لا تجري تلك المجريات في أرض الواقع عبثاَ ولا تجري من قبيل ضربات الحظوظ ،، إنما تجري بمقدار المهارات العقلية في كافة الأوقات والأزمان ،، وهي تلك المهارات العقلية المكتسبة عن الآباء والأجداد ،، البعض من الناس يملكها والبعض الآخر لا يملكها طوال الحياة ،، وللحضارة والتاريخ دور كبير في ذلك الأمر ،، فهنالك من يتواجدون في مراحل ( رياض الأطفال ) من حيث المقدرات الذهنية والعقلية ،، وهنالك من يتواجدون في مراحل ( الجامعات وفوق الجامعات ) من حيث المهارات العقلية العالية ،، وشتان بين عقول وعقول .
يحكى أن جماعة من الناس كانوا عابري سبيل ،، وقد مروا بقرية من القرى لأول مرة ،، وكانوا لا يعرفون أحداً من الناس في تلك القرية ،، وفي نفس الوقت كانوا يكابدون أشد أنواع الجوع والحاجة الشديدة للأكل والشرب ،، وحين أعياهم الإرهاق والجوع الشديد والعطش رقدوا تحت شجرة من أشجار تلك القرية ،، فمر عليهم مجموعة من صبية القرية ،، وقد لاحظ هؤلاء الصبية تواجد هؤلاء الغرباء تحت تلك الشجرة ،، كما أنهم قد لاحظوا أن هؤلاء الغرباء يعانون من شدة الجوع والعطش ،، فقال أحد الصبية لرفاه الآخرين : لماذا لا يذهب هؤلاء الفقراء الجائعين لمنزل المحسن ( فلان ابن فلان ) الذي يتصدق عادة بالطعام لأمثالهم في هذه القرية ؟؟؟؟ ) ،، وعند ذلك قام أحد هؤلاء الغرباء من مرقده وخاطب ذلك الصبي مستنكراَ وغاضباَ ثم قال : ( نحن لسنا فقراء ولسنا جوعي كما تظن وتقول يا ذلك الصبي ،، ومن قال لكم نحن نتقبل الصدقات ونرضى بالهبات من هؤلاء المحسنين ؟؟؟ ) ،، ثم أراد أن يستدرج ذلك الصبي ليعرف موقع المنزل لذلك المحسن ( فلان ابن فلان ) ،، وذلك حتى يذهبوا إليه في الحال ،، فقال لذلك الصبي : ( ولكن نحن نريد الالتقاء بذلك المحسن فلان ابن فلان حتى نحصل منه على بعض المعلومات الضرورية ،، فأين منزل ذلك المحسن ؟؟؟؟ ) ،، فرد عليه الصبي قائلاَ : ( منزل ذلك المحسن كما هو معروف للجميع يتواجد بالقرب من شجرة الدومة !! ) ،، فقال ذلك الغريب للصبي متحايلاَ : ( لقد طالت المدة ،، ونحن قد نسينا موقع تلك الشجرة للدومة ،، فأوصف لنا ذلك الموقع !! ) ،، فأجابه الصبي قائلاَ : ( تلك الدومة قد قطعها وأزالها الشيخ فلان ابن فلان صاحب الدكان )،، فسأله ذلك الغريب من جديد منزعجاَ : ( وأين يتواجد حالياَ ذلك الشيخ فلان صاحب الدكان ؟؟؟ ) ،، فأجابه الصبي قائلاَ : ( لقد مات ذلك الشيخ فلان صاحب الدكان قبل سنتين ) ،، فسأله ذلك الغريب غاضباَ ومنزعجاَ للغاية : ( وأين منزل ذلك المرحوم فلان ابن فلان حتى نتمكن من تعزية أهله ؟؟؟ ) ،، فأجابه الصبي قائلاَ : ( لقد رحل أهل بيته للقرية المجاورة منذ شهور !! ) ،، فأزداد ذلك الغريب غضباَ وسخطاَ وغيظاَ ثم سأل ذلك الصبي مرة أخرى قائلاَ : ( وأين موقع دكان ذلك المرحوم فلان ؟؟؟ ) ،، فأجابه الصبي قائلاَ : ( لقد تم هدم الدكان بعد شهور قليلة من وفاته !!! ) ،، وعند ذلك بكى ذلك الغريب من هول تلك الإجابات المفجعة من قبل ذلك الصبي الذكي اللبيب ،، ثم قال لذلك الصبي : ( يا ذلك الصبي : لقد هزمتني بذكائك الفائق وبإجاباتك تلك المبهمة العجيبة ،، وتلك الإجابات منك أشد فتكا وأشد ألماَ من طعنات الجوع والعطش !! ،، فبالله عليكم أوصفوا لنا أين موقع منزل ذلك المحسن فلان ابن فلان !! ) ،، فضحك الصبي ورفاقه وقالوا له : ( كنا نعلم منذ البداية بأنك تتحايل لتعرف موقع وعنوان ذلك المحسن فلان ابن فلان ،، ولكنك لم تتواضع وتسأل عن العنوان مباشرة دون تلك المراوغة السخيفة ،، بل كنت تتكابر وأنت لا تملك عدة المكابرة ولا تملك مثقال ذرة من الحيلة !!! ) .
تلك القصة والواقعة الطريفة تماثل العديد لأحوال الناس في بعض مناطق السودان في هذه الأيام ،، الكثيرون من هؤلاء الناس في تلك المناطق يدعون الذكاء والفطنة واللباقة وهم أغبى الأغبياء عند الجد والمحك ،، وعدم التواضع والإقرار بتلك المستويات العقلية المتواضعة يسمى ( بالمكابرة بغير عدة ) في القواميس والمعاجم ،، وهؤلاء الناس في حقيقة الأمر من أكثر ( الجهلاء المتكابرين ) فوق وجه الأرض ،، يدعون ويقولون دائما بأنهم يستطيعون أن يجاروا الآخرين في معدلات الذكاء والمهارات العقلية ،، وتلك المجريات في أرض الواقع تؤكد بأن هؤلاء الناس هم أضعف الخلائق في سباقات السجال والمقارعات الذهنية العالية ،، والدليل على ذلك أنهم يشتكون طوال السنوات تلو السنوات بأن الآخرين يسيطرون على الأحوال في السودان وهم لا يسيطرون على تلك الأحوال ،، فلو كانوا يملكون تلك المهارات العقلية العالية المقترنة بالذكاء الفائق كما يزعمون ويدعون لسيطروا على تلك الأحوال كالآخرين أو دون الآخرين ،، ولأشتكى الآخرون من سيطرتهم على الأحوال ،، ولم يحدث في تاريخ السودان أن هؤلاء الآخرين يمارسون ذلك النوع من الممارسات الانهزامية والإقرار بالضعف ،، وذلك لأنهم يملكون عدة المهارات الذهنية العالية ،، ومن المضحك للغاية أن البعض من هؤلاء البلهاء يدعي بأنه يستطيع أن يبيع ويشترى الآخرين في جوقة الأسواق ،، وذلك البعض يجهل كليا بأن الآخرين يستطيعون أن يشتروه ويبيعوه قبل الوصول لساحة الأسواق !! ،، والبون شاسع للغاية بين من يكابر ويدعي دون أن يمتلك عدة وعتاد المهارات العقلية والذهنية العالية وبين من يمتلك تلك العدة والعتاد الذهنية والعقلية ،، واللبيب بالإشارة يفهم !!!!!!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست