وعدتكم بان اطلق بعض الزفرات "الحُرّة" في كل الاتجاهات:
قبل كم يوم دخلت سوق امدرمان الكبير لشراء بعض الاغراض وانا اصبحت لا آتي السوق كثيرا بسبب بعد المسافة وتكلفة المواصلات كان هناك زحام في السوق مع ان الوقت كان صباحا لاحظت ان عمليات الشراء تتركز علي محلات الملابس والاحذية وبخاصة محلات العطور والصابون والكريمات كل المشترين تقريبا من النساء اما ملجة الخضار فقد كانت خالية تقريبا كثير من اصحاب الخضار واللحوم ينادون علي الناس عبر مكبرات صوت وعندما تقترب من احدهم يندفع نحوك: نعم؟ .. اتفضل! الاسعار اقل بكثير مما هي عليه في جزارات الحارات ولذلك استغربت الا يكون هناك مشترون كثر شعرت بالغيظ وانا استحضر زحمة المشترين بمحلات العطور لاني قد تذكرت موقف مر بي منذ عدة سنوات
كان ذاك في احدي العيادات الخاصة كنت انتظر دوري في المقابلة واذا باحد الاطفال المرضي يشرع في بكاء شديد أخذ صراخه يزداد شيئا فشيئا لدرجة ازعجت بقية المرضي حالما انتهت الدكتورة من مقابلة احد المرضي خرجت الي الصالة:
- "يا بت الناس انت الود ده جايباو لي تاني لي شنو؟ انا ما كتبت ليكي العلاج وقلت ليك خلي بالك من تغذيتو شوفيهو بياكل شنو واعملي ليهو الحاجة العايزها تاني ما عندي ليكي حاجة"
المرأة احست بالحرج الظاهر انها كانت من عائلة ثرية فقد كانت في منتهي الشياكة مع انها قادمة الي مستشفي! بدا ذلك من "طراز" الثوب وكونه "طقم" مع الشنطة والجزمة بسرعة حملت المرأة طفلها وخرجت ولكن ظلت الطبيبة غاضبة ومتوترة لسوء حظي كنت انا التالي! وبصراحة كانت نبرة الدكتورة حادة ولذلك قلت اعطيها فرصة لتهدأ قليلا ولكن اشارت لي موظفة الاستقبال بالدخول فالمنتظرين كانوا كثر
دخلت متوجسا .. بخطوات متثاقلة الدكتورة حاولت التنفيس عن نفسها وتلطيف الجو بالحديث عن الحالة -" النسوان يدوهم المصاريف يبعزقنها علي العدة والدلاقين والبراطيش ويهملن تغذية اطفالهن الولد عندو سوء تغذية حاد .. وفهّمتها تتعامل معاهو كيف العلاج عايز فترة وبراهو ما كفاية.. لازم التغذية .. والطفل عايز معاملة خاصة ..الخ"
الدكتورة قالت الحقيقة والحقيقة دائما مرة مرة لقائلها وسامعها في نفس الوقت فعلا ملاحظة الدكتورة في محلها نحن لم نكن نراها جيدا ومن يراها عادة لا يكون بمقدوره التعبير عنها ولكن هذه شاهدة من اهلها هي انثي وتعرف جيدا بنات جنسها وهي أم وتدرك مسؤولية الام تجاه ابنائها
اذكر ايضا ذات مرة انني اشتريت من قريبتي الدلّالية طقم ملايات قبل ان اشتري كانت قد عرضت علي طقم ملايات من نوع فاخر قلت لها ان هذه لا اقدر عليها ضحكت وحلفت لي انها "جايباها" لواحدة راجلها اقل مني دخلا عندما ضرّبت الاقساط طلعت تساوي تقريبا دخلي في سنة كاملة والمصيبة قالت انه هم بشتروها كل سنة ضحكت مستعجبا وقلت لها معناها الراجل المسكين شغال فقط قصاد الملايات!!
اثناء حكم الانقاذ تم توظيف اعداد كبيرة جدا من النساء في القطاعين العام والخاص حتي ان عدد الموظفات اصبح في كل المؤسسات يفوق اعداد الموظفين وفي الحقل الصحي والتعليمي يتجه عدد الموظفين الي الايلولة الي الصفر!! ولكن هذا التوظيف استفادت منه الاسر فقط في جانب المظاهر والكماليات فقط ستائر ومفارش وسيراميك واواني وزخارف ودواليب وشاشات واجهزة كهربية اخري والمشكلة انها كل تلك الاشياء تخضع للاستبدال المستمر حسب الموضة والمشكلة الكبري ان الامر في كثير من الاحيان لا يتناسب ابدا مع دخل الاسرة وكثيرا ما تجد اجهزة مثل الافران والخلاطات والاواني كانها ديكور فقط فهي لا تستخدم او انها ربما تستخدم مرة واحدة فقط في السنة الموظفات هنّ سبب التسابق المحموم نحو المظاهر حكومة الانقاذ نفسها كان اقتصادها (اقتصاد نسوان) فقد صرفت الحكومة كل اموال البترول علي السيارات الفخمة والعمارات والابراج واستوردت الاثاثات الفخمة والاكسسوارات بما فيها حتي الزهور الصناعية بمبالغ خرافية بينما يعاني الكثير من المواطنين من شح وانعدام مياه الشرب
اهتمام الاناث ينصب غالبا بالمظاهر وهذا كان له أثر علي صحة افراد الاسرة فعلي سبيل المثال كم وتسعين في المائة من الاسر السودانية يفطرون بصنف واحد هو الفول ومع ان الفول غذاء لا يستهان به لكن تناوله باستمرار خطأ غذائي كما يقول المختصون خاصة بالنسبة للاطفال وكبار السن
مثال آخر هو مشكلة الخبز فالمعروف ان معظم الاسر السودانية تفضل الاكل البلدي العصيدة والكسرة والقراصة ولذلك يستمتع الناس بتناولها في رمضان ولهذا تنعدم خلاله صفوف الخبز تماما ومعروف ان العصيدة والكسرة والقراصة تصنع في الغالب من الحبوب الكاملة ولذلك فهي اصح من الخبز لانه قد وجد ان الخبز الابيض هو السبب في كثير من الامراض خطورة الخبز الآن ازدادت بسبب ان بعض الافران تنتج خبز محترق وتصر علي بيعه للمواطن علي انه مكتمل النضج وهناك محاذير من تناول الكروبهيدريتات المحترقة بتلك الصورة ولكن النساء تصر علي الرغيف المدعوم مهما كان وحتي في يوم الجمعة تجد الزحام وصفوف الخبز الطويلة وتجد اكثر الصفوف من النساء بعضهن يقفن في الصف وبعضهن "متّفنات" علي الارض بصورة مزرية كل ذلك بسبب العقلية النسائية في الرغبة في التوفير
ولكن بالطبع الامر مختلف حينما يتعلق الامر بمظهر الأم نفسها اهتمام النساء بمظهرهن شئ عادي ولكن اصبح الامر فيه مبالغات "مبالغ فيها" لقد ذكرت لكم ازدحام النساء علي محلات "التطرية" في السوق فالامر لا يقف عند هذا الحد فقد لاحظت اقفال كثير من المحال في الحارات بقالات وجزارات وطواحين وصوالين حلاقة وغير ذلك بسبب الركود ولكن من الملاحظ ان عدد البوتيكات في ازدياد ففي كل مرة تفاجأ ان بقالة "قلبت" بوتيك ومحل لبيع الفراخ "قلب" بوتيك ..الخ وتجدها كلها مزدحمة بالنساء صغار وكبار يشترين الصوابين والبُدَر والكريمات والخلطات ..الخ ودائما عندها اقف محتارا: من اين تأتي النساء بالنقود لشراء كل ذلك؟؟!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد سمنّور
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست