نخبوية الأغنية السودانية ..! بقلم:هيثم الفضل

نخبوية الأغنية السودانية ..! بقلم:هيثم الفضل


08-17-2021, 04:42 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1629171772&rn=0


Post: #1
Title: نخبوية الأغنية السودانية ..! بقلم:هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 08-17-2021, 04:42 AM

03:42 AM August, 17 2021

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر



صحيفة الديموقراطي

سفينة بَوْح –



على المستوى الشخصي أرى أن الشعر الغنائي ضرب من الأدب فيه الكثير من الشروط والمواصفات الخاصة التي لا يجيدها إلى شعراء الأغنية ، ومهما بلغ الشاعر العادي من تمكن في الكتابة الشعرية وأمتلك نواصي شتى أدواتها فإنه في لحظة ما سيكون غير قادر على منافسة شعراء الأغنية في (كارهم) الذي خبروه وأعطاهم ربهم من الموهبة في ذاك المجال ما يخولهم أن يكونوا مختلفين ومبدعين في صناعة الأغنية القادرة على تحريك ضمير الأمة وبالتالي سرعة وإتساع رقعة تداولها فضلاً عن مكوثها الطويل الأمد في ذاكرة الناس ، ولأنني أعتقد أن القصيدة الغنائية يجب أن تتحلى بشروط أهمها غرابة المطلع وبساطة الفكرة وعادية المفردة ووضوح معالم موسيقاها وإيقاعها شعرياً بالقدر الذي يجعل من اليسير على الملحن أن يضعها في قالبها اللحني المناسب ، أرى بأن كل شعر يشوبهُ التعقيد في مجال الفكرة والمفردات والخيال الشعري الجامح حد الغموض لا يصلح أن يُصنع منه أغنية (خالدة) ، مع الإقرار بأن الأشعار المُعقَّدة والحداثية إن جاز التعبير قد صنع منها كثيراً من الملحنين أغنيات غير أنها بالتأكيد لم تنتشر إلا في أوساط الصفوة أو النُخبة من الطبقات المُثقَّفة ، أما جماهيرياً فبالتأكيد هي لم تلقى التجاوب الذي وجدتهُ الأغنيات التي كتبها شعراء وصفهم النقاد والعامة بأنهم (شعراء غنائيون) ، والجديرُ بالذكر أن المحاولات الحداثية التي تبنَّاها كثيرٌ من الملَّحنين والمُغنين وعدد من المجموعات الغنائية لتلحين الكثير من الأشعار التي هي خارج مواصفات الشعر الغنائي ، أنها رغم نجاحها المبدئي في خلق تصوُّر مقبول لحالة من المعالجة الموسيقية الراقية والمدروسة أكاديمياً ، إلا أنها في نهاية الأمر أدت إلى وقوع تلك المعالجات في شرك التكرار والتشابه اللحني ، وذلك سببهُ بالتأكيد عدم موافقة البنية الشكلية للقصيدة المعنية لمواصفات القصيدة الغنائية التي تم ذكرها آنفاً ، ففي رأيي الشخصي أن التعقيد في الجُمل الشعرية والمفردات المستخدمة وعدم حدة ووضوح معالم الإيقاع الشعري ، وإنتفاء وجود المطلع (المدهش) الذي يعلق بالأذهان ، يقود المُلَّحن إلى بذل أكثر مجهوداته الفكرية في مجال تطويع النص مع اللحن المقترح ، مما يُقلِّل من إهتمامه بالزخم الموسيقي والتفاصيل الجمالية المصاحبة للعمل الأدائي ، وبالتالي يبدو في كثير من الأحيان أن مجموعة كبيرة من المُغنين والمجموعات الغنائية التي تبنَّت خطاً غنائياً إرتبط إرتباطاً وثيقاً بالشعر الجاد أو المُعقَّد والمُخصَّص للنُخبة كانوا مُجرَّد (واجهات دعائية) لشعراء تلك الأغنيات ، فمعظم ما ألتف حولهم من جمهور ومُعجبين غاية إعتدادهم وإهتمامهم بأعمالهم الغنائية محصور في جزالة الكلمات وغرابتها وبالتالي هم غير مكترثين بما أصاب تلك الأعمال من فقر موسيقي واضح سببهُ الإصرار على تلحين أشعار حسب رأيي الشخصي إنما أُنتجت لتُقرأ أو تُلقى في المنتديات ، فليس كل الشعر يصلح أن يُغنى ولو وجد (القالب) الموسيقي المناسب ، مقاييس نجاح العمل الغنائي النهائية تنحصر بالأساس في قدرتهِ على التغلغُل في وجدان عامة الناس بلا صفوية ولا نخبوية ، فضلاً عن مقدرته على التواجد طويل الأمد أو حتى الخلود .

<نخبوية الأغنية السودانية.docx>
<هيثم الفضل.jpg>