حزب الأمة: بخت الرضا برضو! بقلم:عبد الله علي إبراهيم

حزب الأمة: بخت الرضا برضو! بقلم:عبد الله علي إبراهيم


06-08-2021, 05:00 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1623124857&rn=0


Post: #1
Title: حزب الأمة: بخت الرضا برضو! بقلم:عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 06-08-2021, 05:00 AM

05:00 AM June, 07 2021

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر




أتحدث غداً بإذنه عبر الزوم عن " بخت الرضا: الاستعمار والتعليم" بناء على كتابي الذي حمل نفس العنوان (٢٠١٢). ولبخت الرضا قداسة سميتها "مقام في القولد" في مدارج الإحسان وبلوغ ربوبية الكمال مع أنها عندي الأصل في محنة التعليم. فهي إسفين دقه الاستعمار، ذو المزاعم في تهذيب الأمم المتوحشة، بيننا وبين أنفسنا. وليبان هذه الحقيقة نظرت، وأنا أجازف بالترشح لرئاسة الجمهورية في ٢٠١٠، إلى خطط الأحزاب المعارضة للتعليم لأرى كيف باعد تعليم بخت الرضا بيننا وبين أنفسنا. ووجدت مدق هذا الإسفين الاستعماري أجلى ما يكون في حزب الأمة الذي يريد لنفسه أن يكون سادن المعرفة السودانية وممارستها التي اعتدى عليها الاستعمار وفرق حافلها. فإلى كلمتي القديمة عن قراءتي لموقف حزب الأمة من التعليم وبخت الرضا.

أحاول التعرف على مواقف الأحزاب الانتخابية لإصلاح التعليم. ووجدت في كتاب حزب الأمة "أوراق المؤتمر العام الثالث" (2009) ورقة عن التعليم تكاد تكون إطراء عظيماً لمعهد بخت الرضا الذي أسسه الإنجليز في ناحية الدويم في 1934 ليضع مناهج المدارس الأولية والوسطى. فسمته المعهد "العريق العتيق" كثير المهام و"بيت الخبرة" الشمس الذي تدور حوله أفلاك المعاهد الأخرى. واستنكر الكاتب أن تعهد الحكومات اللاحقة لبخت الرضا مهمة وضع مناهج المرحلة الثانوية قائلاً: "كيف يمكن لهذا الصرح أن يقوم بكل ذلك مع العملية التربوية الذي أسسه مستر غريفث ومستر هووجين؟ (هودجكن) لها. وقال إن هذا البيت الكبير تسودن وظل يعطي الوطن خبرة أبنائه ممن هم "ملء السمع والبصر". ووصف المعهد ب "الصرح" الذي علمنا أن "نمتلك سلاح المعرفة" حتى قال عن الأجيال التي تخرجت بواسطته " أجيال لا شبيه لهم في الألفية الثالثة".
ثم تحول الكاتب إلى نعي انطواء صفحة هذه المؤسسة التربوية الغراء بفضل النظم الشمولية التي تتابعت من لدن نميري إلى الإنقاذ. فأهمل نميري بخت الرضا وارتجل سلماً تعليمياً فاسداً. وبدأ توريط التعليم في سياسته وأكملت ذلك دولة الإنقاذ. وتوسع الكاتب في عرض أخطاء الإنقاذ في التعليم مما هو معروف. واختتم مقاله بتوصيات أراد ببعضها رد الاعتبار لبخت الرضا حتى بعد أن ماتت وشبعت موت. فقال بوجوب "إعطاء بيت الخبرة بخت الرضا صلاحيات أوسع في وضع المنهج وتجريبه في مدارسها. وأضاف بوجوب "الاستعانة بخبرات خريجي بخت الرضا في مجال المنهج والتدريب والمتابعة حتى لو ذهبوا للمعاش".
استغربت هذا الولع بمؤسسة استعمارية تربوية. واستغربت ذلك خاصة من حزب الأمة المجدد للمهدية التي قضى عليها الاستعمار باني بخت الرضا. والأعجب أن هذا المعنى لم يغب عن كاتب الورقة. ففي مقدمتها التاريخية ذكر المهدية ك "أول حكومة وطنية مائة بالمائة من صلب هذا الشعب" بقيادة المهدي الذي أسس دولته، التي لم تدم، على المعرفة. فجاء الاستعمار "وانطوت أعظم صفحة خلدها التاريخ المعاصر بأحرف من نور على جبين هذه الأمة الفاضلة". فبدأ في تخدير الشعب "بالتعليم وخاصة التعليم الأساسي بقيام كلية غردون" وتخريج بعض الأفندية في مجالات الخدمة المدنية المختلفة. وما فرغ الكاتب من هذه الشعارات الوطنية المفعمة في مقدمته حتى أطنب في مدح "صرح" بخت الرضا العريق العتيق.
تمثل عبارة حزب الأمة في التعليم حالة "فصام معرفي". فهي على الجانب الصحيح من جهة الوطنية. فقد قالت بالنص إن الاستعمار هدم المهدية التي هي زبدة معارف السودانيين وممارساتهم في المعاش والمعاد. ثم استخدم التعليم ل"تخدير" السودانيين أي حملهم على تقبله. ولكن العبارة تخطيء من جهة التربية فلا ترى في "بخت الرضا" أداة مركزية من أدوات "التخدير" لإسباغ الشرعية على مهمة الإنجليز بيننا. وهذا الفصام المعرفي هو الأصل في النوستالجيا ضاربة الأطناب بين صفوتنا البرجوازية الصغيرة التي ترهن النهضة بالعودة إلى مؤسسات الزمن الجميل الذي مضى. فشعاراتها الوطنية في واد وأفقها في ممارسة مهنها في واد آخر. فعلى صوابها السياسي الشعاراتي وجدت نفسها خلواً من الخبرة الوطنية في إدارة البلد على نهج قويم. ولذا تجدها، كما رأينا كاتب حزب الأمة يفعل، تنتقل بما يشبه الفصام من هجاء الاستعمار إلى مدح مؤسساته والغلو في ذلك. ومنعنا هذا المأزق المعرفي من أن نتصل بفرع في فلسفة التربية هو "الاستعمار والتعليم". ونأتى على ذلك.