إلى جنات الخلد زرياب المغني صاحب الروح الملائكية التى ألهمت ساحة الحرية الفرنسية من حقى أغنى لشعبى

إلى جنات الخلد زرياب المغني صاحب الروح الملائكية التى ألهمت ساحة الحرية الفرنسية من حقى أغنى لشعبى


07-10-2021, 07:44 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1625942684&rn=1


Post: #1
Title: إلى جنات الخلد زرياب المغني صاحب الروح الملائكية التى ألهمت ساحة الحرية الفرنسية من حقى أغنى لشعبى
Author: عبير سويكت
Date: 07-10-2021, 07:44 PM
Parent: #0

06:44 PM July, 10 2021

سودانيز اون لاين
عبير سويكت-فرنسا
مكتبتى
رابط مختصر




إلى جنات الخلد زرياب المغني صاحب الروح الملائكية التى ألهمت ساحة الحرية الفرنسية من حقى أغنى لشعبى و من حق الشعب علي".

عبير المجمر (سويكت)

نعى أليم.

بسم الله الرحمن الرحيم

(ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص ‏من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون.)
صدق الله العظيم .

ببالغ الحزن و الأسى، و بقلوب مؤمنة بقضاء الله و قدره، تنعى منظمة السودان الجديد
LNS (Le New Soudan)
فقيد الإنسانية، فقيد الثورة، و فقيد الأمة السودانية،الشاعر الفنان الأنسان الشاب زرياب أزهرى محمد على، الشاب السودانى الثورى المناضل، محمد أحمد السودانى الأصيل من أقصى شمال المحنه حيث القصيدة الباكية و النخيل الشامخ.
للآسف لا أعرفه معرفة شخصية، لكن جمعتنا به ساحات النضال، التقيته ثلاثة مرات تقريبًا منها فى ساحة الحرية، كنت لا أعرفه على الصعيد الشخصي، و لكن لفت نظرى هتافه الثورى الجسور القوى الشجاع المعبر، و الاداء المتميز فى الإنشاد و سرد القصيدة ، و قدرته الفائقة على كسر حالة الجمود و الخمول، و تسخين ساحة الحرية ، حيث لديه القدرة على إشعال الحماس فى النفوس، فهو يعرف مفاتيح النفوس و الأرواح يعرف كيف يخاطبها، و يعرف كيف يحركها، و يعرف كيف يبعث فيها الأمل ، لديه إبتسامة تتحدى قسوة الحياة، و تبعث الأمل، بداخله روح مقاتلة ثورية لا تستسلم ، تكافح و تكافح ، تناضل و تناضل.

عندما أقتربت منه ألقيت عليه تحية السلام، ثم عبرت عن أعجابى الفائق بالاداء الأدبى الفنى المتميز الرائع، و كان أحد الشباب بجانبه فقال لى : أنت ما عارفه دا منو ؟رديت عليه : لا ، فأجاب دا أبن الشاعر المعروف أزهرى محمد على، قلت له أعرف الشاعر الذى تحدثت عنه، و لكن هو بالنسبة لى لا يحتاج الى أن يعرف بوالده، أنا أعجبنى الأداء و يكفى ما رأيت بعينى و سمعت بإذنى ، أداءه هو عنوانه لتعريفه، بعدها أتى الشاب مصعب ، سلمت عليه تحدثنا قليلًا ، و بعدها ذهبا سويًا ، و أستمرت المظاهرة، و أرتفاع الهتافات دعمًا للسودان و مطالب الشعب فى ساحة الحرية بباريس.
و لكن عند ذهابه شعرت بأن وتيرة الهتافات ضعفت، و الأصوات أنخفضت، و النفوس تحتاج من يحركها ، فذهبت أبحث عن الموتور المحرك لشحن البطارية "زرياب روح الثورة"، فصادفت أحد النشطاء جعفر سرين، سألته عنه، اشار لى عليهم هناك، فوجدت زرياب مرة اخرى بجانب مصعب، فقلت لأحد المحتشدين أعطيه المايكرفون لو سمحت، "خليه يسخن اللمه"، فضحك قائلاً : "البابور جاز…خلى اليشتغل الشغل بالجاز"، فضحكت، و قلت له : أعطيه المايكرفون ، و بالفعل زرياب عندما يمسك المايكرفون و يبدأ الهتاف تشعر بأنها اللمسة السحرية التى تقلب الموازين، و هذا عطاء من الله يضع سره فى أروع خلقه، و إذا احب الله عبده حبب خلقه فيه، و بالفعل كان ذاك الفتى زرياب من الأشخاص الذين عندما تراهم تحدثك نفسك انهم ارواح سامية أتت فى هذه الدنيا لتبعث و تبث الأمل فينا، و لكن فى ذات الوقت صدى الروح يردد "الأشياء الرائعة الجميلة لا تدوم طويلًا"، هؤلاء رحلتهم معنا فى هذه الحياة قصيرة جداً، لكن وجودهم معنا كان لحكمة و عبرة تدركها العقول الفطنة الحكيمة و النفوس السليمة.
زرياب عيناه حالمتان تحمل بريق الأمل، روحه مجاهدة فى الحياة برغم صعوباتها، سرده الشعرى و القصائد التى يرددها ترجمان لحال "السودان الإنسان"، عندما تتحدث اليه قليلًا تشعر ان نفسه بئر تختزن فى داخلها أسرار و أسرار عن سر هذه الحياة، فى كرسيه المتحرك صامد صمود جبل آحد، يمنحك أحساس التحدى، القوة المكابدة رغم الصعاب، صدق حديثه تدركه الأرواح بلا عناء، يحمل بداخله كل أحلام جيله وآمال سودان الغد.

فجعنا بخبر وفاته، لكن تعلو روحه الطاهرة الملائكية، و تصعد إلى السماء، الى جنات الفردوس تلك الروح الملائكية، يفتقدها السودان، و تفتقدها ساحات الثورة و النضال، و تبكيه العيون تذرف دمعًا، و الروح فينا تردد : زرياب حى بيننا، زرياب فينا حى باقى، و الأمل باقي، بقاء القصيدة و كلماتها التى تحرك الروح، و تشعل الحماس و تبعث الأمل .

زرياب بتلك البساطة و الروح الطيبة، يعكس إنسان السودان فى اسمى تعابيره التى تجسدت فى شخصية هذا الشاب، ما زلت أتذكر الصحفية الفرنسية التى تحمل فى يدها كاميرا، و تنتقل فى أركان مختلفة فى ساحة الحرية، و عدسات الكاميرا تلتقط له الصور من بعيد و من قريب، و كأن روحها تحدثها بان فى هذا الشاب شئ من روح المسيح عيسى عليه السلام ، " أنشودة المسيح رسالة حرة، "السلام، المحبة، التسامح".

ما زلت أذكر كلماته و هو يضرب بيده على صدره بقوة تكاد تسمع دقات قلبه مرددًا :
من حقى أغنى لشعبى*و من حق الشعب علي
من حقي أغني العالم* إبداع وعلم حرية
إنساني شعوب تتسالم * تتسالم بي حنية
على نخب الود نتنادم * لا جنس ولا لونية
لا عرق لا آه نتقادم *سكتنا بياض النية
(" مش كلنا جينا من آدم * ومش آدم ابو البشرية ")

صعدت روح زرياب إلى بارئها تاركةً وراءها ألسنة الثوار تردد :
مدد مدد مدد يا رسول الله
أنشودة المسيح رسالة حرة على الأرض السلام و بالناس المسرة.
اقسمت بالفرقان وبسورة الإنسان* العدل فى الميزان لكل خلق الله.
أقسمت بالإسراء وبراءة العذراء*الدم كله سواء حرام بأمر الله.

أن الإعاقة ليست إعاقة الجسد، و لكن إعاقة الروح عندما تفقد معناها، و طوبى لأمثال زرياب من ذوى المبادىء و القيم النضالية و الإنسانية، و الكفاح من أجل المساواة، العدالة، الحرية و السلام ، طوبى لنفوسهم الرحيمة الطيبة النفيسة.

نسأل الله له الرحمة و الغفران، و أن يتغمدها الله بواسع رحمته، و يجعل مثواه الجنة، ويغسله بالبرد والثلج، و ينقه من الذنوب و الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
و يتجاوز عنه خطاياه، و يزد في حسناته، و يجعله في سدر مخضود وظل ممدود و ماء مسكوب و فاكهة كثيرة لا مقطوعة و لا ممنوعة
و نسأل له الأمن يوم الوعيد، مع المقربين الشهود، الركع السجود، الموفون بالعهود، المكرمين بأكرم الوعود من لدن رحيم ودود
و نسأله الصبر و السلوان و حسن العزاء لأهله و ذويه و أحبابه، و للشعب السودانى و الفرنسى بصفةٍ خاصةً و الإنسانية جمعاء فى فقدها العظيم.

( إنا لله وإنا إليه راجعون )

Abir Elmugamar
L’association LNS (Le New Soudan)
Paris / France
10/07/2021