إعادة هيكلة القضاء قبل الجيش بقلم:د.أمل الكردفاني

إعادة هيكلة القضاء قبل الجيش بقلم:د.أمل الكردفاني


08-05-2021, 01:06 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1628165215&rn=0


Post: #1
Title: إعادة هيكلة القضاء قبل الجيش بقلم:د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 08-05-2021, 01:06 PM

12:06 PM August, 05 2021

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




القضاء احتكار نيلي أسوأ من الجيش، ولكن هذه ليست المشكلة، فالقضاء نفسه يحتاج لإعادة تأهيل القضاة، وهم الأقل إنتاجاً علمياً ومعرفياً حتى الآن من بين كل المؤسسات القانونية. بل أرى أن انتاج المحامين العلمي أصبح أكثر من إنتاج حتى أساتذة الجامعات، وغالبا ما تكون مؤلفات المحامين عملية أكثر وأقل ميلاً للتنظير. أما القضاء؛ ورغم ما يتوفر له من إمكانات مادية وسلطوية فهو الأقل إنتاجا حتى الآن على مستوى المعرفة القانونية. أحكام القضاة كلها تستند إلى مراجع تعد على أصابع اليدين، وأغلبها مصرية وبعض الكتب الانجليزية (القديمة) جدا. كانت هناك القاضية بدرية عبد المنعم وهي الأكثر انتاج بانجاز كتابين واحد عن الإثبات وآخر عن القتل من كلية نايف للعلوم الأمنية (تحولت لجامعة) وابحاث صغيرة أخرى. لذلك القضاء يحتاج ليس لإعادة تأهيل بل إعادة تأسيس أو هيكلة على أقل تقدير، وخاصة القضاء الإداري والدستوري.
أحكام القضاء ليس فيها أي تميز معرفي، بل يكاد حكم اليوم مجرد كوبي بيست من الأحكام السابقة، والآراء نفسها ضعيفة جداً وتخلوا من التحليل العميق. في عهد البشير تم انشاء موقع للسلطة القضائية، وكان من المضحك جداً أنهم وضعوا صورة البشير في الواجهة وتحتها جملة (الراعي الرسمي للسلطة القضائية). دة قضاء ولا كاس سيكافا؟ واستمر الموقع في هذا الوضع إلى أن حدثت الثورة.
القضاء نفسه محتكر لناس الشمالية، مع وجود تطعيم قليل بالنوبة والفور، وسابقاً بالجنوبيين، لكنه إحتكار شمالي بامتياز. ومن منطقة أو منطقتين في الشمالية على وجه الخصوص. لذلك يجب منح نسب متساوية لكافة مناطق السودان، وما أكثر القانونيين الذين لم يجدوا فرصة في القضاء من أهل تلك المناطق المهمشة، رغم خبراتهم الطويلة كمحامين ومستشارين.
قبل أيام سمعنا بتقديم محاضرات من القضاة لبعض قوات الدعم السريع عن حقوق الإنسان. وكان من باب أولى أن يتم التركيز أولا على القانون الدولي الإنساني وليس حقوق الإنسان، لأن حقوق الإنسان تشتغل في الوضع السلمي، في حين أن القانون الدولي الإنساني هو حماية المدنيين وممتلكاتهم أثناء الحرب، والدعم السريع ليس جهة شرطية، بل جهة عسكرية، وهذا يوضح أن القضاء مشتت المفاهيم علمياً وواقعياً.
الفساد في القضاء كبير جداً، وللأسف لجنة التفكيك لم تُجري أي تحقيقات حقيقية، بل تمت إقالات القضاة عبر قوائم لا يعرف مصلحة كاتبها في إيراد أسماء زملائه الآخرين. وكان من المفترض تكوين لجنة مراجعة بسلطات تحقيق مفتوحة، ووضع نظام لتلك اللجنة باستلهام قانون السلطة القضائية.
لكن على العموم؛ يجب إعادة هيكلة القضاء جغرافياً، بحيث يكون هناك تمثيل عادل لكل الأقاليم، مع وقف ذلك التناصر الإثني داخله، والذي سيعوق القضاة الجدد في محاولة لوضعهم تحت الجناح كما يحدث دائماً.
لم يعمل القضاء منذ التسعينات على تقديم اي إضافة نوعية لتطوير النظام العدلي في السودان، بل اكتفى بالجانب التطبيقي للقانون، وحتى هذا الجانب لم نرَ فيه أي تطور.