الحول الخامس والسبعين لميلاد النقابة: مصرع الحداد ميرغني فرج بورشة العمرة بعطبرة (٢-٢)

الحول الخامس والسبعين لميلاد النقابة: مصرع الحداد ميرغني فرج بورشة العمرة بعطبرة (٢-٢)


04-28-2021, 05:23 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1619583809&rn=0


Post: #1
Title: الحول الخامس والسبعين لميلاد النقابة: مصرع الحداد ميرغني فرج بورشة العمرة بعطبرة (٢-٢)
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 04-28-2021, 05:23 AM

05:23 AM April, 27 2021

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر




في مثل يوم ٢٢ أبريل قبل ٦٥ عاماً انبذر تيراب المؤسسة الديمقراطية الأعلى كعباً في بلادنا وهي النقابة. وبينما تندلق الكتابات مستحقة عن مؤتمر الخريجين في دقائق تكوينه ومنعرجاته ومآثره وكادره وأنديته وخيباته يكاد يجف الحديث عن النقابة التي هي أوسع مؤسسة ديمقراطية أوت إليها جمهرة شعبنا والكادحين منهم بوجه أخص. فلم تبلغ عضوية مؤتمر الخريجين أكثر من الألفين في أحسن أحواله بينما كان جمهور نقابة عمال السكة الحديد فوق العشرين ألف. فأنظر الغزارة وسوء التوزيع في قول برنارد شو. في كتاباتنا عن الحركة الوطنية "حوص" زاغ عن الوطنية العمالية مرة واحدة ليتكاثف عند وطنية الخريجين. وقد نظرت في هذا الحوص في كتابي "حركة وطنية أم حركات وطنية: تاريخ ما أهمله التاريخ عن جنوب السودان". ويصدر كمقال في الإنجليزية في كتاب عن الاشتراكية الأفريقية هذا العام.

في الحلقة الماضية رأينا كيف كان مصرع الحداد ميرغني فرج بورشة مرمة السكة حديد بعطبرة في يوم ٢٢ إبريل ١٩٤٦ بغير صحة مهنية مسعفة سبباً لتحرك جماعة من العمال خريجي مدرسة الصنائع من دارهم (دار خريجي مدرسة الصنائع) لخلق هيئة تحمل شكواهم عن المعاش وغيره لمصلحة السكة حديد. وكونوا لجنة للغرض. وارتبطت هذه الحلقة بموظف عضو بمؤتمر الخريجين هو محمد مجذوب تطوع بتدريسهم اللغة العربية والخطابة. وهذا أثر للخريجين على الحركة النقابية قل بحثه.



واجتمعت اللجنة مساء 27-4-1946 بالدار وترأس الاجتماع صادق عثمان من فصل محمد مجذوب بسند من محي الدين زمراوي (اشتهر بعد بمراسلة جريدة الصراحة اليسارية) وزميله في الفصل الفاضل أدم.. وتوزع الاجتماع المسئوليات. فكانت الرئاسة لسليمان موسي (الجملة الميكانيكية) فتنحى له الصادق وأجلسه على منصة الرئاسة. واتفق المجتمعون على كتابة مذكرة لإدارة السكة الحديد تخطرهم بقيامها وتطلب موعداً للاجتماع بها. واتفقت أيضاً على تنوير العمال بقيامها وأن تشاورهم في الاسم والاشتراكات. وبعد نهاية الاجتماع جلس زملاء مدرسة أحمد مجذوب بمكتبة الدار لصياغة وقائع الاجتماع. كان الصادق يملي، وعلي محمد بشير (رئيس النقابة في ١٩٦٢ والنائب البرلماني عن عطبرة في ١٩٦٥) يكتب بخط جميل، وصنعوا منه صورة أخرى للحفظ.

استقبل العمال اللجنة بترحاب. فهي القوة المعادلة لقوة الإدارة وشرائح العمال العليا التي أرهبت الآخرين. وفي اجتماعها الثاني سمت الجماعة نفسها هيئة شئون العمال. وقررت الاشتراك عبارة عن 25 مليماً إلى 50 مليماً في الشهر. ومن الطريف أن حزب العمال البريطاني علم بتكوين اللجنة وطلب من مراسل صحفي عمالي أن ينزل بالخرطوم وهو في طريقه إلى جنوب افريقيا ليتحرى الأمر. وجاء الصحفي إلى عطبرة والتقى بعبيدي بردويل السكرتير وواصل رحلته. ثم سقطت طائرته في طريقه للندن ومات التحقيق معه. ونقل مستر وولف ملاحظ ورشة البرادين الخبر لعبيدي قائلاً: "ما فيش بخت."

ما الذي توصلت إليه هيئة شئون العمال بخصوص الحداد الذي لقي حتفه؟ احيلت القضية لسلطة المدينة. فكونت لجنة من مفتش المركز ومامورها السوداني وغيرهم. وجاؤوا لورشة المرمة لتمثيل الحادثة لهم. وقيل إن المامور ضخم الجثة سرعان ما اديرت الماكينة قال:"هوب" واطلق ضحكة مجلجلة. وعرف الناس فحوى ذلك لاحقاً حين نسب الغلط للعامل المرحوم، وعوضوا أسرته مبلغ عشرين جنيه. وأستاء العمال وسخروا من هيئتهم الصامتة. وسموها "هيئة شئون الألعاب" يكتبونها بالطباشير في انحاء الورش.

وسارت هيئة النقابة سيرتها المعروفة. ونقلت للقارئ هذا الخبر عن خميرة أول نقابة للعمال في البلاد من كتاب صدر للمرحوم على محمد بشير. وسيرى القارئ غياب من اشتهروا بيننا من نقابيّ عطبرة من مشهد البذرة الأولى للنقابة. فلن تجد قاسماً ولا الشفيع. وحدث هذا كله قبل سفرة أستاذنا عبد الخالق محجوب إلى مصر في ١٩٤٦ وزيارته الأولى لها في ١٩٤٧ . ولا يطعن هذا مقدار نملة في مساهمة الشيوعيين الغراء في بناء نقابة عمال السكة حديد. بل لن نفهم دورهم على وجهه الصحيح بغير نظر في دور فصل أحمد مجذوب في بذر البذرة الأولى للنقابة.