أين كان هؤلاء في أزمان التهافت لخطف وقلع الولائم السائبة ؟؟
أهل منطقة من مناطق السودان لم نسمع لهم أصواتاَ من قبل منذ الاستقلال !! ،، كانوا يمثلون قمة المثالية في التسامح والتعايش السلمي ،، وفي نفس الوقت كانوا يمثلون قمة السلبية في مجالات الشكاوي والاحتجاجات والتذمر ،، ولم يشاهدهم أحد يوماَ وهم يبالون بشئون البلاد الداخلية أو الخارجية أو بشئون المناطق السودانية الأخرى !! ،، ثم فجأة هبوا من سبات أهل الكهف وبرزوا في الأسطح بعد الانتفاضة الأخيرة !! وخاصة قد جاهروا بقضاياهم عند الجلوس حول المائدة المستديرة حين تجمع الأطراف لمناقشة اتفاقية جوبا للسلام !! ،، ولا يعرف أحد الدوافع والأسباب التي حركت هؤلاء فجأة في خضم تلك الاتفاقية المربكة الشائكة !! ، وما هي تلك النقاط القاتلة في الاتفاقية التي حركت تلك المياه الراكضة لسنوات طويلة ؟؟؟ .. فجأة ظهروا وهم يدعون ويزعمون بأن مناطقهم من تلك المناطق السودانية المهمشة كالمناطق الأخرى !! ..
تعجب الشعب السوداني من ذلك الحراك الذي لم يكن يوماَ في الحسبان !!،، ولسان حال الجميع يردد ويسأل : ( أين كان هؤلاء منذ استقلال البلاد ؟؟ )،، أين كانوا حين كانت الأطراف والمناطق السودانية تتخاطف الوليمة والقصعة ؟؟ ،، تلك الأطراف التي تستحق والتي لا تستحق ؟؟ ،، ولماذا تحركوا فقط الآن بعد فوات الأوان ؟؟ ،، ولو حاولنا مجاراة الشاعر إسماعيل حسن نقول لهؤلاء : ( بعد أيه جئتم تطالبون بالحقوق والمساواة ؟؟ وقد ذهب أهل الدثور بالدثور ؟؟ ) ،، جئتم تطالبون بمستحقاتكم وتلك الوليمة والقصعة لم تتبق منها إلا الكوارع والعظام !!
أما لماذا سكتوا لأكثر من ستين عاماَ دون تلك الشكاوي والاحتجاجات كالآخرين لسنوات طويلة ؟؟ ثم لماذا فجأة هبوا من سبات أهل الكهف بعد الانتفاضة الأخيرة واتفاقية جوبا ؟؟ ،، فالعلم في ذلك عند الله وحده !! ،، ولا توجد إجابات شافية لذلك السؤال إلا التكهنات بأنهم كانوا مترفين يلوكون أيهى أنواع العلوك في جاه الملوك !! ،، كانوا في الماضي مشغولين بنعيم الدنيا وخيراتها في الوقت الذي فيه كانت المناطق السودانية الأخرى تشتكي من التهميش والإهمال بحق وحقيقة !!،،
ذلك هو التفسير المنطقي الوحيد الذي يبرر تلك الاحتجاجات والتهديدات التي اشتعلت من أهل تلك المناطق في أعقاب الانتفاضة الأخيرة ،، تلك المناطق التي كانت موصوفة في الماضي بالهادئة والمسالمة.. ، وحالياَ بدئوا يهددون بإغلاق المنافذ والشرايين التي تربط بينهم وبين مناطق السودان الأخرى ! ،، بل أكثر من ذلك بدءوا يهددون بالانفصال في بعض الأحيان !! ،،
ولكن من سخرية الأحوال أنهم يفعلون ذلك مع الشعب السوداني الذي قد مارس وأدمن كافة أنواع التهديدات والمنازعات لأكثر من ستين عاما !! ،، شعب قد أدمن الحروب الأهلية منذ نعومة الأظفار !!،، وكذلك أدمن أشكال وألوان التهديد بالانفصال لسنوات طويلة !! وبالتالي فإن ذلك الحراك الذي جاء متأخراَ عن مواسم الحصاد يجبرهم لكي يعودوا لمناطقهم بالقفاف والأوعية الخاوية !،، حيث أن حراكهم وتهديداتهم لدى الشعب بمثابة الجرعة الثانية لرشفة من رشفات البن والجبنة الشرقية في ظلال الضحى المنسية !! .
والمحصلة : قيل للمهموم فلان يتواجد عند الباب حاملاَ سيفه ليقتلك !! فقال : ( أطلبوا منه أن يقف في الصفوف مع الواقفين منذ عشرات السنين !! ) . ويقال في الأمثال : ( الطلب غالي على العين والرأس ،، ولكن ما باليد حيلة في دولة منهارة بالتمام والكمال !! ) .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة