ان الذي احدثته هذه الحرب العبثة المدمرة فأنه واضح للناظرين من خلال اثار الدمار الحسي المحسوس وماخلفته من قتل ودمار وهلاك حتي صارت رائحة الدماء تفوح من كل مكان، ان الذي فعلته المدافع والقنابل والبنادق محسوس لكل ناظر دون ادني شك ، ولكن الشيئ المؤسف والمرعب حقا هو ذلك الجانب المخفي في العتمة والظلام الدامس بين ثنايا مجتمعنا او ذلك الوجه الاخر الذي يتخفي عبر اصطناع الابتسامة المزيفة واظهار الود الكاذب، لقد ادركنا كم من خائن في مجتمعنا من اصحاب النفوس الخبيثة الصدأ التي تتخفى بيننا من اجل نفسه اولا و مصالحة الشخصية المقدمة علي الجميع، اننا نري بوضوح تلك المخازي التي تسبب بها هؤلاء وادت الي مقتل الكثير من المواطنين الشرفاء عبر الوشاية بهم وتبليغ الطرف المناوئ حيث يأتون لهم في منازلهم ويتم ضربهم واهانتهم و اعتقالهم او قتلهم في حال مقاومتهم، كل هذا بفعل الوشاة المجرمين وضعاف النفوس المندسين وسط حوارينا ومربعاتنا و احيائنا، حيث كان الناس يحسبون أنهم مأمونين الجانب لانهم جزئ من نسيج المجتمع ولكن للاسف كم من خائن جبان رعديد ظل قابع متخفي بيننا وكم من مخبر مندس بيننا قد أوشى بالشرفاء والشجعان لقد كشفت لنا هذه الحرب عدد من الخونة الذين يعيشون بيننا وان افعالهم هذه تقودنا نحو ماقاله "فرانس فانون" في كتابه (معذبو الارض) حيث تحدث عن سايكولوجيا الخيانة والعمالة واشار الي ظاهرة الخونة والعملاء، وتحدث باستفاضة في هذا الجانب وانتهي بنا الي نتائج مفادها ان نفسية الخائن تنتج عن اسباب كثيرة من بينها القهر الاجتماعي والظروف الاجتماعية القاسية، والتنشئة الأسرية الخاطئة، والانتقاد اللاذع الذي تلقاه في طفولته، وضعف الثقة بالنفس نتاج خلل في شخصيته، وفشله المستمر في تكوين علاقات اجتماعية سوية، وتركيزه المفرط علي ردود الفعل اللاذعة تجاه تصرفاته واقواله، وشعوره الدائم بانه وحيد وخجول وقلق، وانه مظلوم ويستحق اكثر مما هو عليه وذهب الي ان كل ذلك يولد شخصية مريضة، تعتقد ان الناس يكرهونه وينبذونه، مما يجعله يشعر بانه اقل من الآخرين، حتي يصل إلى يقين بأنه عار على المجتمع، وينشأ عنده مركب النقص، فيلجأ في النهاية للعزلة الاجبارية التامة، وتبدا عنده مرحلة التصورات والخيالات الخاطئة، فيتولد لديه ألم وقسوة تجاه نفسه، ويؤمن بتأثير الآخرين عليه، ولا يتوقف في حدود كراهيته لنفسه بل يتعداها لكراهية اهله وجيرانه ومحيطه ووطنه ، يتحول الي شخصية انتقامية وواشي وخائن، ابحثوا حولكم كم من خائن جبان تسبب في مقتل شرفاء بسبب وشايته وخيانته، ان الخائن اكثر خطورة من العدو المعروف، حافظوا علي الشرفاء ولو كانوا خصومكم، ولاتفرحوا بالسفهاء ولو وقفوا معكم فالشريف لاتجده في مواقف الكرامة الا شهما يأبي أن يدنس مقامه بفعل قبيح او قول مشين، والسفيه لاتفرح به ولاتركن عليه فهو اليوم معك وغدا عليك او كما قال الشاعر لا تلتفت لترى الرُّماة فربما فُجع الفؤاد لرؤية الرامينا فلربما ابصرت خلا خادعاً قد بات يرمي في الخفاء سنينا ولربما ابصرت قومًا صُنتهم باتو مع الرامينا والمؤذينا كم في الحياة من الفجائع فانطلق لاتلتفت وذر البلاء دفينا
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة