يا مَن تَبَقَّى من ضباط و جنود الجيش المهنيين...ألم تصلكم بعد أنباء ما يتعرض له المتظاهرون السلميون من سفك للدماء .. و إنتهاك لحرمات البيوت .. و إبتذال للكرامة الإنسانية للرجال و النساء و الأطفال ، بواسطة أجهزة نظامية و ميليشيات حكومية و حزبية يعتبر وجودها في حد ذاته إهانة لكم و لمؤسستكم العسكرية الرسمية التي ظلت عبر تاريخها الطويل حارسة لمال و دم أهل السودان، و محوراً لتمجيد الأمة جيلاً بعد جيل !!! ماذا دهاكم ؟؟؟ و لماذا الصمت حيال ما تشهده الخرطوم و سائر الأقاليم من عنف مفرط ضد شباب فاض بهم الكيل جوعاً و فقراً و عطالة و قهراً و إنسداد أفق، فخرجوا منادين بالحرية و السلام و العدالة بسلمية تامة إتخذوها شعاراً لم يحيدوا عنه علي الرغم مما يواجهونه من عنف مفرط، و قتل بالرصاص الحي ، في كل شبر في الوطن مما لفت أنظار كل العالم ، ما عداكم أنتم ، فهبت محتجة منظماته و شعوبه ، و تنادوا لإدانته ، و للمطالبة بوقفه، مساندين أهل السودان في تطلعهم إلى نظام حكم ديمقراطي و مدني جديد يقوم علي أنقاض حكم الإنقاذ الذي إستباح البلاد لثلاثين عاما ملؤها الفشل ،و سوء الإدارة السياسية و الإقتصادية، مما أوصلنا إلى مرحلة عَزَّ فيها حتى الخبز ، و شح الوقود، و اختفى الأمن و الأمان، و أصبح التعليم في الحضيض، و العلاج ترف ليس في متناول الغالبية العظمى من المواطنين.. و هب الشعب في ثورة ديسمبر المجيدة لتصحيح الأوضاع و أرسل رسالة قوية لكل العالم جعله يدرك ما فيه أهل السودان من مسغبة ،و ما يتطلع إليه من طموحات و من شوق حقيقي و مستحق لحكم مدني ديمقراطي..فهبوا جميعاً لمساعدة أهل السودان لتحقيق أهداف ثورتهم السياسية و الإقتصادية و المجتمعية ،و علاج ما يعيق ذلك من تراكمات و معوِّقات...كل العالم هب لمساعدة أهلكم لإحداث التحولات الإيجابية التي نشدها الثوار و اشتعلت من أجلها الثورة... ما عداكم أنتم يا جنود الوطن !!! لقد ظللتم إما غير مبالين، أو، بكل أسف، غير عابئين بما ظل يقوم به البرهان و مَن معه من عسكريي مجلس السيادة من تعويق مكشوف لمسيرة التحول المنشود نحو الدولة المدنية، بل تمادوا أكثر بتنفيذ إنقلاب عسكري فجر ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٢ م يستهدفون به الإطاحة بكل ما جاءت الثورة من أجله ،تمديداً مكشوفاً لنظام الإنقاذ المباد، و إستعادةً لأقسى آليات عنف ذلك النظام الإستبدادي القبيح ، و إستباحةً مخجلة لدماء الثوار شباباً و كنداكات، و إرتماءاً جديداً في أحضان مَن لا يريدون للسودان خيراً ، و إعادةً مؤسفة لآليات قمع إقتصادي دولي ازاحتها الثورة من طريق البلاد و لكن ها هي تعود مع عودة النظام الإنقلابي للبلاد !!! فإلى متى؟؟؟ ألستم أنتم من الأكثر جدارة و الأقرب قرباً للإحساس بحال بلدكم و أهلكم !! إن التفاعل الذي ننتظره من جهتكم هو في إطار الإنحياز لثورة ديسمبر المجيدة لإستعادتها من براثن البرهان و صحبه الظاهرين والمستترين،و لحمايتها مما نشهد من عودة علنية صاخبة لبطش إخواني شرس ، و تعدٍ سافرٍ علي الحقوق، و إستباحة مخزية للحرمات ، و لإعطائها مظلة تُمَكِّن الشعب من إستعادة دولته المدنية الديمقراطية بالطريقة التي يتراضى عليها جمعه، إنطلاقاً من رؤى شبابية ثورية مدركة لمتطلبات العصر ،و مستوعبة للظروف السياسية و الإجتماعية التي أقعدت بوطننا العزيز علي مدى الستة و ستين سنة الاخيرة، التي تمثل كل تاريخه السياسي المعاصر الذي ، و يا للأسف ، تَوَزَّع بين حكم عسكري باطش إمتد في مجمله لأكثر من خمسين سنة، و حكم ديمقراطي عابث تَوَزَّع علي ما تبقى من عمر الإستقلال. أقول ذلك مع التأكيد التام علي أن أهل السودان جميعهم، شيباً و شباباً، نساءً و أطفالاً في غِنَىً ، بل في رفضٍ تام ، لأي محاولة من جانبكم لحكم السودان عسكرياً من جديد .... فإن كان هذا هو عامل الإغراء الوحيد الذي سيدفعكم للتقدم لحماية الشعب و الوطن من بطش و فشل النظام الديكتاتوري البرهاني الإنقاذي الحالي ، فأبقوا في أماكنكم، و سيكتب الشباب و الكنداكات بدمائهم تاريخاً جديداً و مشرفاً لوطن عظيم ،و لشعب أبي يستحق كل الخير، و ستبقون أنتم متفرجين يلعنكم الأهل و التاريخ !!! فماذا أنتم فاعلون أمام تاريخ لا يرحم ، و أمة عظيمة مصممة علي الخلاص بأي ثمن و مهما تصاعدت التضحيات ، و متطلعة و عاملة بقوة من أجل عودة و سيادة الحرية ،و السلام، و العدالة، و الحكم الراشد، في وطن نعتز بالإنتماء اليه و يستحق أهله حياة أفضل و يعشق أهله الديمقراطية و الحكم المدني لكن يضن بهما عليه بعض أبنائه العسكريين ، و يتعامى بعضهم الآخر قصداً أو غفلة. و لك الله يا وطني.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة