حينما كانً أبي شرطيا بقلم:عواطف عبداللطيف

حينما كانً أبي شرطيا بقلم:عواطف عبداللطيف


07-05-2021, 08:07 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1625512058&rn=0


Post: #1
Title: حينما كانً أبي شرطيا بقلم:عواطف عبداللطيف
Author: عواطف عبداللطيف
Date: 07-05-2021, 08:07 PM

07:07 PM July, 05 2021

سودانيز اون لاين
عواطف عبداللطيف-قطر
مكتبتى
رابط مختصر




ما زال بداخلي يشابه الطاوؤس بذلك الكاب " الكسكستة " باحد جوانبها علم السودان و ريش منسوج بترتيب لا أذكر انني غسلت له ملابسه فأبي له نظام فريد للاعتناء بزيه العسكري منذ ان كان رداء وبدلة كاكي بازرار نحاسية وقاش يكويهم بنشا لدرجة كنا نقافله بوضع الرداء علي الطاولة واقفا .. كم كنت اتمنى ان يكلفني بتلميع القاش "الحزام " والازرار النحاسية يفركها بدهان خاص فتبرق لمعانا … أبي له مراسيم خاصة للحلاقة وادواتها بعلبه بها عطر وبشكير يستمتع بها كجلسات المساج .. في احد الايام اوقفت عربة قطار قرب منزلنا بحي السكة حديد بعطبرة
كان يوما حيويا تدافع اهل الحي لنقل اغراضنا للعربة التي خصصت لأبي منقولا لمدينة كوستي اغلق بابها وشبك مفتاحها بحزامه وفي الصباح الباكر كنا نلوح مودعين الحي العطبراوي أمي وشقيقاتي يغالبنا الدموع لكني كنت مزهوة بان كل عفش دارنا بعربة بنية اللون ونحن بعربة صالون ناصعة البياض بها كنب اقرب لسقف القطار … كثير من جاراتنا احضروا لنا " ذوادة " وابي علق قربة ماء علي نافذة عربتنا واغلق مدخلها بمشمع ووقف كحارث مرمى او فلنقل امبراطور … واطلق القطار صافرة الانطلاق
وصلنا لمدينة كوستي وذات العربة بجوار منزلنا الجديد وأطفال وصبيان ونسوة يشابهنا امي تحادثهن بلغة الدناقلة القح رتبوا اغراضنا واسرتنا حتى " الازيار " تم ملاؤها .. والصبيان نصبوا " راكوبة " بالحوش الداخلي لمعزاتنا وسخلتين .. في محطات القطار كان ابي يسارع لتغيير الماء للمعز بعربة العفش .. ويشتري لنا ترمس وحلاوة دربسن من صبايا حفاة في اعمارنا نبادلهم الابتسامة ولا يبدو ان لهم مدارس لكنهم تجار ..
الصالون خصص لاختي العروس وذات النسوة زرعنا بحوشه جرجير ونعناع وملوخية وطماطم … لم يكن مستغربا ونحن نخرج للمدارس ان تكون جاراتنا يقطفن الخضار او يحلبنا معزاتنا وفي المساء تتحول دارنا لجلسات انس ودخان وشاي المغرب المقنن وكلا ياتي بباقي " ملاحه " او مديدة حلبة ومطرا غزير يتدفق فهمت لاحقا ان شمال السودان تترابط مدنه بقطارات السكة حديد وجنوبه الذي كان تمخره السفن النهرية و يوم وصول باخرة زوج شقيقتي
يتحول حي الوابورات والسكة حديد لبقع خيرات وفرح فالجميع يتابع حركة السفن عبر محطة " اوبر " بالراديو … هل كان السودان متقدما بالف سنة صوتية عن سودان اليوم فالابر كانت محطة مخصصة فقط لاذاعة حركة السفن .. تصل عربة الكارو محملة بقصب السكر و سبائط الموز والمانجو و دجاج وربما غزالة او خروف و" تقرا" معزة ملساء الشعر بذيل قصير هي اشبه بالغزلان ..وفاكهة الباباي والقشطة لم نكن نعرفها بنواحي عطبرة هذا غير الفحم والشاف والطلح .
بعد فترة قصيرة لوصولنا جهز أبي زيه الانيق وانا كالفراشة احلق حوله تشوقا لدخول مدرسة كوستي الاولية للبنات طاف ابي وبمعية المديرة وهو ممسكا بيدي لكل ارجاء المدرسة وفصولها وصديقات جدد طافوا معنا وانا اكثر ذهوا واعجاب بأبي فغالبية معارفنا كانوا اما بالسكة حديد او النقل النهري اعظم مؤسستين تم تدميرهما خلال حكم مقطوع الطاريء ..
يا ترى هل رجلً الشرطي اليوم له هيبة وامتيازات كأبي الذي كان وضعه مميزا كرجل شرطة بل من علية القوم الجميع يلقي علية التحية وحينما يصادف من هو اعلى منه رتبة يضرب له تعظيم سلام .. لم احدثكم ان ابي كان له منديل كبير احمر اللون غالبا ما كانً يحزم به برتقال وموز بطيخة او شمام هو منديل لكل الاستعمالات .
اعيدوا لرجال الشرطة هيبتهم وامتيازاتهم ووفروا لهم ظروف العمل كحراس لامن المواطن والوطن وهم يستحقون التقدير لانهم يرفدون المجتمع باسر متماسكة منضبطة علميا واخلاقيا .. كم انا شديدة الاعتداد بأني ابنة رجل شرطة سكك حديد السودان اسكنه الله الفردوس الاعلي
عواطف عبداللطيف
[email protected]
--
Awatif Abdelatif