درفور ، بل كان طموحهم أكبر وهو السيطرة على موطن القرار في العاصمة الخرطوم ، وقتل قيادات الجيش واولهم البرهان . فشلت هذه الخطة فالبرهان لم يقتل ، ولا قيادات الجيش ، ولم تسقط القيادة ولا مقرات الجيش الرئيسة ، وبالمقابل قتل حميدتي أو أصيب فاختفى من الوجود وتم تدمير معسراتهم وقطعت امداداتهم ، فكانت الخطة الثانية وهي الانتشار في الولايات وهذه أرسلوا لها ماتبقى من قياداتهم - قجة وجلحة - ومن شاكلهم ، جلحة لا يعرف أين هو وما مصيره وقجة ظل هائما بين قرى الجزيرة وفشل هجومهم على العيلفون . الذي تحول إلى مجرد محاولة لتشتيت انتباه الجيش عن دارفور . ليس غريبا أن يبادر الدعامة لمحاولة السيطرة على دارفور ، فدارفور هي حاضنتهم والأقرب في خطوط الامداد العسكري بشريا وتسليحا لهم ، ونعلم جيدا أن خط امدادهم الرئيس هو من تشاد – قاعدة ام جرسي – هذه القاعدة الإماراتية بعد أن اشترت الرئيس التشادي وأغرته بالمال . هدف الإمارات واضح من بداية الحرب ، وهو السيطرة على موارد دارفور الغنية بالذهب واليورانيوم وحتى البترول وانابيبه هناك، فهي الممول الرئيس للمتمرد وتقدم له الأسلحة المتطورة من الصناعة الإسرائيلية ، هذا معلوم ومرصود للكل ، وتعلمه الحكومة جيدا ولها حسابات أجرى لا نعرفها في التعامل مع الأمر . قد تكون السيطرة على دارفور هي مرحلة للتوسع شرقا للزحف من جديد على الخرطوم وبقية الولايات بعد أن يستعيد التمرد أنفاسه . وقد تكتفي الإمارات بالتوذج الليبي - وهي التي صنعته – بإقامة دويلة أخرى في دارفور . وهذا هو الغالب . الاحتمال الثالث وهو وإن كان مجرد استنتاج ضعيف أن تكون هناك صفقة لانفصال دارفور بين الكيزان و التمرد فيتركوا لهم دارفور وينفردوا هم بحكم بقية البلد . وهذا ليس مستبعدا تماما ، فالجنوب أبلغ مثال . لن نستبعد أي احتمال فالسياسة فيها كل المفاجآت التي قد لا تخطر بالبال ، لكن من الممكن جدا أن نرجح الاحتمال الثاني ، والسبب هو أنه الأكثر قابلية للتنفيذ . فأطماع الإمارات في دارفور قوية جدا وشهيتها مفتوحة لالتهامها ، والمرتزقة وأصحاب الضمائر الفاسدة مطروحون في كل مكان ، والمال متوفر لديهم ، والمال يجلب المال ويفسد العقول والقلوب . الآن لن يقف الأمر عند الجيش سيطال الحركات المسلحة الدارفورية مباشرة ، قريبا سيعرفون أنهم ليسوا في منجاة من أن تطالهم يد الجنجويد الباطشة ، وسيعرفون أن هؤلاء ليس لهم عهد ولازمة ، وهدفهم هو السيطرة على كل أراضي دارفور فلا حواكير عبد الواحد ولا قضايا المهمشين لمناوي وجبريل وغيرهم من آكلي حقوق دارفور والمتاجرين باسمها . أما من يقف من سياسيي الغفلة خلف المتمرد فسيعلم أنه باعهم في سوق النخاسة الإماراتي . المتغطي بالتمرد عريان ، فالتمرد لم يقم يوما دولة ولم يظهر منه إلا الدمار والخراب لذلك قلنا لا تتركوا الجيش كمؤسسة لتنفرد به أي جهة مهما كانت ، وإن فعل ذلك خطل شديد وخطيئة فادحة . ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة