الحضارة بين محمد إقبال ومالك بن نبي كتبه عبدالرحمن محمـــد فضــل

الحضارة بين محمد إقبال ومالك بن نبي كتبه عبدالرحمن محمـــد فضــل


08-20-2023, 02:31 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1692538279&rn=0


Post: #1
Title: الحضارة بين محمد إقبال ومالك بن نبي كتبه عبدالرحمن محمـــد فضــل
Author: عبدالرحمن محمد فضل
Date: 08-20-2023, 02:31 PM

02:31 PM August, 20 2023

سودانيز اون لاين
عبدالرحمن محمد فضل-السعودية
مكتبتى
رابط مختصر



ظِلَال القمــــــر

[email protected]


اذا تعمقنا في القراءة نحو الجوانب الفكرية بالنسبة للفيلسوف والمفكر الهندي محمد اقبال والفيلسوف والمفكر الجزائري مالك بن نبي نجد
إن كلا الفيلسوفين قد اهتم بالمسألة الحضارية وأسباب سقوط وانهيار الحضارات والدول وتناولوا بالبحث والدراسة المعمقة الشرعية الحضارية و أسباب انهيار الحضارة الاسلامية
والجدير بالذكر في معرض حديثنا هذا ان نشير الى أن كلا الفيلسوفين(محمد اقبال ومالك بن نبي) قد تأثر بالفيلسوف الألماني(هيجل) وعلي وجه الخصوص في آراءه حول الإمكان الحضاري والذي يقصد به أن هناك فرقا بين الحضارة كبذور ومباديء قيمية حضارية وبين تطبيق هذه القيم على أرض الواقع ويرى الفيلسوف الالماني" هيجل" أن الشعوب لاتقتل بل تموت داخليا موتة طبيعية وتصبح غير قادر على تنفس الحياة وقوانينها وأعباءها فتصاب بالاختناق الحضاري ثم تموت تلقائيا وتمسح من خارطة الحياة والابداع وكلا الفيلسوفين ينظران الى المشكلة من زاوية مختلفة ففي الوقت الذي ينظر محمد اقبال الى سقوط وانهيار الحضارة نظرة هيكلية خارجية بينما ينظر مالك بن نبي الى المسألة نظرة عضوية داخلية فمحمد إقبال يرى أن الإمتداد الجغرافي والتمدد العسكري يؤدي الى قتل روح القيم التي تحكم تلك الحضارة (جيش - دعم سريع- حركات مسلحة - حركات الكفاح - الدفاع شعبي) فتتحول من حضارة قيمية روحية الى إمبراطورية وقوة عسكرية قاهرة مما تؤدي الى إضعاف قيم ومباديء تلك الحضارة
فقيم الديمقراطية في أثينا قد تلاشت بعد مجيء الاسكندر الكبير ومغامراته العسكرية الهائلة التي أوصلته الى تخوم الصين شرقا هذه المعارك حولت أثينا من الديمقراطية الى امبراطورية عسكرية غاشمة تعتمد على مبدأ القوة العسكرية فأنهت بذلك قيم أثينا الديمقراطية وكذلك بالنسبة للحضارة الاسلامية
فهي بدأت حضارة قيمية روحية إنسانية ولكن بمرور الوقت وبعد الفتوحات العسكرية والتوسع الجغرافي من الصين شرقا حتى حدود فرنسا غربا هذا التوسع والامتداد الجغرافي السريع لم تعط الفرصة للحضارة الاسلامية في أن تستوعب شعوب وثقافات تلك الاراضي فتحولت الى من قوة روحية قيمية سامية الى قوة وإمبراطورية عسكرية فلم تستوعب تلك التحولات السريعة فأُصيبت بالاختناق والانفجار والانشطار ثم السقوط والزوال بينما ينظر مالك بن نبي الى مسألة سقوط الحضارة وبقاء شرعيتها نظرة عضوية بنيوية داخلية فيرى أن التصدعات والشروخ الداخلية التي حدثت داخل جسد الحضارة الاسلامية أدت الى إنشطار الجسد الحضاري للأمة ، فمنذ واقعة ( صفين) وما تلتها من أحداث مؤلمة أصابت ضمير الامة بالصدمة والذهول والوهن والضعف والانشقاق ثم توالت الحروب والتصدعات وبدأت هذه الشروخ بالتوسع حتى أدت في النهاية الى انشطار جسد الامة ومن ثم إنهيار الحضارة الاسلامية ويرى بأن الحضارة بدأت في المرحلة الاولى حضارة روحية قيمية ثم تحولت في المرحلة الثالثة الى قوة وإمبراطورية عسكرية وفِي المرحلة الاخيرة تلاشت القوة العسكرية لتؤدي بالنتيجة الى انهيار وسقوط الحضارة الاسلامية بعد أن فقدنا القيم الروحية والقوة العسكرية معا، اذا ماهو الطريق الي النهوض مرة اخري لاخيار اذا سوي القيم الروحية والدين هو النبع الصافي القوي لبث القيم الروحية والتي بدون شك هي وقود اي حضارة في الوجود وعلي وجه الخصوص دين الاسلام يقول الله عز وجل ﴿وَجاهِدوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجتَباكُم وَما جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدّينِ مِن حَرَجٍ مِلَّةَ أَبيكُم إِبراهيمَ هُوَ سَمّاكُمُ المُسلِمينَ مِن قَبلُ وَفي هذا لِيَكونَ الرَّسولُ شَهيدًا عَلَيكُم وَتَكونوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ فَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعتَصِموا بِاللَّهِ هُوَ مَولاكُم فَنِعمَ المَولى وَنِعمَ النَّصيرُ﴾ [الحج: ٧٨]