إسرائيل.. تداعي الأشكناز وصعود المقاومة بقلم:د. ياسر محجوب الحسين

إسرائيل.. تداعي الأشكناز وصعود المقاومة بقلم:د. ياسر محجوب الحسين


06-05-2021, 03:35 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1622903738&rn=1


Post: #1
Title: إسرائيل.. تداعي الأشكناز وصعود المقاومة بقلم:د. ياسر محجوب الحسين
Author: د. ياسر محجوب الحسين
Date: 06-05-2021, 03:35 PM
Parent: #0

03:35 PM June, 05 2021

سودانيز اون لاين
د. ياسر محجوب الحسين-UK
مكتبتى
رابط مختصر



أمواج ناعمة

اليوم تسير الرياح بأنباء حكومة جديدة في إسرائيل مبشرة بنهاية مدوية لحقبة نتنياهو، وقد سبقتها تداعي عصبة الأشكناز المتنفذين في اعلام الدولة الاعظم الداعم الأعظم للاحتلال. وصورة المشهد البطولي للمقاومة الفلسطينية في الداخل المحتل تملأ الزمان والمكان. ولا شك أن خيبة نتنياهو التي هي خيبة للدولة المحتلة في المحصلة، جرتها عليه بطولات لا تبدو معتادة في زمان طغيان وجبروت القوة االغاشمة المستبدة بترسانات الأسلحة المتطورة.
والحق ما شهدت به الأعداء، فهذه صحيفة هآرتس الاسرائيلية، تقول إن الصواريخ التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية على إسرائيل خلال الحرب الأخيرة بين الطرفين تعكس نجاح الصناعات العسكرية في غزة. وأضافت: أن الهجمات الصاروخية التي تعرضت لها إسرائيل من غزة أدت إلى تغيير ميزان القوة. المعلوم بالضرورة أن أي قوتين متصارعتين متماثلتين في القوة قد يحققان في نهاية المطاف توازن قوتهما، ودون ذلك فهناك منتصر ومهزوم. لكن المقاومة الفلسطينية التي لا سبيل لها لتوازن قوة مادية مع دولة إسرائيل، ظرفيا على الأقل، فإن توازن رعب قد تحقق فأطاح بنتنياهو وبصورة جيش الاحتلال. فالفلسطينيون ضحايا بلا شك، إذ يواجهون عدوا يملك أحدث الأسلحة والإمكانات، ويحظى بدعم غير محدود سياسياً واقتصادياً وعسكرياً من واشنطن في معركة غير متكافئة. ومع وقوف العالم أجمع مشدوها مشدودا أمام جسارة واصرار المقاومة على رد العدوان، حيث تألم المحتلون كما تألم الفلسطينيون من قبل ومن بعد بيد انهم ظلوا يرجون من الله ما لا يرجوه أعداؤهم. ولعل أوقع هزيمة لإسرائيل ليست في حجم الخسائر المادية والبشرية فحسب، وإنما كان في انهيار الروح المعنوية لخصمهم، إذ أن هجمات المقاومة أحدثت هزة قوية في الرأي العام الإسرائيلي ووسائل إعلامه.
إن قرار المقاومة الفلسطينية ممثلة في حركة حماس باستخدام ترسانتها الصاروخية كان على ما يبدو بادراك منها بأن ذلك سيترتب عليه هجوما إسرائيليا كبيرا على غزة، لكنها اتخذت القرار الصعب فكانت من حدد توقيت الحرب وذلك من مؤشرات النصر. ولعل أهم معطى في تقديري أن المقاومة خرجت من اطار فعل التفجيرات في العمق وهو ما يجلب كثير من الانتقاد العالمي ويكبح التعاطف مع القضية الفلسطينية، إلى اطار الحرب المنظمة. فبعد سنوات من الكمون النسبي أظهرت المقاومة نجاحا كبيرا في تكوين منظومة صاروخية قادرة على الوصول إلى كل المدن الإسرائيلية، وعلى إحداث خسائر، وإرباك الحياة اليومية. وغير الهزيمة المعنوية وخسارة نتنياهو السياسية، فإن جزءا مهما من النجاح الإسرائيلي في العالم لا سيما سوق السلاح الدولي ومجال الأمن والمخابرات، ظل قائما على صورة الجيش الإسرائيلي التي انحطت وتداعت بدون شك.
من جهة أخرى ومنذ نحو عامين كان هناك منعطف مهم في تموضعات اليهود في مفاصل الولايات المتحدة الأمريكية. في المقال كتبه بيتر بينارت وهو كاتب يهودي أمريكي مخضرم في مجلة نخبوية مؤثرة على متخذي القرار واتجاهات الرأي العام ويحررها غالبية من المنتسبين إلى اليهودية، دينيًّا وعرقيا وثقافةً تسمى The New Republic؛ حمل ذلك المقال الذي نشرته صحيفة هآرتس، اعترافا جهيرا بسيطرة يهودية ليس على هذه المجلة بل كل المجلات والصحف الكبرى مثل نيويورك تايمز والواشنطن بوست وشبكة فوكس وغيرها فضلا عن The New Republic. ومجال الاعلام هو المجال الأكثر تأثيرا على السياسة والسياسيين. وإذا فرقنا بين يهود الشرق وهم ربما اقل تطرفا وأقرب للسلام والتعايش مع العرب والمسلمين، ويهود الغرب وهم النخبة المتحكمة في دولة إسرائيل؛ فإننا سنجد أن الجالية اليهودية في الولايات المتحدة تتكون من اليهود الأشكناز، المنحدرين من شتات يهود وسط أوروبا وشرقها، ويمثلون 90- 95% من اليهود الأمريكيين.
فالدولة الاسرائيلية هي صدى ليهود الغرب بثقافتهم الشاذة والمتعالية على الثقافة الشرقية فضلا عن شعورهم الباطني بأنهم سُرّاق لأرض فلسطين ولا علاقة لهم بها ولا لأجدادهم فهم شعب أوروبي بديانة يهودية محرّفة ومختلقة في غالبها. إن الولايات المتحدة هي موطن أكبر تجمُّع يهودي في العالم لكن المفارقة المدهشة تتبدى في قوة تأثيرهم في الدولة الامريكية بالنظر لنسبتهم الضئيلة مقارنتهم بحجم سكان الولايات المتحدة، ففي سنوات قليلة مضت قُدِّر تعدادهم بين 5.5 مليون و8 ملايين، وهذا يمثل 1.7%- 2.6% من إجمالي السكان. فهذا التأثير تحقق بالإعلام والمال وهذا المقال يبشرنا بتهاوي سيطرتهم الاعلامية على اقل تقدير.
لقد ختم الكاتب ربما متهكما أو معترفا أن يوما ما ربما تخبر محررة في النيويورك تايمز أو النيويوركر أو ربما حتى صحيفة The New Republic بأن مقالة زميلة لها قد تصدر حول رأس السنة الصينية الجديدة أو عيد الفطر. وأضاف مختتما ان احسنت الترجمة: "الفكر يجعلني ابتسم". فهناك تحول مفاهيمي وسط قطاعات كبيره من بين اليهود الامريكان خاصة الأصغر سنا وفقا لمراقبين ومتابعين.
قد يجادل البعض بأن الحزب الديمقراطي الفائز باخر انتخابات يمثلون بمنظور أمريكي وغربي سياسة "متوازنة" تجاه الامر الواقع في فلسطين، وحتى مع اعتبارهم أهون الشرين إلا أن واقع الاحتلال الإسرائيلي يظل مرفوضا بشكل مبدئي وعقدي وهذا ما لا يؤمن به الديمقراطيون في توازنهم المزعوم. بل بنظرة اكثر شمولية وقفزا فوق الواقع المستبد في فلسطين قد نجد أن في هذا "التوازن" ظلما بينا بل تجميلا لواقع الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين. إن آخر تصريحات الرئيس الديمقراطي جو بايدن حول حرب غزة الاخيرة كان يتحدث عن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، فهي عنده ضحية وليست معتدية وقد خالف توجهات الرأي العام الامريكي الذي خرج لاول مرة في تظاهرات حاشدة مؤيدة وداعمة للفلسطينيين ومنتقدة لإسرائيل.