براءة البشير من تهمة تقويض النظام الدستوري مؤكدة بقلم:د.أمل الكردفاني

براءة البشير من تهمة تقويض النظام الدستوري مؤكدة بقلم:د.أمل الكردفاني


07-09-2021, 01:43 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1625834599&rn=0


Post: #1
Title: براءة البشير من تهمة تقويض النظام الدستوري مؤكدة بقلم:د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 07-09-2021, 01:43 PM

12:43 PM July, 09 2021

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




أعتقد أن هناك سوء فهم لفكرة النظام الدستوري، والتي كان للفقه الفرنسي باع طويل في تفكيكها. (سأورد في مقال لاحق بعض المراجع القانونية).
هناك قضايا أساسية عند مناقشة جريمة تقويض النظام الدستوري، في الحقيقة المسألة هنا ليست قانونية فقط، بل بنيوية، أي تتعلق بالبُنى الاقتصادية والاجتماعية للدولة. صحيح أنه حتى عام 1989 لم يكن هناك دستور، وفشلت الدموقراطية في صناعة دستور للدولة، مع ذلك فالمسألة لا تتعلق بوجود دستور من عدمه، بل بوجود (نظام دستوري)، بغض النظر عن وجود دستور.
فما هو النظام الدستوري:
حتى الآن لا يوجد تعريف محسوم للنظام الدستوري، إن المسألة في الآخر سياسية بحتة، غير أن القوى الغربية استطاعت أن تربط بين النظام الدستوري ومظاهر الدموقراطية (باعتبار أن النظام السياسي ناتج عن خيار الشعب). فالحكومة الدموقراطية هي نظام دستوري، أما الملكية ودولة الحزب الواحد ..الخ فليست نظاماً دستورياً. ولو سلمنا بهذه الرؤية الأوروبية (جدلاً).. فسنجد أن البشير سيحصل على براءته لا محالة وذلك لعدة أسباب نذكر منها.
أن النظام الدستوري هو شكل حكم الدولة (دموقراطي) وليس الدولة نفسها. على هذا الأساس، فإن الدولة أكبر من شكل الحكم. لذلك يرى الفقه الفرنسي، أنه إذا تم تهديد وجود الدولة نفسها، فلا سبيل إلى الحديث عن نظام دستوري. لذلك يتم فرض حالة الطوارئ عندما تتهدد المخاطر وجود الدولة، ومن المعروف أنه في حالة الطوارئ يتم تعطيل (القوانين الصادرة عن برلمان منتخب "دموقراطية")، وفرض أحكام (عسكرية). فالتهديد لا يقع على مجرد نظام حكم دموقراطي أو غير دموقراطي، بل على الدولة نفسها. وهنا لا بد من تغليب وجود الدولة على شكل حكم هذه الدولة.
يتجه الفقه الفرنسي بعد ذلك إلى أنه حين تتم الموازنة بين (وجود الدولة)، و(النظام الدستوري)، فإن وجود الدولة يجب أن يكون هو الغالب دائماً. لأنه إذا كان زوال النظام الدستوري لا يفضي بالضرورة إلى زوال الدولة، فإن زوال الدولة يعني حتماً زوال النظام الدستوري.

▪️فعالية النظام الدستوري:

النظام الدستوري، الغرض منه تعضيد العلاقة بين عناصر الدولة الثلاث (إقليم، شعب، سلطة ذات سيادة). فإذا لم يؤدي النظام الدستوري إلى ذلك أصبح نظاماً بلا فعالية، وقد يؤدي هو نفسه إلى تهديد وجود الدولة. وقد أعتبر الفقه الفرنسي أن النظام الدستوري يصبح (بلا فعالية) عندما يفقد القدرة على تحقيق أهم مبررات وجود الدولة وهو تحقيق الأمن بمفهومه الواسع (الأمن من العنف، والأمن الاقتصادي، والأمن السياسي والثقافي..الخ). وهذا يستدعي التدخل السريع لإنقاذ الدولة من الفناء.
لو عدنا إلى الوراء، أي في عام ١٩٨٩، سنجد أن النظام الدستوري قد فقد فعاليته تماماً، ولا حاجة لإثبات عدم فعالية النظام الدستوري في ذلك الوقت، فكل من عاشوا في تلك الفترة يدركون أن النظام الدستوري في عهد الدموقراطية الثالثة فقد فعاليته تماماً بل أضحى هو في حد ذاته خطراً يهدد وجود الدولة.
لقد انهار النظام الاقتصادي تماماً، وظهرت لأول مرة المجاعة وطوابير تمتد لكيلومترات (بلا جدوى) من أجل الحصول على الخبز، البنزين اختفى تماماً، العملة الوطنية انهارت، لكن الأخطر من ذلك، أن القوى المسلحة المتمردة وصلت لأطراف الخرطوم، إثر هذا قدم الجيش مذكرته لحكومة الصادق المهدي يشكوا فيها من عدم وجود سلاح ولا ذخيرة ولا حتى أحذية للجيش.. لقد اقترب انهيار الدولة وفناؤها أو دخولها في حرب شوارع عندما فقد النظام الدستوري فعاليته.
هكذا أصبح استبعاد (النظام الدستوري) مسألة راجحة لأن الخيار هنا بين (وجود الدولة نفسها)، ووجود (نظام دستوري ميت).
وكالأحكام العرفية وحالة الطوارئ، تدخل الجيش، تدخلاً مشروعاً (بلا منازع ولا شك).
أما ما حدث بعد ذلك، من وصول الكيزان عبر الجيش والتحول لحكم دكتاتوري، فتلك مسألة لاحقة لا قيمة لها في الدعوى الجنائية المرفوعة ضد البشير.
(سنتبع ذلك بمقال أوسع فيه مراجع إذا سنحت الفرصة والمزاج).