(الدكتاتورية) المدنية و(الإكراه) السياسي في* *السودان* كتبه د.حسين عمر عثمان

(الدكتاتورية) المدنية و(الإكراه) السياسي في* *السودان* كتبه د.حسين عمر عثمان


07-29-2023, 04:48 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1690645693&rn=1


Post: #1
Title: (الدكتاتورية) المدنية و(الإكراه) السياسي في* *السودان* كتبه د.حسين عمر عثمان
Author: د.حسين عمر عثمان
Date: 07-29-2023, 04:48 PM
Parent: #0

04:48 PM July, 29 2023

سودانيز اون لاين
د.حسين عمر عثمان-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




*الدكتاتورية* هي شكل من أشكال الحكم المطلق تكون فيها سلطات الحكم محصورة على شخص واحد أو مجموعة معينة كحزب سياسي أو تكون ديكتاتورية عسكرية. وللديكتاتورية أنواع حسب درجة القسوة، تكون في أقصى درجات القسوة في الأنظمة ذات المجتمعات المغلقة التي لا تسمح بأي مكونات سياسية ولا أي نوع من المعارضة. وتعمل جاهدة لتنظيم كل مظاهر الحياة الاجتماعية والثقافية، وتضع معايير للأخلاق وفق توجهات الحزب أو الفرد الحاكم، والأمثلة على ذلك كثيرة في ممارسات الدول.
وبصدد الحديث عن السودان، فهنالك عدة أشكال وممارسات لأساليب "الدكتاتورية المدنية"؛ منها عدم التفويض، انعدام المؤسسية، غياب الديمقراطية الداخلية للأحزاب، عدم تجديد الدماء، غياب الشفافية، استخدام الدوافع غير الموضوعية في العمل السياسي، المال الفاسد، الابتزاز السياسي، الهروب من الاستحقاق الانتخابي، استخدام الصداقات والعلاقات والشُلَليّات للإقصاء والاستهداف والاغتيال السياسي، أضف إلى ذلك غياب أصحاب التمثيل الحقيقي عن المشهد السياسي، وإسكات أصوات الإصلاح وإخراسها، وتنصيب البعض أنفسهم أوصياء على الآخرين، وتطول قائمة الممارسات الدكتاتورية المدنية في هذا البلد المكلوم.
أما *الإكراه* فهو حالة من حالات الإجبار التي يُحمل الفرد بواسطتها على النطق بشيء أو فعل شيء أو القبول بشيء من غير رضاه، والإكراه هو أحد مفاهيم العلاقات الدولية المعروفة، حيث وصفه أحد الكتاب قائلاً: (يعتبر الإكراه أبرز أساليب الحرب السياسية، وهو يستخدم للضغط على الدولة المستهدفة باستخدام كافة الأدوات المتاحة لتغيير سلوكها وتحقيق مصالح الدولة القائمة بممارسة الإكراه دون اللجوء إلى الأساليب العسكرية).
في هذا المقال أود الحديث عن إكراه الشعب بواسطة بعض المكونات والأحزاب السياسية بدون تفويض ودون تحقيق الأداء السياسي المرضي والمطلوب، أليس ما يحدث الآن هو إكراهاً سياسياً يُمارس على الشعب!، الذي اكتوى بنار هذا الإكراه لسنيين طويلة من الحكومات العسكرية؟، ثم من النظام المُباد نظام القهر والاستبداد، وبكل أسف الآن تمارس الكيانات والأحزاب السياسية المدنية والحركات المسلحة نفس أساليب الإكراه، رغم التغيّرات الكثيرة والكبيرة التي حدثت في السودان (ألن نستفيد من الدروس والعبر ؟؟) حيث لا يعقل أن تحاول هذه المكونات الانفراد بالساحة السياسية دون تفويض من الشعب بعد أن بان عوارها في سوء أدائها السياسي، بهذه الطريقة لن ينصلح حال السياسة في السودان، نحن كنا وما زلنا ندفع الثمن غاليا بسبب الممارسات السياسية الخاطئة منذ الاستقلال، وربما أبنائنا سيدفعون الثمن أغلى في المستقبل!
تساؤلات منطقية وملحّة يسألها الشعب السوداني الذي وجد نفسه ما بين مطرقة الدكتاتورية المدنية وسندان الإكراه السياسي من قبل المكونات السياسية المتخبطة؛ هل هنالك ثقة في المكونات والأحزاب السياسية الموجودة في الساحة والتي تزعم أنها تدير العملية السياسية؟ وهل تمارس هذه المكونات الديمقراطية بداخلها فعلياً؟ وأي من القوى السياسية أقامت مؤتمراتها ومارست الديمقراطية بداخلها خلال الخمس سنوات الماضية؟ وهل هنالك تفويض حقيقي للمكونات السياسية من الشعب السوداني؟ يلاحظ أن التمثيل السياسي الآن لا يقوم على أسس مقبولة، ومن هم على المشهد السياسي هي (تحالفات) مفروضة على الشعب السوداني فرضاً، حتى الحركات المسلحة تمارس الدكتاتورية بفرض نفسها واحتكار السلطة لأفراد ومكونات دون إشراك الآخرين أو الرجوع إلى الأقاليم التي تمثلها للتشاور والتفاهم.
إذا لم يكن هنالك إصلاح سياسيا حقيقا مؤسسيا يحكم عمل التنظيمات والأحزاب والكيانات السياسية، يتجاوز الأشخاص والتكتلات حتى لا تكون الأحزاب والحركات كأنها شركات خاصة لأفراد؛ حزب (فلان) وحركة (فلان)، وإذا لم يوضع حد لممارسات بعض السياسيين من أمثال (سياسي مدى الحياة، وزراء كل الحكومات)، وإذا لم نستفد من الأمثلة الموجودة في كثير من الدول التي بها صراعات سياسية أدى فيها الاحتكار السياسي إلى عدم الاستقرار وزاد من صعوبة إيجاد حلول للأزمات السياسية. إذا لم يتم ذلك فإن أفق السياسة السودانية مسدود ومستقبلها مظلم.
إدارة الفترة الانتقالية تحتاج إلى مؤتمرات وحوارات عميقة، على القوى السياسية إذا كانت جادة أن تبحث في توسيع المشاركة السياسية لكل مكونات الشعب السوداني والحصول على تفويض بصورة عادلة وشفافة، وتنفتح على كل أقاليم السودان لإدارة الشأن السوداني. أما أسلوب السطو السياسي والوصاية والدكتاتورية المدنية والإكراه السياسي فهذا أمر غير مقبول لا ينتج استقرارا سياسيا أو ديمقراطيا.