الخرطوم اصبحت (طاردة) .. واخشي ان هذا هو المقصود!! بقلم محمد سمنّور

الخرطوم اصبحت (طاردة) .. واخشي ان هذا هو المقصود!! بقلم محمد سمنّور


06-09-2021, 06:31 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1623259919&rn=0


Post: #1
Title: الخرطوم اصبحت (طاردة) .. واخشي ان هذا هو المقصود!! بقلم محمد سمنّور
Author: محمد سمنّور
Date: 06-09-2021, 06:31 PM

06:31 PM June, 09 2021

سودانيز اون لاين
محمد سمنّور-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



السياسات العقيمة للنظام البائد
والنزوح بسبب الحروب وانعدام الخدمات الاساسية
كل هذا جعل غالبية مواطني البلد يشدون الرحال الي الخرطوم
غالبية سكان الخرطوم "نازحين"
ارجو ان لا يتحسس الناس من هذه الكلمة
انا ايضا اعتبر نفسي نازح
مع انني قدمت من منطقة لا تبعد اكثر من 180 ميل
ومع انني قضيت بما يسمي (مجازا) بالعاصمة قرابة الاربعة عقود
لكنني اتطلع الي اليوم الذي اعود فيه الي موطني الاصلي

(موية .. طريق .. مستشفي)
(زيرو عطش)
والكثير الكثير من تلك الشعارات التي تذكرونها جيدا
كانت تتردد حتي في عواصم الولايات
حينما يحتشد الناس للقاء احد القيادات الكبيرة للنظام السابق
هذا حتي آخر سنة من عمر النظام
وفي الاعوام الاخيرة اصبحت حتي الخرطوم تعاني من شح المياه
ليس بسبب عدم التوصيل ولكن مشاكل في الامداد نفسه
يساهر الناس للمياه حتي الصباح
ويشفطون بافواههم لمساعدة الموتور
كان امرا مستغربا
ان يعاني سكان مقرن النيلين من شح المياه لهذه الدرجة
في الاول لم يكن لدي المسؤولين انفسهم تفسير
اذكر في بدايات ظهور ازمة المياه
حاول الوالي السابق عبد الرحمن الخضر تبرير المشكلة
قال ليس لدينا نقص في المياه
وانما لابد ان يكون هناك من يقفل البلف!

ربما يقول شخص ان كل العواصم من حولنا مزدحمة
ولكن ليس بالنسبة لعدد السكان
لا يوجد بلد به قرابة ثلثي السكان في مدينة واحدة
وحتي الثلث الباقي تجدهم يأتون في معظم الاوقات طلبا للعلاج والتعليم ..الخ

قبل عامين او ثلاث من سقوط النظام
اذكر انني قابلت عند احدي بائعات الشاي
احد الاخوة من مدينة بارا جاء للخرطوم للعلاج
عرّفني بنفسه انه من كبار التجار هناك
وانه جاء للعلاج وقابل الطبيب واعطاه مواعيد بعد اسبوعين
ولكنه "زهج" ولا يعرف كيف يقضي تلك المدة الطويلة
قال لي بلدكم هذه مملة ولا يوجد اماكن للترفيه مثلما كان يظن
وعندما سألته عن مرضه قال انها مجرد حموضة في المعدة
والطبيب نفسه لم يعطه غير دواء مضاد للحموضة
استغربت جدا من كلامه وقلت له معقول هذه فقط مشكلتك؟
وعندما اخدت واديت معه في الكلام علمت انه يكثر من اكل اللحوم
وعندما ضحكت من ذلك بقولي انني تأكدت الآن انه تاجر كبير
قال لي ليس هكذا وانما لان اللحم هناك ارخص كثيرا بالنسبة الي هنا
قلت له انا اعطيك نصيحة لوجه الله
اخذ لك كم كورس (انتي اسِد)
وسافر بكرة في اول بص
بدل ما تلقط ليك جرثومة معدة اللامة هنا اليومين دي
وانت تتحاوم بين المطاعم وستات الشاي
ونصحته كذلك بان يخفف فقط من اكل اللحوم

ذلك مثال لتردي الاوضاع الصحية بالولايات
اما عن التعليم فحدث ولا حرج
كل من يريد لابنائه ان يدخلوا الجامعة فلابد ان يأتي للخرطوم
والجامعات وما ادراك ما الجامعات
فلأن الحكومة سحبت نفسها من سكن الطلاب واعاشتهم
كان لابد لكثير من الاسر ان تأتي للخرطوم
حتي يتقاسموا اللقمة مع ابنائهم الطلاب
فمعظم الجامعات والمعاهد في الخرطوم

والمشكلة الكبري ان الحكومة لم تتحسب لذلك النزوح الكبير
فتمددت الخرطوم بطريقة عشوائية او شبه عشوائية في كل الاتجاهات
بحيث صعّب امر انتظام الخدمات من مياه وكهرباء ونفايات ورعاية صحية

الامر الاكثر اهمية هو تعطل الانتاج بالولايات
فمعظم القادمين للخرطوم يمتهنون حرفا هامشية
هؤلاء هم من يعانون هذه الايام
خصوصا للذين يسكنون بعيدا عن مناطق السكن
وهؤلاء هم الاكثرية
فتكلفة المواصلات اصبحت اعلي من الاجور
بل حتي اصحاب الاعمال الحرة اصبحت اجورهم لا تغطي
وجاءت مشكلة شح الامداد المائي والكهربائي
لان اجواء الخرطوم اصلا ساحنة جدا
وعجزت الحكومة عن تلبية الطلب المتزايد كل يوم
وعن النظافة والنفيات فحدث ولا حرج

لكل هذا بدأ الناس بمغادرة المدينة البائسة
بعضهم عاد الي الخليج ولو براتب الف ريال
واعرف ان بعض (المتمكنين) يغادرون
الي تركيا وماليزيا والامارات وغيرها
والالاف يغادرون الي مصر يوميا
حتي ان احد الظرفاء قال:
انتم تتحدثون عن حلايب
والسودانيون اليومين دي محتلين القاهرة نفسها
كذلك تراجع الكثيرون الي ولاياتهم
خاصة الذين لا زال لديهم (اساس) هناك
صدقوني ان هذا الوضع صحيح
لابد ان (تخِف) العاصمة قليلا
فالتحدي الذي يواجه الحكومة:
هل تعمل علي تنمية الولايات
ومعالجة اوضاع الصحة والتعليم هناك
ام توجه ميزانيتها علي الصرف علي الخدمات
في مدينة عشوائية
كلما صرفت المليارات احتاجت الي مليارات اكثر
وهي بذلك تشجع بقية السكان الي النزوح الي الخرطوم؟!