كلوركس تاريخي: إعدام الذاكرة الثقافية

كلوركس تاريخي: إعدام الذاكرة الثقافية


06-13-2021, 00:39 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1623541198&rn=0


Post: #1
Title: كلوركس تاريخي: إعدام الذاكرة الثقافية
Author: مازن سخاروف
Date: 06-13-2021, 00:39 AM

00:39 AM June, 12 2021

سودانيز اون لاين
مازن سخاروف-UK
مكتبتى
رابط مختصر



(1) الرجال ذوي الأكف الزلقة: الذين يبصمون لتزييف التاريخ "بالغانون"
The Oily Handed Men and the Falsification of History

موضوع ليس جديدا عن تغييب الوعي وصناعة أجيال بوعي غير متصالح مع نفسه من خارج البيئة

حركة تاريخية منذ آلاف السنين لتغيير التاريخ. بشنق الأبطال وإعطاء المتسلقين والمشوهين أخلاقيا الفرصة ليصبحوا "قادة": الأمثلة تتعدد, من شـ** مقدونيا, إلى سايكوباثية كرومْوِل (1), إلى زنا المحارم عند بنجامين دزرايلي (2), إلى الوصولية واللواط في السلطة عند درزايلي (3) وكتشنر "الرمّة (4)": وأخيرا وليس آخرا وصولية وانتهازية وسادية عند تشرشل (5)

الإنجليز في بلدهم الذين هم من جيل جدي (أي في نفس السن) في السودان عليه رحمة الله يعرفون تشرشل جيدا: أنه وصولي حربائي لا يحب إلا نفسه. ولديه عقدة نقص من الذين هم أرستقراطيا في مرتبة أعلى منه. غير أنه جاهل سياسيا: كان يقول حائرا "هسع أنا أمشي أنضم لياتو حزب". لم يكن يدري هل يكون مع اللبراليين أم المحافظين. وفي النهاية "عام" وغاص مع أكثر من حزب. كان يستخدم والدته لـ"تفتح" له الدروب في دنيا الصحافة والسياسة. وهي أصلا لم تكن بحاجة إلى دعوة. بصراحة الواحد ما عاوز يفلت الكلام. لم يجد تشرتشل مانعا من استخدام الأسلحة الكيماوية ضد "الآخر": ضد الأكراد في العراق, أو البولشفيك في روسيا.


الذي يحدث أن هؤلاء "الأشخاص حول السلطة" مناسبون جدا لعمل الإخصاء الثقافي للأمم. ففي حالة تشرتشل, تحول هذا المتسلق من قائد غير محبوب عند شعبه* إلى تشرشل الرجل العظيم
Churchill, The Great Man
بعد جيلين. ذات الشيئ حدث في البيت الحاكم للجزر البريطانية حتى قبل الإتحاد (قيام المملكة المتحدة), حيث مُنع آل البيت الشرعيون, آل ستيوّرت من اعتلاء العرش عن طريق قانون "بسط السلطان" أو "تثبيت الحكم"
ِAct of Settlement

الذي في النهاية أتى بأغراب إلى الجزر البريطانية وتغير البيت الحاكم بأكمله إلى بيت ألماني فوق رؤوس العباد. أهل الجزر البريطانية بالطبع لم يوافقوا على هذه المهزلة فثاروا وانتفضوا, ولكن القمع الوحشي عن طريق السلطة والقانون, إضافة للتدجين الثقافي الذي أعنيه والترغيب والحشد السياسي لتهيئة الوجدان عند الإنجليز والويلزيين والأسكوتلنديين والإيرلنديين على تقبل الأمر الواقع بالتعويد إنتهى بالحال إلى ماهو عليه: ستة ملوك من آل هانوفر الألمان - من الملك جورج الأول وحتى السادس .. وكل مرة تتراوح حدة الثورة وشعور التمرد ضد الأجانب المفروضين على الشعب شدا وجذبا. ويستمر الحال إلى أن تضيع الذاكرة الثقافية في جيل أحدث تتباعد الشقة بينه وبين وعي الأجداد بقدر كاف, فيسهل بالتالي تقبلهم للسلطان الغاشم والذين من ورائه. هذه الحرب لتطويع العقول والأفئدة "Battle of hearts and minds" تم ممارستها على الإنجليز أنفسهم بالتوازي مع القهر في المستعمرات. إنقلاب أحمر كما أبيض. عبيد بيض كما عبيد سود (7)

--------------
بصدد الهوامش
كل هذا الكلام الشين له مراجع. أجردها بعد أن أقطع شوطا في بحثي.

* رغم أنه كان على رأس الإدارة السياسية التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية


Post: #2
Title: Re: كلوركس تاريخي: إعدام الذاكرة الثقافية
Author: مازن سخاروف
Date: 06-14-2021, 02:36 AM
Parent: #1

(2) الرجال ذوي الأكف الزلقة: الذين يبصمون لتزييف التاريخ "بالغانون"
"أكنس, قش, أمسح"



في زيارة لـ "وورسو" العاصمة البولندية قبل سنوات, سألت صديقتي من أهل المدينة عما يمكن أن أفعله في دور سائح عادي, أو كآخر ينظر للثقافة والتاريخ بعقل مفتوح. أعطتني "أولا" قائمة بالمعالم والأمكنة ومن بينها النصب التاريخية (او المنحوتات التاريخية). وتلك لم تكن بعيدة جدا عن "سنتر" وورسو". فنزلت من الترام ومشيت برجلي.

تلك المعالم التاريخية كانت نصبا سوفييتية Soviet Monuments تعود لفترة تحرير المدينة من الألمان في نهاية الحرب العالمية الثانية على يد الجيش الأحمر. من ضمنها ما يمكن أن نسميه نصب "رفيق السلاح" وهو يسند رفيقا له جريحا على ركبته مضمدا جراحه بيد وسلاحه بجانبه. إلتقطت عددا من الصور بكاميرا تعتبر بدائية بمقاييس اليوم. مكثت عدة أيام في المدينة الجميلة وقفلت عائدا إلى برلين بالقطار ثم بالطائرة إلى لندن في غد.

في الصيف الماضي (2020) وعلى ضفاف الأطلنطي إلتقيت بشبان من بولندا في بداية العشرينات. فعملت معهم حوار "أجيال" باعتباري أربعيني. سألتهم عن وورسو وسألوني عن لندن.

وأتيتهم بـ"سيرة" النصب السوفييتية. فبدا وكأن على رأسهم الطير.

الذي حدث, من ناحية أن الحكومة البولندية قبل سنوات (2017) "قررت" التخلص من النصب التاريخية السوفييتية. ومن ناحية أخرى, فهؤلاء الشبان الذين يمثلون شريحة من الجيل الجديد "الواعد" في بولندا لم يسمعوا بتلك المعالم التي لعقود وأجيال كونت جزءً من تاريخ عاصمتهم الجميلة وورسو. لم يسمعوا بها إطلاقا, كما أجابوني, ناهيك عن إحاطتهم بتدمير بلدية وورسو لها بتكليف من الحكومة.

من المثير للإنتباه أنهم حطموا نُصُب الجيش السوفييتي بالبلدوزرات, لكنهم في ذات الوقت تركوا "آوشفِتز" التي حررها الجيش السوفييتي أيضا.

فتأمل!