عائشة تستقيل وتطعن الفيل بقلم:اسماعيل عبد الله

عائشة تستقيل وتطعن الفيل بقلم:اسماعيل عبد الله


05-23-2021, 04:20 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1621783242&rn=0


Post: #1
Title: عائشة تستقيل وتطعن الفيل بقلم:اسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 05-23-2021, 04:20 PM

04:20 PM May, 23 2021

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر




باستقالتها المسبّبة تكون عضوة المجلس السيادي الأستاذة عائشة موسى قد طعنت الفيل، إذ أنها لم تستكن لمغريات ظل القصر الظليل، وقدمت مثالاً حياً لأدب عوف المنصب كسلوك حضاري افتقدته ساحات السلطة بالبلاد لسنوات عجاف مضت، فالكبار يعلّمون الصغار ببذلهم للأنموذج العملي للسلوك النبيل ولا يركنون للحديث النظري المنمّق، لقد وضعت السيدة موسى زملاءها المدنيين في (فتيل) بشرحها الوافي والكافي لأسباب التمترس المصاحب لمسيرة الشق المدني الممثل لرأس الدولة في هذه الفترة المؤقتة، والمفاجآت الكبرى الواردة في خطاب الأستاذة يشيب من هولها الولدان، ويكفي أنها أقرّت بأن قالت: (اصبح “المكون المدني” فى السيادي وفى كل مستويات الحكم مجرد جهاز تنفيذى لوجستي” لايشارك فى صنع القرار” بل “يختم بالقبول فقط”، لقرارات معدة مسبقا، بينما تضخمت الصلاحيات والوجود والاجتماعات المكثفة لمجلس الشركاء، لدرجة تضاءلت امامها اهمية الاجتماعات المشتركة للجهازين التنفيذي والسيادى والحاضنة السياسية)، وبهذا القول الفصل تكون جهيزة قد قطعت قول كل خطيب.
ويبدو أن العضوة المستقيلة قد وصلت لحالة يأس كبير من اصلاح الاجهزة العدلية في اشارة منها لعدم جدوى تغيير الأشخاص دون القيام بالخطوات الفعلية التي ترسي دعائم القوانين الضامنة لسير العدالة، ومما يؤكد يأسها من تحقيق العدالة رجاءها الحزين لتنفيذ حكم الأعدام بحق قتلة الشهيد المعلم احمد الخير، والتقصي خلف الأسباب الحقيقية وراء تأخير نشر نتائج تحقيق مجزرة فض الأعتصام، فموضوع القصاص من مرتكبي المجازر هو المقياس الدقيق لمدى ثورية ومصداقية من تقلدوا المواقع الدستورية الانتقالية، ولحد اليوم تكون السيدة عائشة هي أول من سمع نداء الواجب الوطني واستجاب لوخز الضمير الانساني من مجموع رجال ونساء طاقم الأنتقال، ستظل العدالة هي الركن الثالث من شعار الثورة المجيدة والصخرة الصماء التي تتكسر على سطحها وعود الحكام الجدد، والمحك القاسي المختبر لوفاء المحمولين على ظهور الثوار لسدة الحكم المؤقت، فالخوف المسيطر على مستغلي دم الشهيد في تحقيق مأرب الوصول قد كشفته هذه السيدة الفاضلة والشريفة التي عافت الكرسي المسنود بأرواح الشهداء الميامين.
ما تعرضت له هذه الكنداكة العظيمة في خطابها المفصّل يوحي بأن الخطاب في حقيقته نعي أليم لموت حكومة الثوار، وتشييع حزين لجثمان سلطة الشعب الممهورة بدماء المراهقين الأغرار، هذا النعي الأليم مختوم بدمع سخين لهذه المرأة الاستثنائية، وهو نداء وتذكير أخير للمدنيين الجالسين على جثة المجلس الفطيس المعلن عن نفوقه بعد ولادة مجلس الشركاء، وصافرة لقطار غادر محطة الحقيقة وتاه بين كثبان رمل الوهم المغطى بزيف اللحى وكذب الجلابيب البيض والعمائم وربطات العنق الحمراء كلون دم الشهيد، ابنة موسى طالبت بالبت في واجب اعادة هيكلة القوات النظامية والعسكرية والأمنية وتقنين السلاح، وشددت على وجوب قيام المجلس التشريعي كاستحقاق أساسي لا حياد عنه، وطالبت بحل مجلس شركاء الفترة الانتقالية الذي وصفته بالمتغول على صلاحيات غير معلنة،.واخيرا ناشدت هؤلاء (الميتين) بنقل السلطة الى القوى المدنية حسب ما تقتضيه الوثيقة الدستورية، انها وصايا مودع ومغادر لديوان سلطة شعب آيلة لسقوط مريع بأيدي المرابين البائعين والمستبيحين لهذه الأرض الحلوب، فيا عائشة خبّرينا كيف بدلنا الكذوب بانتظارك بالكذوب؟.
أنّة الجرح العميق لم يستطع أن يخفيها الصوت المتهدج لهذه السيدة المظلومة بقهر الرجال، فبانت بكائية الصوت الحزين في الاعتذار المرسل عبر الدموع لكل نساء السودان، اللائي ما زلن يعانين الاقصاء وعدم الاشراك في صنع القرار، وأبدت أسفها وعميق ألمها لتقصيرها بحق أمهات الشهداء والجرحى والمفقودين، ولكل الطلاب والطالبات، والاطفال واصحاب الاحتياجات الخاصة وكبار السن، وسجناء الواجب الوطني والمرضى، ولتجمع القوى المدنية، ولكل جماهير الشعب السوداني ولافراد حكومة السودان، وجهات اخرى كثيرة، أعتذرت هذه المرأة الشامخة لهؤلاء جميعهم عن قلة حيلتها وهوانها على شركاء الحكم، ويأسها و################ها من اكمال المسير على الدرب، الذي تمنت لو أكملته مع جوقة المرحلة المؤقتة حتى توقف وتعطل آلة القتل والظلم والفقر والمعاناة، وكما هو التاريخ السوداني البعيد والقريب يخبرنا برائدات الوطن الجريح العاكفات على صون كرامته، فلله درها من امرأة شجاعة أبيّة لفظت الكرسي من أجل الوطن.

اسماعيل عبد الله
[email protected]
23 مايو 2021