إتفاقية سيداو ودولة القانون في السودان بقلم عادل عبد العاطي

إتفاقية سيداو ودولة القانون في السودان بقلم عادل عبد العاطي


05-06-2021, 01:51 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1620305509&rn=1


Post: #1
Title: إتفاقية سيداو ودولة القانون في السودان بقلم عادل عبد العاطي
Author: عادل عبد العاطي
Date: 05-06-2021, 01:51 PM
Parent: #0

01:51 PM May, 06 2021

سودانيز اون لاين
عادل عبد العاطي-بولندا
مكتبتى
رابط مختصر





*(اتفاقية سيداو كلها خير للمرأة والأسرة السودانية . للاسف تمت إجازتها دون حوار شعبي ومن قبل جهات تخرق دستورها وحكم القانون يوميا، ولأغراض نيل رضا العالم وليس لإصلاح وضع المرأة السودانية)*
نقلت الأنباء إجازة مجلس وزراء حمدوك قبل أيام لاتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، مع التحفظ على المواد (2)، (16)، (29/1) فيها، فضلا عن إجازته لبروتوكول حقوق المرأة في إفريقيا، الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
ووفقا لنفس الأنباء فمن المفترض المصادقة على الاتفاقية بشكل نهائي في اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء، اللذان يتوليان معا "الدور التشريعي" في ظل استمرار رفض تشكيل مجلس تشريعي للمرحلة الانتقالية في البلاد.
إن اتفاقية سيداو كلها خيرٌ للمرأة والأسرة السودانية؛ فهي الإتفاقية الأشمل والأكثر تطورا ًفيما يتعلق بإنهاء التمييز ضد المرأة؛ وضمان حقوقها المعيشية والاجتماعية والمدنية؛ في ظل التمييز الذي تم ممارسته على النساء منذ قرون، هي تكاد تماثل في اهميتها معاهدات واتفاقيات القضاء على الرق والعبودية.
ورغما عن الدعاية المضادة للمتخلفين واعداء المرأة والانسانية؛ فإن كل دول العالم بما فيها الدول الاسلامية قد اجازت وصدقت على سيداو؛ عدا ثلاثة دول هي الصومال وايران والفاتيكان . وكان من ضمن الدول الموقعة والمصادقة اندونيسيا ومصر والسعودية؛ وهي أكبر دول أسلامية حجماً وتأثيراُ.
الا انه يشوب اجازة الاتفاقية من قبل مجلس الوزراء عيوب عدة؛ تطعن في مجمل الخطوة . اول هذه العيوب هو التحفظ على المادتين الثانية والسادسة عشر؛ مما يؤدي لافراغ المصادقة من معناها؛ فهذه المواد تؤكد مبدأ المساواة الدستورية للمراة والرجل؛ والذي اقرته وثيقتهم الانتقالية دون قيد او شرط. وهي تشكل لحمة وسداة الاتفاقية .
فالمادة الثانية محورية من الناحية القانونية؛ إذ تدعو لتجسيد مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في الدساتير ( وهو ما فعلاً تم في الوثيقة الدستورية) وفي القانون وإلغاء كل القوانين التي تشكّل تمييزاً بين الجنسَين وإقرار الحماية القانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل وضمان الحماية الفعالة للمرأة عن طريق المحاكم الوطنية ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى من أيّ عمل تمييزي. لماذا التحفظ إذن ؟
أما المادة 16 فهي تنص على اتخاذ كل الدول التدابير اللازمة للقضاء على التمييز في كل الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية، منها الحق نفسه في الزواج والحق نفسه في اختيار الزوج بالإضافة إلى الحقوق والمسؤوليات نفسها في أثناء الزواج وعند فسخه، والحقوق والمسؤوليات نفسها بوصف الزوجَين والدَين.
كما تنص هذه المادة انه في الأمور المتعلقة بالاطفال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأوّل. و تنص على حق المرأة في أن تقرر بحرية وبإدراك للنتائج، عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذى يليه، وفي الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة تلك الحقوق، وكذلك منح المرأة الحقوق والمسؤوليات نفسها في ما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنّيهم، وحقها المساوي لحق الرجل في اختيار اسم الأسرة والمهنة ونوع العمل، مع تحديد سنّ أدنى للزواج.
إن التحفظ على هذه المواد يفرغ الاتفاقية من محتواها؛ ويفتح الباب واسعا للانتهاكات والتمييز ضد المرأة ؛ وذلك في ظل وجود ترسانة من القوانين المعادية للمرأة؛ في إطار النظام القانوني السوداني السائد.
أما ثانية الاثافي فهي إجازة مجلس الوزراء للاتفاقية دون حوار مجتمعي ودون حملة اعلامية توضح فوائدها ضرورة التوقيع عليها؛ في نهج استعلائي تسلطي على الشعب كله؛ بما فيه المواطنين الداعمين للحكومة. والظاهر ان الغرض فقط من الاجازة - كما كان التوجه في اخر ايام البشير حيث توجهت الانقاذ نحو اجازتها- هو نيل رضا العالم فحسب؛ وليس إصلاح حال المرأة والاسرة السودانية اللتان تعانيان الامرين تحت هذه الحكومة.
كما إن اجازة الإتفاقية من قبل مجلسي الوزراء والسيادة في غياب المجلس التشريعي (على علاته) يقدح في شرعيتها، وهو استمرار جديد لخرق الوثيقة الدستورية وتكريس لدكتاتورية الطغمة القحترية، وحرمان جديد للشعب من حقه في التشريع؛ حتى لو كان عبر برلمان قحاتي معين ومزيف وشكلي.
إن اتفاقية سيداو كإتفاقية متقدمة للحقوق؛ لا يمكن أن تطبق في دولة ينعدم فيها حكم القانون حيث لا توجد جهة تشريع ولا محكمة دستورية؛ وينتهك فيها الدستور يوميا ويتم فيها قتل وقمع المطالبين بحقوقهم المدنية والسياسية. إنها في المحصلة كلمة حق يُراد بها باطل . فالمباديء والحقوق لا تتجزأ.
عادل عبد العاطي
6 مايو 2021م