وداعاً أبانا الروحي حسين ابراهيم همت ( المهاتما همت) كتبه دكتور عبد الوهاب همت

وداعاً أبانا الروحي حسين ابراهيم همت ( المهاتما همت) كتبه دكتور عبد الوهاب همت


09-16-2023, 08:23 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1694892180&rn=0


Post: #1
Title: وداعاً أبانا الروحي حسين ابراهيم همت ( المهاتما همت) كتبه دكتور عبد الوهاب همت
Author: عبدالوهاب همت
Date: 09-16-2023, 08:23 PM

08:23 PM September, 16 2023

سودانيز اون لاين
عبدالوهاب همت -uk
مكتبتى
رابط مختصر




اذا كان المهاتما غاندي قد شكل رمزاً للصمود والوطنية وحب الخير والخلود في وجدان الشعب الهندي ليتحول إلى إيقونة وطنية تغنى وسوف يتغنى بها الشعب الهندي لان المهاتما غاندي فعل كل شيء من أجل شعبه ووطنه . حريٌ بنا أن نباهي ب ((المهاتما همت)) سوداني من جزيرة بدين وهي جزيرة هادئة وديعة تعد أكبر جزيرة سودانية يفصل بينها ومدينة كرمة اللسان الآخر للنيل وكرمة أول مدينة شهدت صهر الحديد في العالم قبل ٧ ألف عام قبل ميلاد السيد المسيح ، واذا كانت هناك شخصيات يتجاهلها الاعلام لأسباب غير معروفة فإحداها والدنا الراحل المقيم حسين ابراهيم الذي تحلى بحكمة الفلاسفة وبسالة الفرسان المغاوير وهدؤ المتصوفة والصوت القوي الجهير الصادح بالحق دونما مراء. شكل والدنا حسين مع صنو روحه وتوأمه حسن ثنائيه متفردة كان أولها الصورة طبق الأصل لبعضهما البعض وتناغم وإنسجام لاتجد معه فرصة التمييز بينهما ، وكان الراحلين حسن وحسين يشكلان توأمة في كل شيء إذ كان أي منهما يعبر عن الآخر بشكل كامل حتى لو تباعدت بينهما المسافات فما قال به أحدهما يوافق عليه الآخر ويستعير أي منهما لسان الآخر ومواقفه وتصوراته، وما إختلفا عليه ظاهرياً فهو مكتومٌ في صدريهما،.
وقد كان صدريهما يمتلأن بحب الخير وسلامة الموقف والاستعداد الكامل لإبداء الرأي حال طلب المشورة أو المساعدة والاعتذار ( والاعتذار من شيم الكبار وهي خاصية لاتتوافر إلا عند الشجعان) وفي أي لحظة لإستدراك وتصحيح ما أخطاء فيه وذلك بتواضعٍ جم وبصيرةٍ نافذة تزن كل شيءٍ بميزانه وهو ميزان إنساني عقلاني لا أكثر ولا أقل.
غادر والدنا جميعاً حسين السودان لبعض الوقت وإستقر به المقام في دولة قطر في سبعينيات القرن الماضي، وفي فترة وجيزة كون سفارة سودانية بشحمها ولحمها تحلق حوله السودانيون بل وضربت علاقاته داخل الاسرة الحاكمة، لكن الغربه لم ترُق له فعاد مرةً أخرى الى السودان الوطن الذي أحبه ومثل له ماتمثله المياه للأسماك. إستقر المقام بالكثيرين من أسباط همت حمزة في منطقة العزوزاب وكلما جاء أحدهم إلا وبحث عن مُستقرٍ لاحد إخوته أو أخواته ، وبعد فترة وجيزة إستطاعوا ان يشكلوا شبه مستعمرة في حي العزوزاب بالخرطوم. والدنا وعمنا وكبيرنا حسين والذي ترجل ظهر اليوم الموافق السبت١٦ سبتمبر٢٠٢٣ كان شديد الاعتداد بأهله رمزاً للتوادد والتراحم وحب الخير لكل من عرفهم. كان كلما ذهبنا في عطلاتنا المتقطعة والتي تتجاوز السنوات الطوال يطلب منا البقاء في الوطن وحكمته وهو الحكيم بحق( البلد دي ماحقت زول، البلد دي حقت الناس كلهم ، ويا إبني عشان ماتندموا بعدين أحسن ترجعوا بلدكم وقيمتكم هنا والكيزان ديل اذا موجودين الليلة بكرة حيكونوا مافي ، واذا انتو عايز تغيروا مين اللي راح يغير ، تعالوا راجعين ونحن معاكم وخلوا بلدكم تستفيد من معرفتكم من علمكم انا كمان عرفت عبدالمنعم بقى دكتور وانت كمان دكتور والاسرة ماشاء الله الدكاترة كتار وكلكم مش تبقوا دكاترة برة البلد تعالوا اشتغلوا هنا فقاطعته ، انا خلاص شغال في دارفور فقال لي في الجامعة وكانت إجابتي لا في معسكرات النازحين واللاجئين والمحرومين والارامل والايتام والمحرومين ، لحظتها مرر يده على جبهته الطاهرة بعد أن أزاح نظارته وطفرت دمعه من عينه لكنه محاها بسرعه . بعدها إنفرجت أساريره ورفع يديه إلى السماء وواصل حديثه(الشيوعيين يا إبني مفروض يحكموا البلد دي) ونوع هذه الرسائل يرسلها أعمامنا ونفهما دونما أي تفسير ففيها وفاء لأهل عطاء.
كانت هذه هي فلسفته التي جعلها شعاراً له. كان دائم السؤال ( يا إبني إنتو متواصلين ومكملين لبعضكم؟ نحن عارفين الاوضاع بره والحياة قاسية ولازم تتساعدوا ومافي زول يخلي أخوه).
حسن وحسين شكلا شجرة ظليلة شامخة يستظل بها الناس بمعناها الحقيقي وليست شجرة دليب ( ترمي بعيد). كونا مؤسسةً خيريه تعمل في الوضع الصامت، وفي صمتهما كان الكلام ، والويل لمن لايمتلك منزلاً أو قطعة أرض فنظرتهما دائماً كانت مستقبلية، سكنا العزوزاب والتي كانت خارج نطاق الخطة السكنية وأفلحت جهودهما مع آخرين في أن يدخل الحي الى سجلات الاراضي الرسمية وكان سؤالهما الدائم وفي جلسات إنفرادهما مع من يبرونه بالحب والخير ( عندك بيت؟ إشتريت واطه؟ ياإبن ستين كلب(وهذا تعبير عن حُب دفين الا يطلقانه إلا على الخاصة) إذا ماعندك قروش ورينا المطلوب نحن أعمامك وده واجبنا وانت لازم يكون عندك واطة يلا نمشي نوريك محلات انت إختار ونحن جاهزين واللي يهمنا إنه الدنيا مامعروفة وبكرة بعد بكرة لازم يكون عندك ضُل) بالله عليكم ماهذه الحكمة وماهذا الحب؟ ما أعظمكما أبويي وأعمامي لقد ظللتما وشيجةً من وشائج الخير وشرياناً من شرايين الرحمة، وقلباً نابضاً بحكمة الحكماء وبنقاء وطُهر الروح. كنتما كأسباط همت التي تميزت بسُخريةٍ لاذعة وذكاء فطري وسرعة بديهه خيالية.
من أقسى الأشياء على النفس أن تكتب لتعبر عن من تُحبه حباً سرمدياً.
، كم كانت تلك الكلمات قاسية وجارحة وبغيضة ولئيمة عندما أبلغني عبدالمنعم بمختصر الكلام( عمي حسين مات) وإنتهى. هذه جملة من ثلاث كلمات لكنها قاسية قسوة لاتخرج بسهولة وإن خرجت فهي مُدمرة بشكل كامل كما دمر الكيزان بلادنا فشردوا بنوها وحطموا نفسياً من آثروا البقاء تحت كل الظروف فاما حولوهم إلى نسخٍ مشوه أو أتباع أذلاء يقتاتون بقايا موائد الطغاة. والأن هاهم كالبوم الذي يهوى الخراب ها قد قدحوا زناد الحرب الحرب اللعينة التي شردت ونزحت وهجرت وقتلت وطمست معالم كل شيء ، حلت بكم اللعنات كيزان السؤ والسم الذي يسري أينما أينعتم يامنابت السؤ.
المقام هنا مقام شخص عظيم إفتقدته اليوم وسأفتقده في أيام أكثر سواداً من هذه الايام، كانت نظرته فيها ( غير) وهي تعني في لغة الشوام مختلفة. الحرب التي قدح زنادها الاخوان المجرمون حالت دوننا وان نشارك في إنزالك إلى نُزُلك الدائم والمستقر ، وان نتلقى فيك العزاء من رهوط من البشر سيأتون من فجاج الأرض بعد أن يعلموا بهذا الخبر الصاعق المزلزل. سيرتك العطرة ستظل فائحة تغطي كل الأمكنة التي تحبها وروحك الطاهرة ستظل تغطي كل المساحات . أودعك اليوم يا أبتي الوداع الأبدي ودع كل واحدة وكل واحد منا يعبر عن مرارة فقده لك بما يشاء ، وإني على يقين بأنك مُبتسمٌ وراضٍ كل الرضى عن كل فضائل أعمالك.ونحن سنفتقدك ونفتقدك ونفتقدك صديقاً عزيزاً وعماً فاضلاً وأباً كريماً . فأرقُد بسلام ويغشاك الغمام وعليكم السلام