(لا توجد صدمة أقوى من الحرب لمراجعة سياسات الدول ).. الكاتب . نلاحظ أن بعض الدول ، تستغل الأخطاء الفادحة لبعض الأحزاب في حقل الممارسة السياسة لإبعادها من الساحة بسن قوانين جديدة و إضافتها للدستور ؛ تبيح لها حظر تلك الأحزاب و الكيانات ؛ و هي مع ذلك تدعي أن المزاج العام للشعب قد لفظ تلك الكيانات إلى أجل غير مسمى !!؟؟ ، و الناتج من تلك السياسة يكون غالبا زيادة جرعة الإحتقان السياسي في البلاد ، و هدر الحقوق السياسية للفئات المنضوية تحت لواء تلك الكيانات ، مع كونهم مواطنين مستوفين كافة شروط المواطنة .. هذا الإجراء ضد مفهوم النظام الديمقراطي من كل الوجوه ..بل يعتبر قاعدة و مبدأ أساسي في النظام الدكتاتوري .. عناصر الشعب هم من يقررون ، و هم من يقيمون فشل برامج الكيانات السياسية أو نجاحها ، فيفوز الناجح بأصواتهم الإنتخابية ، و يرسب الفاشل بأصواتهم الإنتخابية ، أما تقدير بعض الأحزاب مواقف شعوبهم تبعا لمواقف الشارع ، و إعتبار ذلك إجماعا كافيا لعزل البعض المغضوب عليهم فليس من الديمقراطية في شيء ، ففي صلب المبدأ الديمقراطي نجد : المزاج العام قابل للتغيير و التبديل ؛ لذا وضع سقف زمني للدورات الإنتخابية لإعادة قياس ذلك المزاج ، فهو يتغير لصالح الطرف صاحب البرامج ذات الجدوى ، و عكس ذلك للطرف صاحب البرامج عديمة الجدوى ، و من ذلك نصل إلى عدم الحاجة إلى حظر الأحزاب الفاشلة ، لأن وعي المواطن كفيل بمعالجة الأمر ، طالما أن الإنتخابات تجرى في مناخ ديمقراطي حقيقي دون مؤثرات خارجية .. و لنا في تجربة إنتخابات المنبر الطلابي لجامعة الخرطوم في العام ٢٠٠٣ ، و ٢٠٠٤ خير دليل ، فقد فازت قائمة اليسار في هاتين الدورتين على حساب قائمة اليمين بقيادة حزب المؤتمر الوطني الحاكم آنذاك ، فالسجل المتسخ للحزب حال دون تعاطف غالبية الطلاب معهم فآثروا منافسيهم و فوزوهم ، فالوعي الديمقراطي كفيل بمعالجة الأمر ، و لا خير في وعي يساعد بقانون . لماذا نشبت الحرب الأهلية الأمريكية ؟ أرادت الأمة الأمريكية أن ترتقي في سلم القيم و الحقوق ، فقررت الولايات التي تقع في شمال البلاد أن تلغي قوانين العبودية ، و كانت الولايات التي تقع في الجنوب ترى أن منفعتها في إستمرار العبودية و الرق و كان عددها ١١ ولاية ، و عند الإصطدام بهذه المصالح المتضاربة في الدولة الواحدة كان لا بد من خوض الحرب للفصل و الحسم ، و لحسن الحظ أن الفوز كان للولايات الشمالية في العام ١٨٦٥ ، و لكن كانت المفارقة أن التطبيق الفعلي لهذه الحقوق حدث بعد زهاء قرن من الزمان و بالتحديد في العام ١٩٥٤ ، فبناء أمة عملية شاقة شاقة .. حرب السودان اليوم هي بين قيم : حرية ، سلام ، عدالة . . و قيم : السلب ، النهب ، القتل ، الحرق .. فالسودانيون بين إرساء قيم المدنية أو القيم الهمجية . المهندس / أحمد نورين دينق. [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة