Post: #1
Title: أين هؤلاء المتشددين الذين كانوا في أيامنا ؟؟ بقلم الكاتب / عمر عيسى محمد أحمد
Author: عمر عيسى محمد أحمد
Date: 03-08-2023, 08:50 AM
07:50 AM March, 08 2023 سودانيز اون لاين عمر عيسى محمد أحمد-أم درمان / السودان مكتبتى رابط مختصر
بسم الله الرحمن الرحيم
أين هؤلاء المتشددين الذين كانوا في أيامنا ؟؟
في مرحلة من مراحل العمر أجبرتنا الظروف لكي نتواجد في دولة من دول الخليج العربي لأكثر من عشرين عاماَ ،، وحين وصلنا لتلك الدولة وجدنا أن لديهم تعليماتهم الصارمة وعاداتهم وتقاليدهم ومبادئهم الخاصة ,, وخاصة في مجالات ثلاث كانت لديهم خطوط حمراء لا يجوز تعديها أو تجاوزها بأي شكل من الأشكال ،، قضايا ثلاث في اعتقادهم كانت من المقدسات التي لا تقبل المساس والحديث حولها !،، القضية الأولى : كان من المحذور والممنوع للغاية الحديث أو الكتابة في السياسة !! ،، وخاصة في الجانب المتعلق بسياسة بلادهم الداخلية أو الخارجية ،، أما غير ذلك فإن أهل تلك الدولة كانوا يجيدون الحديث والكتابة حول شتى القضايا ،، مثل الكتابة حول الرياضة والفنون والأغاني والأشعار والممثلين والكتابة حول نجوم الرياضة والفن والغناء ،، ثم كانوا يجيدون الكتابة حول أحدث موديلات السيارات العالمية والأزياء والممثلين في أرجاء العالم ،، بجانب أنهم يجيدون قيادة السيارات بمهارات عالية رغم تلك السرعة الجنونية في القيادة !!
القضية الثانية : كان من المحذور والممنوع للغاية الحديث أو الكتابة أو تناول سيرة العائلة المالكة أو سيرة الأمراء في تلك الدولة ،، وفي ذلك الجانب كان لا يتجرأ أحد من عامة الناس أن يخوض في سيرة تلك العائلات الملكية ،، ولكن في بعض الأوقات كانت تأتي بعض الانتقادات الشديدة من أفراد الأسرة المالكة أنفسهم ،،
القضية الثالثة : كان من غير اللائق ومن غير المستحب في تلك المجتمعات المتحفظة الكلام أو الحديث حول النساء والأسر والبنات !! ،، بصفة عامة أو بصفة خاصة ،، وكان من الأشياء التي تغضبهم كثيرا الكلام او الحديث حول عائلاتهم وأسرهم !! ،، لدرجة أن الأب رب الأسرة لا يمكن أن يبوح باسم زوجته أو باسم أبنته أو باسم أمه أو باسم خالته أو باسم عمته ،، أو باسم إحدى قريباته !! ،، ونحن في السودان تعودنا تلك البراءة لدى الآباء حيث أن الأب لا يتحرج كثيراَ ولا يتحفظ كثيراَ حين يسأل عن اسم زوجته أو عن اسم ابنته أو عن اسم أمه أو عن اسم خالته أو عن اسم عمته أو اسم إحدى قريباته عند الاستفسار والسؤال ،، ولكن هؤلاء في تلك الدولة الخليجية كانوا يجدون الحرج الشديد حين يجري الحديث حول أحد أفراد الأسرة من النساء !!
المحذور الثالث في أيامنا : كان من أكبر الكبائر لديهم التحدث الصريح حول الأسر والعائلات والبنات ،، والواحد منهم أهون عليه طعنه بالحراب والسيوف والسكاكين ألف مليون مرة ولا يسأل عن اسم زوجته أو عن اسم أمه أو عن اسم ابنته أو عن اسم عمته أو عن اسم خالته أو اسم إحدى قريباته !! ،،. وحتى في مجال التعامل مع مدارس البنات لديهم فإن الأب كان يتعامل بمنتهى الحرص حين يتعلق الأمر بنطق أسماء البنات ،، وعندما يريد الأب أن يعيد أبنته من المدرسة للبيت يذهب للمدرسة ويقابل هنالك حراس المدرسة الذين عادة يجلسون عند الأبواب ،، وهنالك يؤكد لهم بأنه يريد أن يأخذ ابنته للبيت !! ،، وهؤلاء الحراس بدورهم يسألون الأب عن اسمه الشخصي ولا يسألون إطلاقاَ عن اسم ابنته بأي حال من الأحوال ،، ثم فوراَ ينادون اسمه عبر المايكروفونات : ( فلان ابن فلان ،، فلان ابن فلان !! ) ،، أي أنهم يرددون اسم الوالد ولا يرددون إطلاقاَ اسم الابنة المطلوبة ،، وعند ذلك فإن تلك البنت الطالبة التي تتواجد مع الأخريات داخل فصول المدرسة مع قريناتها تستمع لتلك النداءات وتعرف أن أباها يتواجد بالخارج عند الباب في انتظارها !! فتخرج فوراَ ثم تتجه مباشرة لناحية أبيها .
ونحن الأجانب بفعل المواكبة لعاداتهم وتقاليدهم كنا نفعل نفس الشيء عندما نريد أن نأخذ بناتنا من المدارس للبيوت ،، كنا ندلي بأسمائنا لدى الحراس عند الأبواب ،، ثم بعد قليل كنا نستمع اسماءنا تتردد عبر مكبرات الصوت في كافة ارجاء المدرسة ،، وبعد حين تخرج إلينا بناتنا فنأخذهن للبيوت ،، وبتلك الطريقة الحريصة لسنوات طويلة كانت تدوم الأحوال في تلك الدولة ،، وكان الرجال والآباء لا يعرفون أسماء البنات غير أسماء بناتهم !! ،، وحتى أن هؤلاء الحراس الذين يعملون في تلك المدارس للبنات كانوا يجهلون كلياَ أسماء البنات بالمدرسة طوال السنوات منذ بداية القبول وحتى نهاية التخرج !! ,,
نحن الأجانب في أيامنا كنا نمدح ونثني على تلك الإجراءات الوقائية الحريصة التي كانت تعد من فضائل عاداتهم وتقاليدهم في الماضي ،، حيث كانوا يقدسون حمى المحارم ويجتهدون في سد الذرائع بأي شكل من الأشكال ،، كما أنهم كانوا يحرصون كل الحرص على نشر الفضيلة والنزاهة والعفة في تلك المجتمعات المحافظة المعروفة .
ولكن مع الأسف الشديد يقال أن الأحوال في تلك الدولة قد تبدلت حالياَ تبدلاَ كبيراَ وبزاوية منفرجة لم تكن يوماَ في الحسبان !!،، وذلك التبدل والتحول قد أفقد تلك الدولة الكثير والكثير من المزايا الفاضلة التي كانت تمتاز وتنفرد بها بين دول العالم !!
ــــــــــــــــــ
|
|