▪️قامت آلات الإعلام الغربية بوصف ومدح بعض التغييرات التي طرأت علي بعض الدول العربية في السنين القليلة الماضية حيث اطلقت عليها "ثورات الربيع العربي" ووصفتها بانها قامت للمطالبة بالديمقراطية والحرية، وصدق الجمهور العربي عموماً الأمر وسار الإعلام العربي خلف الإعلام الغربي في نفس الطريق حتي ظن الناس أنهم باتوا قاب قوسين او أدني من التنعم بالديمقراطية المزعومة وخيراتها. ▪️ديمقراطية العالم العربي وربما العالم الثالث عموماً لا تعدو ان تكون عملية تجميل ظاهرية للحكم أو كما يسميها الغربيون "الميك اب"، وهي عمليات تغيير اللون الخارجي للبشرة او كما يشاع في بلدنا "عمليات التفتيح والتبييض"، وقد ظهرت كذلك عمليات تغيير شكل وحجم بعض مكونات الجسم، وهو ما تقوم به بعض النساء، حيث أن الشركات المصنعة لمواد التجميل في الإعلانات تقوم بعرض الصور الجميلة لفتيات أوروبيات صاحبات لون وجمال طبيعي وكأنها تقول لنسائنا إنكن اذا استخدمتن هذا المستحضر او الدهان فستكونن مثل اولئك النساء الاوربيات اللائي يظهرن في هذه الصور، فتقوم فتياتنا المخدوعات بالهرولة نحو محلات المستحضرات الطبية والكرياتين وعشبة الشيا والسوري صاحب المحل في "سوق سعد قشرة" وهو سوق شهير في السودان، ويدفعون الغالي والنفيس لهذه المستحضرات لتغيير الألوان والأشكال ظنا منهن إنهن سيصبحن مثل أولئك الأوربيات، فعندما تقابلك إحداهن وهي مستخدمة هذا المستحضر او ذاك تظن انك في مواجهة عفريت من الجن فتتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لأنك ستري لوناً للوجه وآخر للعنق وثالث لليدين، الرب سبحانه وتعالي خلق لكل لون انف يتناسب مع شكل وحجم معين، ولون شفاه يتناسب مع شكل وحجم معين، وعيون بلون يتناسب مع حجم وشكل معين, أي إختلاف أو إختلال او تغيير في إحدي هذه المكونات الطبيعية ستصيب كامل الشكل بخلل في جماله الطبيعي الذي خلقه الرب سبحانه وتعالي, هذا بخلاف الأمراض من سرطانات وفشل كلوي وتشوهات بالجلد. وهو بنفس المعني عندما نقول أننا نريد تطبيق ديمقراطية الغرب بحذافيرها فتعرض لنا هولندا بجمالها وطبيعتها وإنسانها وثقافته و عاداته و سلوكياته، ويقال لنا طبقوا الديمقراطية لكي تكونوا مثل هؤلاء الهولنديون، فنتظاهر ونحطم ونهدم ونتخاصم ويصدر لنا الغرب آلياته القتالية و اسلحة الدمار لنتقاتل من اجل ديمقراطية ذائفة. فديمقراطية "ويست مينيستر" تم حبكها وإعدادها لتطبق في بيئة محددة وجاهزة في بنيتها وبأناس محددون في طبعهم وثقافتهم وسلوكهم وعاداتهم ونسبة تعليمهم وتناسق وتشابه في مجتمعاتهم، وقد جاء نظام "ويست مينيستر" من أعراف وممارسات وسوابق قضائية لبرلمان المملكة المتحدة، والتي تشكل جزءًا مما يعرف بدستور المملكة المتحدة. ومحاولة إنزالها في بيئات ومجتمعات وأناس آخرون لا يشبهونهم، دائما يكون مصيرها الفشل والتجارب كثيرة جداً، لذلك الأجدر لدول العالم الثالث وعلي رأسها نحن أن نبحث في إنشاء نظام يشبه بيئتنا ومجتمعاتنا وثقافاتنا ونسبة تعليمنا والا سنعيش في دوامة لأن عمليات "الميك اب" أمور ظاهرية لا تصمد امام المؤثرات ولا تستطيع تغيير الأصول.وهذه الدوامة هي هذه الحروب والخلافات حول الحكم وطرقه وأنواعه ووسائله ومكوناته. ▪️للأسف الشديد إستغلت جهات كثيرة لها أجندة معلومة إستغلت أجواء الحرية في الفترة الإنتقالية وباتت تبشر بل تجبر الناس بإتباع أفكار ورؤي تتعارض مع أفكار ورؤي هذه الأمة وتواصل هذا الإستغلال بالآلة الإعلامية الجبارة والمدعومة من منظمات ومؤسسات ودول إلي أن وصلنا إلي هذه الحرب والتي أدت إلي التدمير المقصود والمتعمد والممنهج للبنية التحتية وللإرث التأريخي والحضاري والذي إستبان في الهجوم علي دار الوثائق والمتحف القومي والمتحف الطبيعي والإذاعة القومية ومكتبات الجامعات العريقة والوزارات والمباني الأثرية ومقتنياتها المختلفة، حتي أصبح الناس في حالة حزن رهيب جراء ماحدث فكأن هناك سيلاً عرماً زحف نحو مقدسات ومقتنيات ومقدرات متراكمة أسست منذ أزمان بعيدة، وبمثل ما تم من إستهداف للمكونات المادية والآدبية بهذا التدمير الممنهج، لم تسلم الشخصيات والرموز الفكرية والمجتمعية والعلماء وأساتذة الجامعات فقد شملها القبض والتوقيف والإستفزاز والتصفيات وذلك لإستكمال إستهداف هذه الحضارة العريقة المتجذرة.إضافة إلي ذلك، شمل الإستهداف الإرث الجميل لهذه الأمة والمتمثل في الكرم والأخلاق الفاضلة والإيثار وذلك بمحاولة إستبداله بأخلاق منحطة تقدس المادة فبات هؤلاء المتمردون و المرتزقة يحاولون شراء الذمم بالمال الذي إكتسبوه جوراً في غفلة من الزمن. ▪️إن المستهدف الأساسي من خلال هذه الحرب ليست حكومة أو جيش أو نظام أو أفراد بل المستهدف أُمة كاملة ذات تأريخ وإرث حضاري متأصل ومتجذر يريدون إزالته وإستبداله بمكونات لقيطة، مستحدثة، مصطنعة، غوقائية، ليس لها جذور ثقافية، هذه الحرب يمثل فيها الدعم السريع جزء يسير من آليات ضخمة محلية داخلية وإقليمية وعالمية، تهدف ألي النيل من الإرث العظيم لهذه الأمة، لكن أني لهم ذلك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة