كلنا في الهم شرق بقلم:اسماعيل عبد الله

كلنا في الهم شرق بقلم:اسماعيل عبد الله


07-03-2021, 04:55 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1625327721&rn=0


Post: #1
Title: كلنا في الهم شرق بقلم:اسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 07-03-2021, 04:55 PM

03:55 PM July, 03 2021

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر




شرق السودان بوابة العبور نحو عوالم التجارة العالمية، نشاط الشحن البحري يسيطر على غالب حركة النقل حول العالم لقلة تكلفته مقارنة باعباء ونفقات الشحن الجوي، لذلك تشهد الكرة الأرضية تنافس محموم حول السيطرة على الموانيء والمنافذ البحرية، دولة مثل الامارات العربية المتحدة تنال الخدمات اللوجستية فيها نصيب الأسد من ايرادات المؤسسات والدوائر الحكومية، خاصة إمارة دبي مالكة شركة موانيء دبي العالمية التي لها أفرع ممتدة حول المعمورة، تتمتع بسمعة وشهرة واسعة النطاق أهلتها لأن تحصل ذات يوم من الأيام على عطاء لادارة خمس موانيء أمريكية، إلا أن الاسلاموفوبيا والعروبفوبيا لدى اليانكي الأمريكي حالت دون اكمال العطاء، فبورتسودان وسواكن عبارة عن مينائين بحريين استراتيجيين يسيل حولهما لعاب الأطماع الاقليمية والدولية، لأهميتهما الأمنية قبل دورهما الاقتصادي في رفد خزينة البلاد المركزية بايرادات منافع التجارة اللوجستية، وبحكم تبعيتها لأقليم شرق السودان كانت لتدخلات الايادي الخارجية فيها أثر سلبي بائن، فصراعات الحكم والنفوذ تختبيء وراءها الأهداف الاقتصادية للمتصارعين، وكيانات الشرق المختلفة لها تقاطعات مصالحية على ارض البجا هذه، لذلك ما أن تغير النظام عبثت الأجندة المختلطة بأمن واستقرار الاقليم.
اليد الخبيثة العابثة بمصير هذا الاقليم الحيوي الممسك بتلابيب روح الاقتصاد السوداني، وجدت ضالتها في دق اسفين بين المكونات الاجتماعية، فاتخذت من ذات عود الثقاب الذي اشعلت به الحروب الأهلية في دارفور، وسيلة لخلق توتر وزعزعة للأمن والأستقرار في بورتسودان وكسلا اكبر مدينتين بشرقنا الحبيب، لقد لعبت قيادات من بقايا الاجهزة الأمنية الموالية للحزب البائد على وتر الفرز العرقي والقبلي، تماماً مثلما قامت شعبة القبائل التابعة لجهاز أمن دويلة الفلول بادخال شيطان التفاضل والتعالي القبلي بين مكونات دارفور، وقسمتها الى مجموعتين سكانيتين احداهما اصيلة والأخرى وافدة مستوطنة جديدة، فعل الفلول ذات الفرز الاجتماعي في شرقنا الحبيب استغلالاً لآخر الأوراق ولأسرار الموجودة في اضابير الجهاز الأمني الذي لم ينظف بعد من دنس البائدين، وهي سياسة قديمة اتبعها الانجليز في ادارة شئون مستعمراتهم – فرق تسد، فاذا اردت أن تنهب ثروات بلد ما اشغل أفراد مجتمعه فيما بينهم وايقظ فيهم عصبية العرق وحمية القبيلة، وشجع ثقافة التفاخر والتباهي بالأحساب والأنساب في اوساطهم، لقد تدارك سكان دارفور هذا الأمر بعد فوات الأون فالتقى الخصمان في جوبا، فاستدركت المكونات الدارفورية وفعالياتها الاجتماعية أن المستفيد من خلافاتها البينية هو الغريب.
الناظر ترك معروف عنه انتماءه للحزب البائد وتبدت عصبيته وحنينه لماضي ذلك التنظيم الوالغ في دماء الشرق والغرب، لكن للأسف فقد جانب السيد الناظر الصواب، فلم يضع أولوية أمن واستقرار مجتمعه مقدماً على تحقيق طموحات الحزب البائد في العودة المستحيلة للسلطة، فاتخذ خطوة حمقاء بلعبه لدور مخلب القط لتنفيذ اجندة لا علاقة تربطها بمصلحة سكان الأقليم، لقد دفعت دارفور فاتورة باهظة الثمن لخوض حرب الوكالة نيابة عن مركز القرار السياسي، ولو سأل السيد ترك صديقه الناظر هلال لوجد عنده الخبر اليقين، فهلال قدم لمصاصي الدماء البائدين كل فروض الولاء والطاعة لكن كان آخر جزاءه دخول غيابة جب السجن، فاستوعب الدرس بعد أن اضاع سنين عمره وبدد قواه البدنيه وراء تلبية رغبات اصحاب الامتيازات الحزبية، من اكبر الكوارث التي يمكن أن تحل بالمجتمعات أن يكون ابن البلد مرابي وسمسار لدى الآخرين الأغيار، فيسرق قوت بيت ابيه ويجود به على اللصوص الذين لن يجد منهم الرحمة والشفقة ويبوء بسخط من ابيه، فلتكن تجربة مأساة دارفور خير سبيل يسترشد به أهل الحضارة البجاوية، اذا لم يحكوا جلودهم باظفارهم لن يجدوا ظفراً خارجياً يقوم بتطبيب جراحاتهم البينية، اسمعوا واعوا يا ملّاك بوابة البلاد البحرية انضووا تحت كيان مطلبي جامع وطالبوا بالحكم الذاتي.
البوابة الشرقية تمتلك كرت الضغط السياسي الأقوي الذي يمكنها من أن تبتز به الحكومات المركزية، وهذا الأبتزاز السياسي الايجابي يمكن أن يتم في حالة واحدة لا ثاني لها، وهي خروج هذه الصفوة السياسية الشرقية من جلباب الاستلاب المركزي، وأن تصل ليقين من أنه لا يوجد حزب نخبوي مركزي واحد يمكنه أن يلبي طموحات أهل الشرق مجتمعين، لأنهم مشتتون في اوساط هذه الأحزاب النخبوية، الحل الأوحد يكمن في تنظيم حراك جماهيري شرقاوي عريض يطالب بايجاد صيغة ادارية تحترم خصوصية الأقليم، فالناظر ترك ليس مؤهلاً لقيادة هذه العملية الأبتزازية لأنه يحمل على ظهره خطيئة الانتماء للنظام البائد، ولعمري إنها لخطيئة كبرى وعمل غير صالح أن تلاحقك وصمة عار خدمة الدكتاتور في يوم من الأيام، وليس من السهولة أن يقود ترك هذا الجيل الديسمبري العنيد عبر أي مشروع للفعل السياسي في الوقت الحاضر، خصوصاً وأن الناظر له متعلقات مازالت موجودة في دولاب النظام البائد، إنها نقطة الضعف الوحيدة الملتصقة بنفوس الفلول المنتشرين في ربوع الأقاليم، وسوف يظل شبح عار شراكة الطاغية يطاردهم اينما حلّوا، وببساطة فانّ المستقبل لن يكون لصالح المجرَّب (بفتح الراء وتشديدها).

اسماعيل عبد الله
[email protected]
3 يوليو 2021