جيش واحد كوز واحد : الحفر بالإبرة لتطبيع القُبح! كتبه عماد خليفة

جيش واحد كوز واحد : الحفر بالإبرة لتطبيع القُبح! كتبه عماد خليفة


07-31-2023, 03:34 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1690814068&rn=0


Post: #1
Title: جيش واحد كوز واحد : الحفر بالإبرة لتطبيع القُبح! كتبه عماد خليفة
Author: عماد خليفة
Date: 07-31-2023, 03:34 PM

03:34 PM July, 31 2023

سودانيز اون لاين
عماد خليفة-USA
مكتبتى
رابط مختصر





قبل أن تقطع الجبهة الإسلامية القومية (أحد الأسماء السابقة للحركة الإسلامية) الطريق أمام الديمقراطية الثالثة و مبادرة السلام السودانية التي عالجت أسباب وجذور الصراع المسلح في السودان الموقعة في نوفمبر 1988 بين السيد محمد عثمان الميرغني والراحل الدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان بانقلابهم المشؤوم في يونيو 1989، قامت الجبهة الإسلامية القومية وتمهيدا لذلك الانقلاب بحملات ومواكب عديدة أطلقت عليها أمان السودان لدعم القوات المسلحة بحجة حسم التمرد الذي روجت بأنه على مشارف الخرطوم وأن الخطر على الدين والأرض والعرض بات قاب قوسين أو أدنى. كان أهم أدواتهم في ابتزاز من يقف ضد هذه الحملات الشائهة هي التخوين و(تابو) خط الجيش الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه. كان هذا الجيش هو نفس الجيش الذي حاربوه في يوليو 1976 مع مجموعات معارضة أخرى.
والآن بعد مرور خمسة وثلاثين عاما يسترجعون نفس التاريخ وبذات الوسائل والأدوات التي لا يُجيدون غيرها، ولغبائهم الفاضح فات عليهم أن جيش 1988 ليس هو جيش 2023 الذي دمروه وجعلوا على قيادته أحقر من أنجبت الحركة الإسلامية فخلقوا جفوة نفسية عميقة بينه والجماهير بسبب تجاوزاته وانتهاكاته الجسيمة والمستمرة مع وليده الدعم السريع ضد الشعب السوداني وضد إرادته في الحرية والعدالة والسلام والتحول الديمقراطي.

فالجيش كما وصفه القيادي بالحركة الإسلامية الكوز عبد الوهاب الأفندي الذي قصد رفع قيمته ولكنه أهانه أبلغ إهانة إذ قال (أن الجيش تحول إلى حركة مقاومة ضد مشروع الدعم السريع لابتلاع الدولة السودانية) جيش يتسحوذ على 82% من اقتصاد البلاد وتخصص له 70% من الميزانية العامة يتقزم ويتحول لحركة مقاومة شأنه شأن أي حركة مطلبية اتخذت السلاح لمقاومة ابتلاع الدولة التي يمثلون سيادتها، هذه القوى التي تنوي ابتلاع الدولة لم تأتِ من كوكب آخر، بل خرجت من رحمهم كما كانوا يقولون. صدق الافندي فالجيش قد تم تحويله خلال فترة حكم الإنقاذ البائس إلى مليشيا تقودها الحركة الإسلامية، لم يراع ويصون قسم حماية الشعب وصون كرامته، فصار جيشاً متآمراً ومتسلطاً، تسبب في تعطيل تنمية البلاد وجعلها تتزيل قائمة الدول الأكثر فشلاً و بؤساً وفقراً وفساداً في العالم، يعمل على تعطيل مسيرة الحكم المدني والديمقراطي الرشيد، تناسى واجبه المقدس في حماية البلاد والعباد، فتم اصطياد قادته كالفئران من قبل مليشيا قام بصناعتها وتدريبها لتحارب وترتكب الجرائم نيابة عنه وتموت في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، ولم يستطع تحرير مقراته وقادته لأكثر من مائة يوم من الحرب. فهذا الجيش أهدر موارد ومقدرات البلاد في حروب عبثية ضد شعبه بطول البلاد وعرضها استمرت لأكثر من ثلاثين عاماً خسرها جميعاً و فقدنا بسببها ثلث مساحة السودان.

يحق لأي سوداني وسودانية أن ينتقد أداء هذه المؤسسة الخربة حتى لا تكون مطية لكل مغامر يريد تحقيق حلمه او حلم (صدام حسين) في حكم هذه البلاد بقوة الحديد والنار. هذا الجيش يتم الصرف عليه من حر مال هذا الشعب وبالتالي يحق للشعب انتقاده وإصلاحه وهيكلته، بل هو من يحدد ويقرر مستقبله حتى لو كان ذلك بحله وتسريحه… فهناك شعوب قررت التخلص من عبء جيوشها بحلها والتخلص منها تماماً لأنها تسببت في جلب الفقر والعوز والفساد والمحسوبية وظلت متخلفة بسبب حكم العسكر وجنرالاته الفاشلين كما حدث ويحدث في السودان منذ الاستقلال.

لايمكن أن يتم ابتزاز الشرفاء الذين يدعون لايقاف هذه الحرب المدمرة و ينادون بإصلاح وهيكلة هذه المؤسسة الموبوءة و ابعادها عن الحكم والسياسة من قبل إعلام الحركة المسيلمية ووسمهم بالخيانة، ولا يمكن التشكيك في وطنيتهم لأنهم يطالبون بأن تخضع هذه المؤسسة للقيادة المدنية شأنها شأن كل المؤسسات الأخرى في الدولة … فالحديث عن الجيش وإصلاحه لم يعد خطاً أحمر كما يتوهم أولئك المتاسلمون، ولم يعد حكراً على العسكريين وحدهم لأنهم فشلوا منذ الاستقلال في بناء جيش قومي و مهني محترف بعقيدة وطنية تعكس تنوع وتعدد قوميات الشعوب السودانية. لا نريد جيشاُ يتآمر قادته لوأد أحلام وتطلعات الجماهير، ويحفر قادته بالابرة كما قال البرهان انهم (تعلموا أن يحفروا بالإبرة). ولكن السؤال المهم هل يتم هذا الحفر لتحقيق رفاهية الشعب السوداني ورفع المعاناة عن كاهله بتحديث وسائل الإنتاج، و لتأسيس جيش واحد مهني وقومي، ولبناء وتحديث البُنى التحتية المتهالكة بالبلاد؟
من الواضح أن هذا الحفر الذي يعنيه البرهان وتخطط له وتحدد مساراته الحركة الإسلامية التي ما تزال تسيطر على جنرالاته، كان من أجل المزيد من تفتيت نسيجنا الاجتماعي والمزيد من صب الزيت على النار لمواصلة هذه الحرب العبثية التي أشعلوها، يؤكد ذلك الحديث العنصري المقيت الموثق والمبذول على اليوتيوب الذي قاله الجنرال ياسر العطا أمام حشد من الضباط عن أعضاء الحكومة من حركات سلام جوبا الذين اختاروا الحياد في هذه الحرب ونادوا بايقافها منذ اليوم الأول. كان حفر البرهان و جنرالات جيشه من أجل قطع الطريق أمام أي انتقال يقود إلى خروج الجيش عن الحياة السياسية وإخضاع مؤسساته الاقتصادية لوزارة المالية، كان لإيقاف تفكك بنية نظام الحركة الإسلامية المتداخلة والمرتبطة بمؤسسات هذا الجيش الفاسد، وكان من أجل ترويع المواطنين بمزيد من الحروب والقتل والتشريد، وكان من أجل تطبيع وتوطين هذا القبح، وبالتالي تدمير وهدم الوطن بمن فيه عقاباً لهذا الشعب الذي ظل يهتف منذ أربعة أعوام كاملة مردداً دون كلل أو ملل: (العسكر للثكنات والجنجويد ينحل…. و أي كوز ندوسو دوس … ولن تحكمنا عصابة الجبهة) لن تتوقف هذه الهتافات ولن تنطفئ جذوة هذه الثورة الباسلة ولو حفر البرهان وجماعته من المتأسلمين بالجرافات، حتى تصل لغايتها في بناء دولة الحرية والعدالة والسلام والديمقراطية على أنقاض دولة عسكر الكيزان الفاشية ومحاسبة كل جنرالات الدم و لصوص الحركة الإسلامية عما اقترفوه من جرائم بحق هذا الشعب المكلوم.