في سبيل تأسيس دولة العدالة والقانون بقلم:د.عبد المنعم أحمد محمد

في سبيل تأسيس دولة العدالة والقانون بقلم:د.عبد المنعم أحمد محمد


06-20-2021, 09:41 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1624221711&rn=1


Post: #1
Title: في سبيل تأسيس دولة العدالة والقانون بقلم:د.عبد المنعم أحمد محمد
Author: د.عبد المنعم أحمد محمد
Date: 06-20-2021, 09:41 PM
Parent: #0

09:41 PM June, 20 2021

سودانيز اون لاين
د.عبد المنعم أحمد محمد-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




تمر بلادنا بحالة مخاط عسيرة ، في معركة هي على أشدها لتأسيس دولة العدالة والقانون وما يفترض ان يتبع ذلك من أمن ورخاء وسلام .
الشعوب التي عانت كثيرا في تحقيق ما تصبو إليه ، لم تسلم من كثير من المعاناة التي مر بها مواطنوها ، من انفلات أمني وفقر مدقع ، وتردي في الخدمات ، لدرجة البؤس . تماما كما نشاهده ونحسه اليوم في واقعنا الصعب
ليس من السهل أن تنتقل الأمة هكذا بين ليلة وضحاها من النقيض إلى النقيض ، أو من نظام إلى نظام .
هذا الكلام ليس للتخدير ولا لتبرير العجز والفشل ، ولكنها معطيات الواقع كما هو بلا تجميل .
البناء ليس نزهة ، ولا مجرد تنظير وكلام يحمله الهواء ، بل هو معاناة وتعب ، يتحمله المواطن ، ولكن بشرط ، أن يعلم أن هذه التضحيات لابد أن تعود إليه فيما بعد بمستقبل مشرق وجميل .
لكن لا يمكن أن يتحمل الناس هذا الكم الهائل من الضغوطات ، ما لم تهيئهم لذلك ، فرق كبير بين من يتحمل وهو يجز على أسنانه غضبا ، وبين من يبزل كل ما عنده راضيا وسعيدا لأنه يعلم أن لتضحيته ثمن .
الكل يعلم أن بلادنا خرجت من بين أسنان نظام شرس وقمعي ، ظل ثلاثين عاما يحكم الناس والنتيجة الفشل ، هذا الفشل لحكم الإنقاذ قال به كثير من قياداتهم هم أنفسهم ، وليس كلاما نأخذه من أفواه أعدائهم .
ثلاثون عاما ليست كحكم عبود أو النميري ، فعبود لم يمكن أعوانه من مفاصل الدولة ، ولم يكن له أعوان أو تنظيم سياسي يقف خلفه . النميري مع تمدد الاتحاد الاشتراكي إلا أنه لم يمكن أعضاء حزبه من مقدرات الدولة والحكومة ، لذلك انتهى عبود وحكمه والنميري وحكمه بزوال السلطة .
أما الإنقاذ فشأنها مختلف ، لأنها جاءت لتبقى وتحكم لأنها وريثة الله في الأرض كما يعتقد اصحابها ، ولا تتزحزح قيد أنملة عن كراسي الحكم كقدر إلهي ، وكانت أن تمكنت وتغلغلت في كل مفصل من مفاصل الدولة ، بكل ما تحمل هذه الكلمات من معنى .
نظام كنظام الإنقاذ من الصعب اقتلاعه بجرة قلم ، ومن الصعب التعامل معه ، لأنه لا يؤمن بالآخر إطلاقا عقيدتهم وفكرهم هكذا . إما أن يحكم هو أو لا أحد .
وليس الإخوان المسلمون هم وحدهم في هذه النظرة الآحادية ، فكل الأحزاب العقائدية لا تؤمن بالديمقراطية ، قد يضطرون وقتا ما أن يقبلوا مرحليا بها ، لكن نظرتهم البعيدة هي الحكم منفردين به ، يستوي في ذلك الشيوعي مع البعثي مع الأخ المسلم . كلها أحزاب أبعد ما تكون عن الديمقراطية ، ولا تقل لي الاتحادي ولا حزب الأمة لأن كلامي اعني به الأحزاب الطافية على وجه السطح السياسي الآن والتي تتقارع علنا وتحكم من وراء الستار او تحاول ذلك .
علينا أن ندرك حقيقة أن هناك الكثير من المطبات التي تواجه الحكومة الآن ، ليس الحكومة فقط ولكن البلد كلها تواجه مخاطر عديدة ، وفي حالة كهذه يجب أن تعي الحكومة مع المجلس السيادي أن هناك وفي مثل هذه الأزمات تتجلى المواقف وأبرزها هو مكاشفة الشعب وتوعيته بما هو عليها وما هو عليهم .
والحقيقة العارية من كل المساحيق تجعل الناس على بينة من أمرهم ، ولنأخذ مثالين : الأول هو معرفة السبب في ازمات بعينها منها الكهرباء والمحروقات والخبز ، أين الخلل وما أسبابه وكيف يمكن معالجته ؟ وقس على ذلك كل الأزمات حتى التفلتات الامنية .
والمثال الثاني ما يدور الآن من جدل حول الأموال المصادرة بواسطة لجنة ازالة التمكين يجب أن يعرف الناس الحقيقة ، وزير المالية يقول إنه لم يستلم جنيها واحدا من اللجنة ، وما يتناقله الناس عاى لسان البعض أن هذه الأموال سلمت بالفعل ؟ سلمت لمن ؟ وأين ذهبت ؟ لا يجب السكوت هنا او الاكتفاء بالتصريحات العامة التي تهدف لتبرئة النفس .
هذان مثالان فقط لتأسيس الثقة من جديد بين الحكومة والشعب ، لا يمكن أن يتحمل الناس هذا الكم من المعاناة دون أن يعرفوا لماذا عليهم أن يعانوا ؟
حل الحكومة أو اسقاطها لن يحل الإشكالات القائمة ، فالحكومة لم تتشكل إلا قريبا وكانت قبلها حكومة فذهبت وجاءت الجديدة والحال هو نفس الحال ، والحيرة هي سيدة الموقف .
حسنا فعل السيد رئيس الوزراء في خطابه الاخير ولو انه لم يقل كل ما يريد الشعب ان يعرفه ، وبطبيعة الرجل أنه لا يحب الثرثرة وكثرة الكلام ، وهذا يحمد له ولكن وهو القادر على الكلام لا يريد ان يحمل كلامه على انه مع الفئة تلك وضد هذه ، وفي سبيل ذلك يتحمل الكثر من الوصف له بالضعف والاستكانة و الخوف .
التركيز على سلبيات الحكومة لا يعني العمل على اسقاطها ، فلو ذهبت هذه الحكومة فليس هناك اي ضمان لاصلاح الحال ، ليس لأن حواء لم تلد غير حمدوك ولكن لسبب بسيط وهو أن الواقع الحالي لا يمكن معالجته بين يوم وليلة ، فيمكنك ان تهدم مدينة كاملة في ايام ولكنك لا يمكن ان تبنيها في سنوات .
هناك الكثير من التحديات التي تعيق انطلاق البلد كالذي يمشي على الشوك في ظلام دامس ، والجيد أن الدكتور حمدوك يرى ضوءا في نهاية النفق ربما لا يراه كثيرون اما جهلا او عمدا .
ليس من مصلحة احد افشال الفترة الانتقالية ، والمستفيد الاكبر من الفشل هم أعداء الوطن وتقدمه .
لكن لابد من ادراك ان المقياس الحقيقي لنجاح أي حكومة أو فشلها هو توفر احتاجات المواطن من طعام و كهرباء وغاز و بترول و علاج وتعليم ، ، كثير من الناس لا يعنيهم كثيرا ما يتشدق به الساسة ، وتنحل وتنعقد لأجله المجالس ، المهم أن يأكل المواطن واسرته بسعر مناسب وأن يترحل وينتقل بسهولة ويسر وأن يجد العلاج متى طلبه ، وتتوقف قطوعات الكهرباء والماء ويتوفر غاز الطبخ ويجد لأولاده مدارس يتعلمون فيها .
هذه المتطلبات هي الحد الأدني لأي حياة كريمة ، أي اختلال فيها يِؤثر مباشرة في تكون كلمتين ( مع وضد ) .
اسقاط الحكومة ليس حلا ولكن مكاشفة الناس ومعرفة مكمن الداء ومحاولة المعالجة الجادة هو الحل ، وليس السبب في دعم الحكومة هو الخوف من الانفلات والوقوع في براثن الفوضى ، ولكن لأن البديل مهما كان لا يملك خيارات أفضل من الحكومة الحالية . وسنلف وندور في نفس الحلقة .
أي حكومة مهما كانت لا تملك عصى سحرية ، تلمس بها الحجر فيصير ذهبا ، ولعلنا قد لمسنا بأنفسنا كيف حارت الإنقاذ وحار دليلها في أيامها الأخيرة فقد بدأت نذر الإنهيار الوسيك للدولة منذ ذلك التاريخ ، فقد اتسع الخرق على الراتق ، وكانوا يحاولون الفرار من السفينة الغارقة لينجو كل بنفسه من سوء ما فعلته أيديهم .
لقد ادرك قادة الانقاذ في وقت مبكر قبل الثورة ربما بسنوات أن الطوق يضيق حولهم يوما بعد يوم ، ولم يكن من الممكن تفادي السقوط المحتمل بأي حال من الأحوال.
هذا ما ورثته الثورة ، استلمت البلد وهويحتضر ولا يزال في غرفة الانعاش والشوط أمامه طويل جدا للتعافي ، ولكن البعض يظن أنه كان بالامكان أفضل مما كان ، ولا نشك في هذا ، ولكن ما حدث هو عثرات لابد منها ، وعلينا أن نعين على الإصلاح بدلا من السعى للبدء من الصفر .
نضغط في اتجاه حلحلة الامور وننتقد ونغضب ونختلف ونتلاقى ونبتعد لكن يجب ان نحافظ على ما تم مهما كان قليلا . وليكن شعارنا أن غدا أفضل وسنكون بعون الله أفضل ما دام السودان هو الأهم .