هذا تسجيل لندوة انعقدت يوم الثلاثاء ٢٥ مايو برواق الدكتورة ناهد محمد الحسن تحدثت للحضور فيه عن اغتيال الاستاذ محمود محمد طه. وعرضت فيه ما اتفق لي من بحث في تسعينات القرن الماضي وعقد القرن الأول ونشرته في كتاب في كتابي "هذيان مانوي" (برل ٢٠٠٨). وهو بحث أخذني للتركيز على أن من قتل المرحوم هي المشيخية (القضاء الشرعي، علماء الجامعة الإسلامية، الشؤون الدينية وطاقمها من الوعاظ وأئمة المساجد) بينما ضَعّفت دور الإخوان المسلمين في المقتلة كثيراً. وكان الإخوان من يجرمهم خصومهم في المقتلة أول تبادي. ولم يكن هذا التضعيف لتبرئة الإخوان بل لدراسة أميز لتنامي شوكة هذه المشيخية منذ الاستقلال بفضل سياسات في القضائية الثنائية الاستعمارية استثمرتها سياسات رئاسية على عهد الزعيم الأزهري والرئيس نميري. وتنهج الدارسة نهج مدرسة ما بعد الاستعمار في رد تلك الحالة من العنف الغليظ إلى الثنائية التي مكن لها الإنجليز، ككل المستعمرين، والتي بها تفرق المجتمع إلى حديث وتقليدي بلا مبرر أو وازع. واقتفيت في الدراسة خطة فرانز فانون الذي وصف جغرافيا الفضاءات الاستعمارية ب"المانوية". ومان هو فقيه فارسي قديم اعتقد في صراع أزلي بين الخير والشر لا فكاك إلى ما لا نهاية. وقال إننا نصطلي في هذه الفضاءات المفروضة، فيذهب من هولها عقلنا، فنظل في حالة "هذيان مانوي" حتى نجد في تفكيك إرث الاستعمار ومعارفه.