ملهاة ديمقراطية الجنجويد!! كتبه د.أحمد عثمان عمر

ملهاة ديمقراطية الجنجويد!! كتبه د.أحمد عثمان عمر


06-19-2023, 03:16 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1687184181&rn=0


Post: #1
Title: ملهاة ديمقراطية الجنجويد!! كتبه د.أحمد عثمان عمر
Author: د.أحمد عثمان عمر
Date: 06-19-2023, 03:16 PM

03:16 PM June, 19 2023

سودانيز اون لاين
د.أحمد عثمان عمر-الدوحة-قطر
مكتبتى
رابط مختصر






(١)
شر البلية ان يجد الانسان نفسه مضطرا للكتابة في البدهيات، ليؤكد ما هو مؤكد من طبيعة الاشياء، لأن ذلك يأتي في اطار الهدر لوقت ثمين من ناحية ، ومن ناحية اخرى يستلزم جهدا مضاعفا بإعتبار ان شرح ما لا يحتاج الى شرح يستدعي مكابدة ألم السير في طريق الجلجلة. والكتابة عن ديمقراطية الجنجويد هي من هذا النوع من الممارسات ، التي حين تصبح واجبا ثقيلا على النفس ، يدرك المرء ان الواقع أكثر مرارة من ان تحتمله النفس السوية. ولكننا نستعين بالحي الذي لا يموت لمباشرة هذا الواجب ، طالما ان مليشيا الجنجويد اصبحت صاحبة مشروع سياسي ، يسعى إلى جلب الديمقراطية والحكومة المدنية على أسنة الرماح حسب خطابها المستجد . لنسأل بمباشرة فجة: هل مليشيا الجنجويد ديمقراطية؟
(٢)
الاجابة بلا تردد هي لا، لأن المليشيا بحكم تكوينها الطبقي من المستحيل ان تكون ديمقراطية. فهي تخضع لقيادة اسرة زعيمها اشتغل بالتجارة ، ثم كون مجموعة مسلحة لحماية القوافل ، ثم إنتقل ليصبح بندقية للإيجار ، تعمل لتنفيذ مشروع الحركة الاسلامية وهو مشروع للرأسمالية الطفيلية غير المنتجة والمتطفلة على العملية الانتاجية والمحتكرة للفائض الاقتصادي، ومن ثم تم ترفيعه طبقيا ليصبح عضوا اساسيا في نادي التطفل وزعيما لفئة الرأسمالية الطفيلية المرتبطة بالتعدين الجائر للذهب وتهريبه، العاملة في انشط قطاعات الاقتصاد الريعي الموازي للاقتصاد الرسمي المنهك. ومن موقعه هذا ، خلق علاقات مع مراكز بيع الذهب المنهوب من المواطن السوداني والدول ذات المصلحة في بيع بندقيته ، وأصبح رهينا لخارج معادي لشعب السودان وباحث عن سبيل وحليف لنهب ثرواته. ولسنا في حاجة للقول بأن الرأسمالية الطفيلية بطبيعتها غير ديمقراطية ، وسلطتها بالحتم سلطة إستبدادية ، والإنقاذ هي نموذجها ، والجنجويد كانوا خدامها ، قبل ان يصبحوا جزءا منها وأنشط فئاتها ويطمعوا في ان يصبحوا حكامها.
(٣)
اما قواعد المليشيا ، فهم أبناء مجتمع رعوي خالص ، منظومته الإجتماعية هي القبيلة ، وأدوات صراعه هي العنف بإطلاق ، وحل مشكلات شح مصادر ثروته هو الغزو من أجل الغنيمة. فهو لم يسمع بالديمقراطية ولا هي منتوج لواقع رعوي بأية حال، ولا يعرف من السلطة شكلا غير الزعيم الأوحد ، صاحب جميع السلطات وقائد الفرسان لغزو القبائل الاخرى. ففي مخيلة شاب بدوي رعوي بسيط ، ظلمته الدولة بحرمانه من التعليم والخدمات وأهملته بشكل تام من الحد الأدنى اللازم للإستقرار وتملك وعي بديل، لا يوجد غير سيف المقاتل الذي اصبح كلاشينكوف حاليا ، ولا يوجد غير مفهوم الاغارة على الآخر وسلبه. فالكسيبة المنتمين لمليشيا الجنجويد الحالية ، هم ورثة حقيقيون لثقافة الغزو التي كانت سائدة في الجزيرة العربية قبل قرون طويلة. وهذا يؤكده عنف البادية الذي مارسته المليشيا بشراسة غير مسبوقة في الخرطوم ، من قتل ونهب وإغتصاب وطرد للمواطنين من بيوتهم وإعتبار ممتلكاتهم غنيمة. وهذا يوضح طبيعة هؤلاء المقاتلين التي بينها وبين الديمقراطية ما بين المشرق والمغرب، وهم أفضل أدوات لدولة الرأسمالية الطفيلية سواء كانت إسلامية كما في السابق ، أو جنجويدية خالصة في طور التشكل. وضم مقاتلي الصحراء هؤلاء لقيادتهم التي إرتقت لمصاف الرأسمالية الطفيلية ، يقدم افضل وصفة لإستبداد غير مسبوق بل وإستعباد لا لديمقراطية ، بسبب المنحدر الطبقي للإثنين، وعدم قدرتهما بحكم التكوين والمصالح والوعي المتصل بهما، على إنتاج اي شئ سوى الإستبداد والإستعباد.
(٤)
فوق ذلك المليشيا صاحبة إرتباطات إقليمية ولا بد لها من حماية من ترتبط بهم وتتشابك مصالحها الإقتصادية الطفيلية مع مصالحهم. فهي لتتمكن من تسويق منهوباتها من الذهب وغيره ، لا بد من أن تضمن لمن ييسر هذا التسويق مصالحه في السودان، وهي مصالح معادية لشعب السودان وتأتي خصما على سيادته الوطنية ومصالحه الاقتصادية، ولا يمكن فرضها إلا بقوة السلاح. كذلك للمليشيا إرتباطات دولية مع دولة عظمي إمبريالية تعمل عبر مليشيا لنزح فائض السودان الإقتصادي ضد مصلحة شعبه، وهذا لا يمكن ان يتحقق في ظل ديمقراطية تسمح لشعب السودان بالتحكم في ثرواته من مواقع سيادية، مما يحتم على المليشيا أن تتحول لأداة قمع تخدم الخارج وتستعين به على الداخل. فمن المستحيل على أي قوى مصالحها متشابكة مع مصالح دول خارجية لها أهداف إستعمارية ، أن تكون ديمقراطية وتسمح لشعبها بأن يعبر بحرية عن رفضه لهذه المصالح المتشابكة ، وأن يكون سلطة تمنع الطرفين من تحقيق اهدافهما.
(٥)
فمليشيا الجنجويد من المستحيل ان تكون ديمقراطية بحكم أساسها وتكوينها الطبقي ، وبحكم إرتباطاتها الخارجية، وممارساتها منذ تكوينها تفضح ذلك. فهي ليس لديها مشروع سياسي ثوري ، ولا تقاتل من أجل تحطيم جهاز دولة كانت هي أحط أدواتها و أسوأها ، لتبني دولة تسع الجميع وتحترم التنوع!
لأن مثل هذه الدولة الديمقراطية ، شرطها حل مليشيا الجنجويد ، الذي أكدنا أكثر من مرة أنه يأتي بعد إعادة هيكلة الجيش وإعادة مفصوليه وطرد كيزانه ، بقوة الشارع لا بقوة بندقية الجنجويد ، وأن يتم بواسطة هذا الجيش المهيكل الذي يجب أن يجرد جميع المليشيات من سلاحها ، وأن يتم إعادة إدماج السودانيين من الجنجويد في المجتمع لا في الجيش حتى لا يختل توازنه ولا يفقد قوميته. وبما أن الجنجويد يدعون بأنهم ديمقراطيين أكثر من جون لوك ، عليهم ان يسلموا سلاحهم للجيش المعاد هيكلته سلما ، ويعودوا كمواطنين لخوض المباراة الديمقراطية كمواطنين مدنيين. كذلك عليهم ان يسلموا كامل الاموال المنهوبة ، وأن يخرجوا كمليشيا من النشاط الإقتصادي والسياسي معا ، وأن يقبلوا بمبدأ المحاسبة على جميع الجرائم التي إرتكبوها ، وان يبشرونا ببرنامجهم الديمقراطي الذي يناسب رأسمالية طفيلية تقود مسلحي مجتمع رعوي . عموما حتى الان لم نقرأ البرنامج السياسي للمليشيا ، لانها كانت منذ تأسيسها بدون برنامج ، تخدم برنامج الحركة الاسلامية وتقتات من فتاتها.
وحتى يرى ذلك البرنامج الديمقراطي النور - ان وجد طبعا، سيمضي شعبنا في طريقه ، ويعزز نشاطه لتحقيق شعاره " العسكر للثكنات والجنجويد يتحل" .
وقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!!


د. أحمد عثمان عمر
١٩ /٦ / ٢٠٢٣